جاء إعلان الأطباء عن خبر إمكانية عودة مهاجم نادي ميلان انطونيو كاسانو للميادين بعد أكثر من خمسة أشهر من الغياب اثر خضوعه لعملية جراحية على مستوى القلب ليثلج صدر مدرب منتخب الازوري سيزار برانديلي الذي ظل يتابع تطور حالته الصحية منذ الإعلان عن إصابته في القلب و ظل يتابعه حالته البدنية والفنية لغاية التأكد من جاهزيته لضمه إلى لائحة الـ23 التي سيشارك بها في بطولة أمم أوروبا 2012 التي ستقام بين بولندا وأوكرانيا ، البطولة التي يراهن عليها عشاق الازوري بعد صيام دام حقبة طويلة.

و لا يزال برانديلي يرتقب عودة مهاجم نادي فياريال الاسباني جيوسيبي روسي الذي تعرض هو الآخر لإصابة على مستوى الركبة اليمنىأجبرته على الخضوع لعملية جراحية أبعدته عن الملاعب منذ شهر تشرين الأول وينتظر ان يعود قبل نهاية الموسم مما يعزز من حظوظه ليكون هو الآخر جاهزا لمرافقة الطليان نحو بولندا و أوكرانيا .

ويراهن المدرب برانديلي على الثنائي كاسانو و روسي لقيادة هجوم الازروي في الاورو كخيار أول لا يمكن التراجع عنه إلا في حال تأكدغيابهما عن البطولة ، بالنظر إلى القدرات الفنية العالية التي يتمتعان بها اللاعبان اللذان حظيا بثقة كبيرة في المنتخب منذ تولي سيزار مهمة الإشراف عليه خلفا لمارشيلو ليبي عقب نكسة الخروج من الدور الأول في مونديال جنوب إفريقيا 2010، حيث أنهى كاسانو تصفيات اليورو هدافا بعدما سجل ستة أهداف.

و بدوره سجل روسي عدة أهداف منها واحد ضد المنتخب الاسباني بطل العالم في لقاء ودي شهر أغسطسفي مباراة اعترف فيها مدرب الأخير فيسنتي ديل بوسكي بأهمية بفضل كاسانو و روسي في تحقيق ذلك الانتصار و بدورهما المحوري في منتخب ايطاليا ، فهما لا يكتفيان باستغلال الفرص التي تتاح لهما بل يتعدى ذلك إلى صنع الفرص لبعضهما البعض ، كما يتمتعان ببنية جسدية عالية تساعدهما على الفوز بالصراعات الثنائية أمام المدافعين الأقوياء.

كما أنهما بلغ من النضج ما يسمح لهما بتوظيف قدراتهما الفنية الهائلة لأقصى درجة و خدمة زملائهما في الفريق، و بغيابهما عن صفوف الازوري في الفترة الماضية تأكد جليا لبرانديلي و لجميع عشاق المنتخب أن البدائل المطروحة ليست في مستواهما و لا يمكنها سد الفراغ الرهيب الذي تركاه بدليل أن الفريق خسر مباراته الودية الأخيرة ضد المنتخب الأمريكي بهدف لصفر في مدينة بولونيا شهر شباط المنصرم وقبلها ضد أورغواي في العاصمة روما وبنفس النتيجة .

و تأكد للجميع أيضا بان ايطاليا بدون كاسانو و روسي لن تنافس على الأدوار الأولى في البطولة الأوروبية لأنها تحتاج إلى هجوم فعال ، فوجود كاسانو و روسي في تشكيلة ايطاليا يجعل المدرب مرتاح لوضعية القاطرة الأمامية بعدما اظهرا تفاهما كبيرا في المباريات الرسمية و الودية التي لعباها معا ، و ظهر الهجوم الايطالي بشكل ايجابي ، كما يجعله يلتفت للشق الدفاعي دون أن يضيف له العبء الهجومي أمام منافسين من الطراز العالي لعل أقواهم الأسبان في جولة الافتتاح ، و هو ما تأكد في تصريحات برانديلي الذي قال بعد إصابة كاسانو بأنه لا يملك سوى الانتظار .

وقد منح غياب الثنائي المذكور فرصة لبرانديلي لتجريب عدد من الأسماء لعل و عسى يجد فيها ضالته قبل أن يقف على الحقيقة المرة و هي افتقارإيطاليا في الوقت الحالي لمهاجمين من مستوى لوكا توني أو انزاغي أو فييري سوى كاسانو و روسي وبدرجة اقل اليافع سيباستيان جيوفينكو ndash; مهاجم نادي بارما -الذي لعب بجانب روسي في آخر مباراة من التصفيات الأوروبية و أدى مباراة طيبة غير أن أدائه يختلف عندما يلعب بجانب مهاجم آخر غير الاثنين مثلما حدث ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، ففي تلك المباراة جرب برانديلي بالإضافة إلى جيوفينكو- و الذي لم يبرز بشكل جيد - كل من اليساندرو ماتري الذي ظهر تائهاً و يفتقر للتناغم مع زملائه مما أوقعه مرارا و تكرار في مصيدة التسلل الأمريكية ، و بدوره لم يوفق اليافع الآخر لنادي جمعية روما فابيو بوريني في أول ظهور له مع الازوري و بالتالي لا يمكن الاعتماد عليه في الاستحقاقات الرسمية و لا يزال يحتاج لممارسة أكثر.

وبإلقاء نظرة على مهاجمي الدوري المحلي يتأكد صحة وجهة نظر برانديلي ، فاغلبهم إما أدائهم غير ثابت و مستواهم حتى مع الأندية محدود و بعضهم بلغ أرذل العمر، فهناك انطونيو دي ناتالي صاحب ال34 سنة و الذي خيب في يورو 2008 ثم في مونديال 2010 ، و فابريسيو ميكولي ، و جيانباولو بازيني مهاجم الانتر الذي تراجع حسه التهديفي كثيرا بعدما شكل ثنائيا هاما مع كاسانو عندما كان يلعبان معا في نادي سامبدوريا موسم 2009-2010 و تمكن وقتها من توقيع 11 هدفا فقط خلال مرحلة الإياب.

وفرضت هذه المعطيات على برانديلي البحث عن بدائل أخرى سيلجأ إليها في حال لم الثنائي أو احدهما غير جاهز ، بدائل تقوم على الاستعانة بالثنائي المخضرم نجم اليوفي اليساندرو دال بيرو الذي يقدم حاليا أداء طيبا و انقد ناديه و مدربه انطونيو كونتي في الكثير من المرات بأهداف حاسمة ، و نجم روما فرانشيسكو توتي الذي لا يزال يمتلك المهارة و الحماس لقيادة المنتخب ، و لا يزال كلاهما يرغبان في خوض بطولة من العيار الثقيل ينهيان بها مسيرتهما الكروية الدولية كما تحذوهما رغبة جامحة في محو آثار النكسة التي ألحقها بهما المهاجم الفرنسي دافيد تريزيقي عندما حرمهما بهدف ذهبي من التتويج باورو عام 2000 ،و قد يستعين برانديلي بدهائه التكتيكي في حال فشلت خياراته الأخرى عبر تعديل الخطة التي سيلعب بها نهائيات الاورو و الاعتماد على الطريقة الايطالية التقليدية و اللعب بمهاجم واحد يستفيد من دعم بقية العناصر له مع منح الظهيرين و لاعبي الوسط حرية أكثر في الشق الهجومي ، خاصة أن المدرسة الايطالية تختلف عن باقي المدارس العالمية إذ ترى بان تسجيل الأهداف يمر عبر انتزاع الكرة من المنافس من خلال مدافعين يمدون بعدها المهاجم بكرات كثيرة تكفي واحدة منها لإدراك التعادل أو تحقيق الانتصار.

بالوتيلي بديل بشروط

اضطر برانديلي إلى الاستغناء عن خدمات مهاجم نادي ماشستر سيتي ماريو بالوتيلي في المواجهة الحبية ضد أمريكا بعد تصرفه غير اللائق بدهسه احد اللاعبين في الدوري الانجليزي و توقيفه لأربع مباريات ، كعقوبة لعلها تجبره على السيطرة أكثر على أعصابه ، و هي الحادثة التي أكدت بان بالوتيلي و رغم المؤهلات الفنية الإبداعية العالية التي يمتع بها إلا انه يفتقد للنضج و هو ما اعترف به شخصيا في إحدى البرامج التلفزيونية و تصرفاته الصبيانية داخل الملعب لا تختلف كثيرا عنها خارجه بسبب مزاجه المتقلب جعلت ناديه و منتخب بلاده لا يستغلان مهاراته فهو لم يسجل بعد أي هدف مع الازوري و مع السيتيزن يواجه خطر إبعاده في نهاية الموسم الجاري .

غير ان سيزار أبقى الأبواب مفتوحة أمام عودة الفتى المدلل ، لكن هذه الأبواب ليست مشرعة بل ربط برانديلي عودته بشروط موضوعية تتعلق أساسا بإثبات قدرته على التخلص من نرفزته و احترام زملائه و الالتزام بقرارات الطاقم الفني و عدم الاحتكاك مع المنافس أو الحكام حيث قال برانديلي بأنه لا يريد أن يجد منتخب بلاده يخوض إحدى مباريات اليورو بعشرة لاعبين فقط في إشارة واضحة منه بان بالوتيلي الحالي مرشح دوما للخروج بالورقة الحمراء و ترك زملائه يعانون .

و أكد مدرب الطليان بأنه واثق بان بالوتيلي يمتلك الإرادة للتواجد مع المجموعة و مساعدتهم لكن الإرادة وحدها ليست كافية لضمه إلى اللائحة الرسمية فهو مطالب بالحفاظ على هدوئه أثناء المباريات ، غير أن الواقع يؤكد بان بالوتيلي مرشح للاستمرار في القيام بنفس السلوك مثلما حدث قبل أيام في مباراة ناديه ضد سندرلا ند حيث دخل في خلاف مع زميله كولاروف ، و لم يعد يحظى بثقة لا زملائه و لا حتى مدربه مواطنه روبرتو مانشيني الذي أكد بأنه في تلك المباراة كان على وشك تغييره بعد خمس دقائق فقط ، و هي وقائع تؤيد برانديلي في الاستغناء عنه أثناء المسابقة الأوروبية المقبلة لأنه لن يقدر على ترويضه ، رغم إدراكه بان إمكانياته كانت ستمنحه فرصة ذهبية ليحل محل كاسانو أو روسي ، و قد يتعرض برانديلي لحملة إعلامية من قبل الصحافة المحلية للضغط عليه من اجل اصطحابه إلى بولندا وأوكرانيا.