رغم أن نهائيات بطولة أمم أوروبا 2012 التي ستنطلق اليوم الجمعة و تحتضنها كل من أوكرانيا و بولندا تتزامن مع مباريات هامة لمنتخب الخضر سيخوضها ضد مالي و غامبيا في تصفيات كأسي إفريقيا و العالم ، إلا أن ذلك لن يمنع الجمهور الرياضي في الجزائر من متابعة البطولة من ألفها إلى يائها مثلما اعتاد عليه منذ ثمانينات القرن المنصرم .


الجزائر :وأصبحت quot;يورو 2012quot; ثاني بطولة تحظى بمتابعة عند الجزائريين بعد المونديال ، بل في عدة مرات تعتبر أفضل خاصة بعد رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 16 منذ دورة هولندا و بلجيكا العام 2000 إذ أنها أصبحت تجمع أحسن المنتخبات الأوروبية و ابرز نجوم الكرة في القارة العجوز ، بل أن الجزائريين يعتبرونها مونديال تغيب عنه الأرجنتين و البرازيل.

لكن الأمور تغيرت بالنسبة للجزائريين المولعين حتى النخاع بهذه البطولة منذ دورة سويسرا و النمسا الماضية حيث وجدوا أنفسهم محرومين من متابعة مبارياتها في ظروف مريحة بعدما عجزت القناة الوطنية الوحيدة عن شراء حقوق بثها بسبب المطالب المالية المبالغ فيها لقناة الجزيرة الرياضية التي اشترت حقوق بثها و هو السيناريو الذي أصبح يعيشه عشية إنطلاق أي بطولة منذ مونديال كوريا و اليابان 2002 بسبب لا مبالاة القناة الوطنية بمشاهديها الذين يبلغ عددهم ملايين ، و تصر على حرمانهم من متعة الكرة و تفرض عليهم برامج القاسم المشترك بينها هو الرداءة ، و هوالسيناريو الذي سيتكرر معهم أيضا في بطولة 2012 .

الجماهير الجزائرية حائرة في كيفية مشاهدة يورو

فعشية انطلاقتها لا حديث في الشارع الرياضي الجزائري سوى عن كيفية مشاهدة المباريات خاصة مع وجود منتخبات مثل إسبانيا بطلة العالم و ألمانيا الواعدة و البرتغال بنجمها كريستيانو رونالدو و هولندا و إيطاليا و غيرها ، و ذلك بعدما فشلت أيضا المؤسسة الوطنية للتلفزيون في اقتناء الحد الأدنى من المباريات أو على الأقل مباريات الأدوار المتقدمة التي تعرف عادة اداءا فنيا رفيعا ، ليجدوا أنفسهم في موضع حرج ، حرج ازداد مع غلاء أسعار بطاقات التشفير الخاصة بقناة الجزيرة الرياضية و التي تفوق الـ 100 دولار سنويا و هو مبلغ كبير بالنسبة لمحدودي الدخل خاصة مع كثرة توقف بثها و اضطرار المشتركين كل مرة إلى تحيينها .

و أمام هذا الوضع فان متابعة quot;يورو 2012quot; بالنسبة للجزائريين يمر عبر عدة سبل فرضتها الحاجة ، و كل منها لا يخو من نقائص و عيوب لكنها تضمن الحد الأدنى و هو مشاهدة المباريات على المباشر.

الطريقة الأولى هي البحث الصحف و الانترنيت عن القنوات الفضائية غير المشفرة التي تضمن نقل مباريات الحدث الأوروبي القادم مجاناً ، و في هذا الصدد فان العارفين بخبايا التشفير يؤكدون وجود عدة قنوات غير مشفرة ستنقل المباريات في مقدمتها قنوات ألمانية اعتادت على ذلك أبرزها و أشهرها از دي اف و اردي ،و هي القنوات التي يرتفع عدد مشاهديها كلما كانت هناك بطولة عالمية أو قارية من هذا الحجم، غير أن ما يعاب عليها هو عامل اللغة في التعليق الذي يحرم المشاهد الجزائري من التفاعل مع المباراة و تبدو و كأنها صماء عكس القنوات الرياضية العربية حيث يميزها التفاعل مع المعلق مما يزيد من حماس المباراة خاصة أن كل قناة تحرص على إسناد المهمة لأفضل المعلقين ، و الأمر ذاته ينطبق على الاستوديوهات التحليلية التي تسبق و تلي المباريات حيث يتم استضافة محللين أكفاء من إعلاميين و نجوم كرة و فنيين يضفون على المباراة أجواء تفاعلية أخرى لا توفرها القنوات الألمانية مما يجعلها الملاذ الأخير للمتفرج الجزائري الذي يبحث عن طريقة لفك شفرة قنوات الجزائرية الرياضية و قنوات فرنسية أخرى ناقلة للبطولة حتى يتسنى له الاستمتاع بها على أحسن وجه ، لذلك شهدت الأسابيع الأخيرة التي سبقت انطلاق quot;يورو 2012quot; متابعة عن كثب لأنشطة قراصنة الفضائيات على أمل العثور على الشفرة المحظورة.

و في ظل الأنظمة التأمينية الحديثة فانه يصعب عليهم فكها و حتى و أن فكت فإنها لن تدوم سوى أيام .

و تفضل فئة من الجمهور الرياضي في الجزائر متابعة المباريات بشكل جماعي لذلك تقصد المقاهي التي يقوم أصحابها باقتناء بطاقات التشفير الفرنسية أو العربية ليس حبا لا في البطولة و لا من اجل سواد عيون المشاهدين بل بهدف رفع نسبة مبيعات المقاهي من المشروبات ، فأيام البطولة في الغالب تشهد ارتفاع نسبة أرباح المقاهي .

و في ظل تعدد الفضائيات الأوروبية التي تبث مباريات اليورو أو المونديال أو أي بطولة أخرى فان المشاهد العربي يكون قد وقف على حقيقة واقعية مفادها أن الجزيرة الرياضية أو أي فضائية عربية أخرى هي في واقع الحال لا تحتكر بث البطولة و إنما تحتكر التعليق العربي عليها ، لذلك فالأجدر بها أن تعمد إلى تخفيض نسبة الاشتراك لزيادة نسبة مشاهديها بدلا من ترك العدد يتناقص مع كل بطولة في ظل السياسة المعتمدة حاليا.

و لا يزال الجمهور الجزائري على غرار الجمهور في كل البلاد العربية يحن لسنوات الثمانينات و التسعينات عندما كان اتحاد الإذاعة و التلفزيونات العربية يتكفل باقتناء مباريات كل تظاهرة رياضية ليشاهدها الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج و بجودة عالية في الصورة و التعليق و مجانا.