كثيرة هي المشاكل التي تهدد مشروع إعادة بناء النصر، وقد تحدثت عن بعضها بالتفصيل في مقالات سابقة، وللتذكير فقط استحضر مشكلتين رأيتهما رئيستين. الأولى تتمثل في إدارة النادي بسياسة تقوم على ردات الفعل لا على الفعل نفسه، والثانية بوجود معاول هدم داخل النادي، أما الثالثة فتكمن فيما يمكن توصيفه بعملية حرق المراحل.
ويكفي إثباتاً على المشكلة الثالثة أن مسيري النادي اليوم، وليس مناصريه فقط ظلوا يتحدثون بثقة عن إمكانية أن يظفر الفريق بكل استحقاقاته هذا الموسم بما فيها دوري أبطال آسيا، بل إن البعض منهم يغالي في طموحه ليصل في رؤيته إلى حتمية أن يحقق النصر كل تلك البطولات، أو على الأقل ان يقتطع لنفسه حصة الأسد منها.
لا أقول ذلك تحليلا بل استنادا على وقائع، منها حديث خاص مع أمين عام النادي علي حمدان، وأحاديث أخرى مع شرفيين نصراويين وكذلك جماهير مقربة، بل وصحفيين محسوبين، فجميعهم يرفضون وبتشنج شديد إزاحة النصر عن قائمة المرشحين لتحقيق بطولة الدوري مثلاً، إذ ظلوا يرون بأن النصر لا يقل إمكانية عن الهلال والاتحاد والشباب، بل إن أحدهم قال في برنامج (فوانيس) الرمضاني إن النصر يتساوى في الحظوظ معها بذات النسبة. فقلت له: يا رجل، فقال وقد قطب حاجبيه ورفع عقيرته.. نعم!.
هذه النظرة القاصرة في التحليل، والمبالغة في التقييم، والمتسرعة في إطلاق الأحكام كلها أدت ولا زالت تؤدي إلى عرقلة إعادة صياغة النصر الجديد، بل هي بمثابة العصي في دواليب المشروع النصراوي الكبير، وإلا فأي منطق يمكن القبول به أو حتى الاستناد عليه ذاك الذي يمنح نادياً ذات الفرص للمنافسة مع أندية ظلت تقتسم البطولات المحلية طوال عقد كامل، بينما هو لم يحقق أفضل من المركز الثالث منذ ستة مواسم، فضلاً عن كونه لم يبلغ بعد نصف المشوار في مرحلة إعادة بنائه.
للأمانة وحده رئيس النادي والمشرف على تأسيس المشروع من كان منطقياً في تعاطيه مع الأمور حتى وهو ينهي الموسم الماضي حينما ظفر الفريق بالمركز الثالث في الدوري، إذ ظل يردد بأن ما حققه النصر هو ثمرة عمل نسبته 20 في المائة وإن القادم أفضل؛ لكن ثمة من التقط الرسالة بشكل خاطئ، إذ ظنوا بأن النسبة المتبقية والتي تعادل 80 في المائة ستكتمل هذا الموسم، أو أن الفريق قادر على القفز على المراحل المتبقية أو حتى حرقها، ولعل صمت رئيس النادي والإداريين من حوله كان سببا في تعزيز هذا الاعتقاد، وقد يكون صمتهم قناعة منهم أيضاً كما في حال أمين عام النادي، وهنا تكون المشكلة أعمق!.
الكارثة الكبرى التي من شأنها أن تعيد المشروع النصراوي مراحل للوراء، ولن أقول بأنها قد تودي به إلى الانهيار، وإن كنت لا أستبعد ذلك، هو أن ينصاع رئيس النادي إلى الضغوطات التي بدأت تفرض عليه من ذات الجهات المتطرفة في آرائها، والمتعجلة في طموحاتها، خصوصاً بعد انفراط سبحة النقاط بالتعادلات الثلاثة الأخيرة، والتي تطالب بإقالة زينجا، وتسريح الأجانب، وإحداث غربلة في الفريق.
صحيح أن ثمة أخطاء تحدث في الفريق، لكنها أخطاء يمكن علاجها بمزيد من الصبر، وبكثير من العقلانية، وقبل ذلك بالابتعاد عن الاستماع للمتطرفين في آرائهم، والمتشنجين في مواقفهم ممن تمرسوا على ثقافة (معاهم معاهم.. عليهم عليهم)، وهي الثقافة التي ابتلي النصر بها ولا زال.
جريدة الرياض السعودية
التعليقات