وأخيرًا فاز فريق أوروبي بكأس العالم خارج أرض قارته. وأكثر من ذلك، تقدمت أوروبا على دول أميركا الجنوبية للمرة الأولى منذ العام 1954 في عدد الفوز باللقب العالمي (10 مقابل 9)، مع ميزة قوية، حيث اقيمت البطولة عشر مرات في أوروبا في مقابل أربع مرات فقط في أميركا الجنوبية.
ولكن في العام 2014 سيعود كأس العالم إلى القارة الذي ولد فيها للمرة الأولى منذ 36 عامًا.
حسرة خروج البرازيل من دور الثمانية للمرة الثانية على التوالي |
وستكون منتخبات أميركا الجنوبية المفضلة للفوز بكأس العالم في البرازيل وستصل إلى مستوى التعادل مع الفرق الأوروبية بالفوز عشر مرات باللقب، خصوصًا بعد شكل العروض التي قدمتها في جنوب افريقيا أخيرًا.
وخرجت البرازيل والأرجنتين من جنوب افريقيا مع الشعور، على التوالي، بأن وجود أفضل توازن عاطفي وتكتيكي كان يمكن أن يصلان بهما إلى مراحل أبعد.
ووضع منتخب تشيلي علامته المميزة على البطولة، فيما صنعت باراغواي التاريخ من خلال الوصول إلى دور الثماني وقدمت مباراة جيدة أمام اسبانيا من دون اللجوء إلى الأساليب الهولندية نفسها.
ولكن أهم من ذلك كله كان هناك منتخب أوروغواي، الذي جاء احتلاله للمركز الخامس في تأهيلات أميركا الجنوبية والمركز الرابع في كأس العالم مثالاً ممتازًا لقوة القارة في العمق.
والفرق مثل أوروغواي وباراغواي وتشيلي تأمل بأن تقدم ما هو الأفضل في عام 2014، ولكن يجب عليها أولاً أن تحجز مكانها للنهائيات، وهذا لن يكن أمرًا مفروغًا منه، ولا يمكن أن يكون أي شك في أن أضعف الدول في أميركا الجنوبية قد خطت خطوات كبيرة منذ استحداث نموذج ماراثون تصفيات كأس العالم في العام 1996: مباريات تنافسية منتظمة وضمان الدخل سمحا لهم بتعيين مدربين جيدين وبناء فريق، أيضاً الاستثمار في أعمال تطوير الشباب.
وبدءاً من الأرجنتين في منتصف تسعينات القرن الماضي، أدركت دول أميركا الجنوبية أن قوى العولمة قد أخذت لاعبيها إلى أوروبا في سن مبكرة جدًّا.
وفيما تحاول تأمين مستقبل الفرق الشابة على المدى الطويل لاختيارهم للمنتخب الوطني، فإن أميركا الجنوبية تقوم بتحديد اللاعبين الموهوبين واعطائهم دورات مكثفة عن هوية كرة القدم في بلدانهم، وسيستخدم الفريق تحت الـ20 عامًا على وجه الخصوص كحزام ناقل للفريق الأرفع مستوى.
وأولئك الذين تظهر عليهم بشائر النجاح غالباً ما يشاركون بسرعة في الفريق الأساسي.
وكل هذا سيغذي التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي أصبحت الآن أكثر قدرة على المنافسة على هذا الكوكب.
كارلوس البرتو باريرا الذي فاز بكأس العالم مع البرازيل في عام 1994 ولويس فيليبي سكولاري الذي قام بالمثل بعد ثماني سنوات، يشاركان في الرأي: الفوز بالبطولة يأتي مباشرة نسبياً، ولكن الجزء الأصعب هو منافسات التأهيل.
بالإضافة إلى هذه النقطة هو أن تلك المنتخبات في أميركا الجنوبية التي تتأهل إلى نهائيات كأس العالم يجب أن تكون مستعدة جداً للمنافسة على مستوى عالٍ، أما الجانب السلبي فهو خطورة عدم التأهل.
ومن المتوقع جداً أن تكون المجموعة التالية من مباريات التأهيلات أكثر تنافسية من أي وقت مضى.
ففي جنوب افريقيا أبرز دييغو مارادونا، مدرب الأرجنتين، نقطة مهمة وهي أنه كان من الممكن للإكوادور أن تقدم عرضًا رائعاً إذا كانت قد تأهلت للبطولة.
والإكوادوريون يواجهون مهمة إعادة البناء، فالجيل الذي قادهم إلى نهائيات 2002 و2006 بحاجة إلى استبدال الآن
. وربما ستتأهل كولومبيا بقوة، فالبلد المجنون بكرة القدم ولديه أكبر عدد من سكان في القارة بعد البرازيل، على رغم أنها بالكاد لم تتأهل في ثلاث محاولات سابقة في مباريات الملحق لنهائيات كأس العالم، وينبغي عليها الآن القيام بتقديم عروض على نحو أفضل، خصوصاً بعدما اعيد تعيين واحداً من أكثر المدربين احتراماً في القارة.
هيرنان داريو غوميز، الذي كان مساعداً لمدرب كولومبيا في عام 1994 ومسؤولاً عن المنتخب في العام 1998 والرجل الذي كان وراء مشاركة الإكوادور للمرة الأولى في مونديال 2002، غارق في الخبرة.
وبما أنه على رأس منتخب كولومبيا، فإنه من الصعب أن نرى عدم تأهل البلاد لنهائيات كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي.
وكانت هناك علامات ظهور طفيف في تقدم كرة القدم في بيرو، وهي أيضاً عينت مدرباً من الجودة والخبرة الأوروغواياني سيرجيو ماركاريان.
أما فنزويلا فقد تدخل الحملة مع آمال حقيقية للنجاح، فقد تأهلت في العام الماضي للمرة الأولى في نهائيات كأس العالم للشباب.
وفي المراحل الآخيرة من التأهيلات لمونديال 2010 شارك العديد من هؤلاء الشباب مع منتخب بلادهم الأساسي مع نتائج واعدة.
ومن الواضح أنه سوف لن تكن هناك أماكن سهلة متاحة لمنتخبات أميركا الجنوبية في عام 2014.
وأي فريق الذي يستطيع شق طريقه خلال حملة التأهيلات فإنه يمكن أن يرى نفسه في مرحلة خروج المغلوب في غضون أربع سنوات.
ولكن أي سيكون موقع البرازيل من كل هذا، فالبلد المستضيف يتأهل تلقائياً؟ على البرازيل إعادة بناء المنتخب والخروج بفريق قادر على التعامل مع الضغط المكثف الذي ستضعه الأمة التي يقرب عدد سكانها من 200 مليون نسمة.
وعليه أن يتغلب على هذه الضغوط على رغم أن لديه القليل من المباريات التنافسية. فعلى مستوى البطولات الكبرى فلديه فقط بطولة كوبا أميركا في العام المقبل وكأس القارات في 2013.
ولهذا السبب فإن المدرب الجديد ndash; من المؤكد الكشف عن اسمه خلال الأيام القليلة المقبلة ndash; سيتحمل على الأرجح مسؤولية إدارة المنتخب تحت الـ20 عاماً لتأهيل البرازيل تحت الـ23 عاماً لدورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في لندن عام 2012، وأنه سيتولى المسؤولية في لحظة رائعة ومثيرة بالنسبة إلى مسألة أسلوب اللعب المعلق بكثافة في الهواء، فقد أظهرت اسبانيا أن الطراز القديم في تمرير الكرة بسرعة يمكن أن ينجح. وأصبحت المطالبة بأسلوب البرازيل الممتع أجوفاً.
فهل يمكن للسمعة الدولية لمنتخب البرازيل البقاء عملياً على قيد الحياة على رأس القمة؟
الحاجة إلى إصلاح الفريق مع مباريات قليلة وتغيير نمط لعبه والاستعداد لهذا النوع من الضغوط الذي لم يخض أي فريق برازيلي مثل هذه التجربة في الماضي، كل هذه المتطلبات تنقل مدرب البرازيل الجديد حقاً إلى المقعد الساخن.
التعليقات