يعرف عن الجمهور الرياضي في الجزائر ولعه الشديد بكرة القدم الأوروبية مثله مثل بقية الجماهير العربية ، لذلك تكتسي بطولة أمم أوروبا أهمية خاصة له تجعله يحرص حرصا كبيرا على متابعة مبارياتها سواء عبر الشاشة بالنسبة للغالبية خاصة محدودي الدخل ، أو عبر التنقل إلى البلد الذي يحتضنها و متابعتها مباشرة من الملعب بالنسبة للأقلية من الفئة المحظوظة الميسورة الأحوال المادية .

ويعود تعلق الجزائريين باليورو إلى عشرية الثمانينات من القرن الماضي خاصة دورتي 1984 بفرنسا و 1988 بألمانيا الغربية الدورتين التين عرفتا مشاركة نجوم كبار أبرزهم ميشال بلاتيني وماركو فان باستن بأهدافهم السحرية الخالدة ، فهناك عدد كبير من كبار السن من يتابع البطولة منذ السبعينات و يعتبرونها البطولة الأهم والأروع بالنسبة للمشاهدة .

ومع كل دورة يزداد عشق الجمهور الرياضي بالبطولة خاصة بعد قرار الاتحاد الأوروبي رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 16 منتخباً بدلا من ثمانية بداية من العام 1996 حيث زاد عدد المباريات وأتيحت الفرصة لمشاركة اكبر عدد ممكن من نجوم القارة عكس ما كان عليه قبل 1996 حيث كانت الجماهير دوما تحرم من عدة نجوم لامعة.

وأجمع العديد من عشاق اليورو الجزائريين ممن أخذت انطباعهم صحيفة إيلاف على أن ارتباط و تعلق الجمهور الجزائري بأمم أوروبا و حرصه على متابعتها عن كثب مرده سببين اثنين : الأول فنيويتمثل في المستوى الراقي للبطولة وتواجد منتخبات عملاقة تضم في صفوفها تكتل من النجوم ممن يصنعون أفراح الأندية الأوروبية وما يقدمونه من إبداعات تتجدد مع كل دورة بدليل أن جل الدورات شهدت ميلاد نجم جديد في سماء القارة العجوز.

كما أن تقارب المستوى بين المنتخباتيجعل المباريات حامية الوطيس و غالبا ما تعرف إثارة و حماس و الجميع مرشح للظفر باللقب عكس المونديال الذي يعرف مشاركة منتخبات ضعيفة تفسد العرس الكروي العالمي ، أما السبب الثاني فيرجعونه إلى نظام إقامة البطولة كل أربع سنوات مما يضفي عليها عنصر التشويق مثلها مثل كاس العالم يزيل عامل الملل عن نفوس المشاهد الذي ينتظر موعدها بفارغ الصبر عكس كاس أمم إفريقيا التي تقام كل عامين.

ويضبط الجزائري عقارب ساعته علىتاريخ وتوقيت إجراء المباريات ليتفرغ لمشاهدتها دون أن تنغص عليه أي مشاكل أخرى تتعلق بالالتزامات اليومية ، و بالنسبة ليورو 2012 المقامة حاليا في بولندا و أوكرانيا فبداية من الثامن يونيو تاريخ انطلاقتها و لغاية الثاني منيوليو موعد اختتامها فانه لا حديث يعلو فوق حديث اليورو وكل ما يتعلق بأخبارها.

و لا يقتصر ذلك على الفترة الزمنية اليومية الممتدة من الساعة الخامسة لغاية العاشرة بالتوقيت المحلي التي تجرى فيها المبارتان بل يمتد النقاش والجدال قبلها وبعدها بساعات ، حيث يدور النقاش وفي كافة الأماكن العام و الخاصة الرسمية والشعبية من مقاهي و حافلات ومؤسسات العمل وغيرها يتناول توقعات النتائج النهائية والمرشحين للفوز وأخبار المنتخبات المشاركة ومدى تأثير اللاعبين الذين غابوا عن البطولة على نتائج فرقهم وماذا لو حضروا .

ويتباين إيقاع المناقشة حسب المباراة وحسب الفريقين المتباريين فأحيانا يخفت وأحياناً يرتفع لدرجة اندلاع المناوشات خاصة عندما يتعلق الأمر بمشجعين متعصبين .

وتختلف الأطياف العمرية لمتابعي اليورو والتي تشمل جل الأعمار مع سيطرة واضحة لفئةأقل من عشرين سنة خاصة التلاميذ على اعتبار أن تاريخ البطولة يتزامن مع انتهاء الموسم الدراسي مع ملاحظة أن المرأة الجزائرية و رغم حرصها على متابعة مباريا المنتخب الوطني إلا أن الأمر يختلف مع منتخبات أخرى.

و رغم متاعب التشفير التي بدأت معيورو 2008 في النمسا و سويسرا و لا مبالاة القناة الوطنية اليتيمة إلا أن ذلك لم يزد الجزائريين سوى إصرار على متابعة البطولة بأي طريقة كانت ، فمع اقتراب شهر يونيو تزاد حمى البحث عن القنوات الفضائية التي تبث المباريات دون تشفير ، و بينما يكون ذلك شبه مستحيل قبل أشهر من تاريخها فان الأمر يختلف كلما اقترب حيث تبدأ بوادر انفراج أزمة التشفير تلوح في الأفق ومعه تزداد فرص مشاهدة البطولة مجانا في ظل وفاء عدة قنوات خاصة القنوات الألمانية لسياستها ببث مبارياتاليورو والمونديال مجانا ، لذلك يرتفع عدد مشاهديها في الجزائر و في المغرب العربي بشكل عام .

وتتنوع طرق مشاهدة مباريات اليورو بتعدد أذواق وأمزجة المتفرجين فالبعض يرغب في مشاهدتها بشكل فردي داخل بيته ممن تسنح له ظروفه المهنية بينما يعمد آخرون إلى تنصيب جهاز تلفزيوني فيمحله التجاري أو مكتب عمله أو حتى في سيارته أو حافلته لمشاهدة المباريات دون الإضرار بالتزاماته العملية الشخصية أو العامة.

و البعض الآخر يفضلون المقاهي التي تتزين و تستعد لهذا العرس قبل انطلاقته بأيام ليكون المقهى في مستوى تطلعات زائريه ، بداية باقتناء جهاز تلفزي حديث من الطراز الرفيع وبطاقة تشفير ومختلف أنواع المشروبات كما تزين جدران العديد من المقاهي بصورة كبيرة لمنتخبات ولاعبين يزداد رونقها لجلب زبائن أكثر و ترتفع معه نسبة المبيعات و الأرباح.

ويفضل نوع آخر من المشجعين متابعة المباريات بشكل جماعي داخل بيوت احدهم ممن يمتلك بطاقة التشفير أو جهاز قرصنة .

وأما وفرة الحلول التي يوفرها القراصنة فان الخاسر الأكبر هو قناة الجزيرة الرياضية التي تفقد عددا معتبرا من المشتركين بسبب هذه الحلول و بسبب أيضا ارتفاع سعر بطاقتها و أكثر من ذلك الانقطاعات المتكررة لبثها رغم التطمينات التي تطلقها عشية انطلاق كل بطولة إضافة إلى ضعف مستوى الفنيين الذين تستنجد بهم لتحليل المباريات ، والذين يكررون نفس الكلام تقريبا.

ومع انطلاق البطولة تنشط تجارة الصحف الرياضية المتخصصة التي يتم اللجوء إليها لمعرفة مواعيد المباريات و التشكيلة المحتملة لكل منتخب و التصريحات النارية التي يطلقها هذا اللاعب أو ذاك المدرب.

كما تنشط تجارة الاقمصة الرياضية الخاصة بالمنتخبات المشاركة ، إذ يحرص الكثير من الشباب المولعين على ضرورة ارتداء قميص منتخبه المفضل طوال البطولة أو على الأقل أثناء مبارياته لأنه يجعله يشعر بأنه فرد من أفراد هذا المنتخب للتباهي أمام زملائه خاصة في حالة تحقيق الانتصار.

وعلى مدار البطولة يتحول كل من يشاهدها إلى ناقد يمدح هذا المنتخب و لاعبيهوينتقد ذاك المدرب وطريقة لعبه ، وفي الغالب فان الفرق التي تصنف في خانة المرشحة هي التي تنال حصة الأسد من النقد اللاذع بالمقابل فان المنتخبات الصغرى تلقى تعاطفا من قبل الجميع.

و تحظى بعض منتخباتيورو 2012 بعشق خاص بالنسبة للجزائريين يأتي على رأسها منتخبي اسبانيا حامل اللقب و مرد ذلك الارتباط الوثيق بين الجمهور الجزائري و الكرة الاسبانية في السنوات الأخيرة بفضل متابعتهم الحية و المستمرة لدوري الليغا ، كما أن وجود اغلب نجوم البارصا والريال في تشكيلة المنتخب يعد دافعا آخرا لتشجيعه خصوصا بعدما أصبح يقدم كرة راقية و يرشحونه للاحتفاظ بتاجه القاري.

و لأول مرة يختفي الصدام بين أنصار الريال و محبي البارصا لصالح المنتخب.

و بدوره منتخب ايطاليا لا يزال ينال رضا فئة واسعة من الجزائريين رغم اعتزال نجومه توتي و ديل بيرو شأنه شان المانشافت بانضباطه التكتيكي العالي في وجود نجوم البافاري ، بينما تراجعت أسهم المنتخب الفرنسي منذ اعتزال زين الدين زيدان ذو الأصل الجزائري عام 2006 ، أما المنتخب البرتغالي و رغم وجود كريستيانو رونالدو نجم نادي ريال مدريد إلا انه لا يحظى بتأييد سوى محبي الريال في حين تمقته البقية ويرونه متكبر بسبب الإشارات التي يقوم بها عند تسجيله للأهداف و نظراته الاستعلائية.

و فضلا عن لاروخا فان الجزائريين يضعون ألمانيا ثاني مرشح للظفر باللقب دون أن يتجاهلوا منتخبي الازوري و الأزرق الفرنسي .

ورغم طغيان اللعب الجماعي عند منتخبات اليورو إلا أن الجزائريين يراهنون على عدد من اللاعبين النجوم لإثارة المباريات و يبرز في هذا الصدد أولئك الذين تألقوا على مدار الموسم مع أنديتهم في الدوريات المحلية أو دوري الأبطال على غرار رونالدو وثلاثي البارصا تشافي و انييستا و فابريغاس وكهل الازوري بيرلو.

و يأمل عشاق البارصا ان يستمر رونالدو البرتغالي أدائه الباهت- وهو ما حدث في الجولتين الأولى والثانية قبل أن ينتفض في الجولة الأخيرة ويقود منتخب بلادهإلى المربع الذهبي-حتى تتقلص حظوظه في نيل الكرة الذهبية لصالح غريمه الأرجنتيني ميسي.

ويتأسف الجزائريون لغياب عدد من اللاعبين المميزين على غرار دافيد فيا و فرانك لامبارد كانوا قادرين على الرفع من قيمة أي مباراة يلعبونها .

واستغلت فئة من الجماهير البطولة للحصول على تأشيرة قانونية لدخول الأراضي البولندية آو الأوكرانية و منها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي ، فقد عمد الكثير من الشبان إلى اقتناء تذاكر بعض المباريات لتكون ضمن الملف المودع لدى سفارة احد البلدين في الجزائر مما سهل من حصولهم على التأشيرة رغم أن بعضهم لا يعرف من الاورو سوى الاسم.