خسرت العديد من أندية الدوري الجزائري للمحترفين جل معاركها القانونية التي خاضتها ضد لاعبين ومدربين سابقين محليين و أجانبقرروا اللجوء إلى الهيئات الرسمية المحلية أو الدولية ، القضائية و الرياضية لتحصيل مستحقاتهم المالية العالقة لسنوات بعدما يئسوا في تحصيلها بطرق ودية بسبب تعنت رؤساء هذه الأندية ، و التي اضطرت إلى دفع مبالغ مالية طائلة تنفيذا لقرارات هذه الهيئات خاصة الاتحاد الدولي والمحكمة الرياضية الدولية ، ورضوخا لتهديداتها التي تصل إلى حد إنزالها إلى الدرجة الثانية في حال عدم التزامها.

وتحملت الأندية الجزائرية حتىتكاليف هذه القضايا باعتبارها الطرف الخاسروالمذنب في نفس الوقت ، وهو ما ساهم في إرهاق خزائنها المالية المرهقة أصلا.

و من مساوئ الصدف أن مثل هذه القضايا تزامنت مع التحول من عهدة الهواية إلى عهد الاحتراف الذي يفترض أن تكون فيه الأمور القانونية دقيقة و لا تقبل أي مزايدة ، غير أن العكس هو الذي حدث مما يؤكد صعوبة هذا التحول الذي يتطلب تغييرا على الأقل شبه جذري .

ومن غرائب الصدف أيضا أن اعرق الأندية كانت طرفا رئيسيا في مثل هذه القضايا التي عالجتها الفيفا والتاس خاصة عميد الأندية مولودية الجزائر ووفاق سطيف فضلا عن أندية أخرى ، فالمولودية لا تزال لحد الآن تدفع مستحقات عدد من المدربين الأجانب بعضهم اشرفوا على تدريبها قبل سبع سنوات ولاعبين لم يستفد منهم الفريق إما لأنهم قدموا مصابين أو لأنهم يصلحون لكل شيء إلا لممارسة كرة القدم.

ففي الموسم الحالي دفعت إدارة المولودية قرابة الـ200 ألف يورو كان يدين بها عدد من المدربين نصفها للمدرب الفرنسي روبرت نوزاري الذي درب الفريق عام 2005 ، و حصل مواطنه فرانسوا براتشي على 13 ألف يورو بقي يدين بها منذ 2006 تاريخ حصوله على بطولة الكأس.

و لا يزال يطالب بمستحقات أخرى بعدما عاد لتدريبه بداية الموسم الحالي بل أن بعض المصادر أكدت بان إعادته للفريق كان محاولة من الإدارة لقطع الطريق أمامه للجوء إلى الفيفا والاستعانة بالحل الودي.

كما حصل تاردي على 30 ألف يورو وروش على 26 ألف يورو ، و إذا كان نوزاري و براتشي قد ترك بصمتيهما على نتائج المولودية فان تاردي و روش لا احد يتذكر حتى الموسم الذي قدما خلاله للجزائر لان إقامتهما لم تدم سوى أسابيع.

أما وفاق سطيف فقد استسلم هو الآخر لعصا التاس والفيفا و سدد مبالغ هو في أمس الحاجة إليها لفك الخناق على خزينته ، لصالح اللاعب الفرانكو التشادي عبد الله سيلفان ادونغار الذي طالب بتعويضات بـ85 ألف يورو نظير فسخ عقده في موسم 2007-2008 دون أن يلعب و لو مباراة واحدة لتواضع مستواه وقدومه وهو مصاب.

و ينتظر رشيد بلحوث الذي أقيل من تدريب الفريق في أغسطس 2009 تسوية مستحقاته هو الآخر المقدرة بعشرة آلاف يورو.

و لا تزال المعركة القانونية مستمرة مع نور الدين زكري الذي أقيل هو الآخر من تدريب النسر الأسود في أيلول عام 2010 حيث قرر اللجوء إلى القضاء كخطوة أولى قبل التصعيد إلى زيوريخ التي لا يظلم احد عندها.

و من جهتها دفعت إدارة نادي أهلي البرج مبلغ يفوق الـ20 ألف يورو قبل عامين للاعبين من الكاميرون لم يلعبا و لو مباراة واحدة استقدما في موسم 2007-2008 و فسخا عقديهما قبل انطلاق الموسم و استبدلا بأجانب آخرين من البرتغال و البرازيل.

أما عن الحالات التي لجا فيها لاعبون ومدربون إلى العدالة و الاتحاد الجزائريين فحدث ولا حرج فهي تعد بالعشرات ، وتمس الكثير من الأندية ، التي تعرضت حساباتها البنكية إلى التجميد.

و لجأ الاتحاد إلى خصم مبالغ مالية من حصة الأندية في البث التلفزي سددها إلى اللاعبين والمدربين الذين أنصفتهم العدالة أو لجنة المنازعات التي نصبها لفض مثل هذه المسائل.

والعجيب في الأمر أن بعض اللاعبين اعتزلوا منذ مدة أو اقتربوا من تعليق الحذاء و مع ذلك لا يزالون يدينون بمستحقاتهم رغم أنهم غيروا قمصانهم مرات عدة ، فجم فيص باجي حساب فريقه الأسبق شباب بلوزداد و جمد كمال بوعصيدة حساب ناديه الأسبق مولودية الجزائر، بل ان تجميد الحسابات البنكية للأندية في الجزائر أصبح موضة .

والواقع أن المشاكل ما هي إلا تحصيل حاصل سببه الرئيس جهل الأندية باللوائح القانونية في التعامل مع لاعبيها و مدربيها ، و عدم احترامها للبنود المدونة في العقود المبرمة بين الطرفين فرؤساء الأندية الجزائرية أو على الأقل أكثريتهم اثبتوا أنهم لا يفرقون بين الإقالة - التي تستوجب تسوية المستحقات الماليةالتي تخص الرواتب الشهرية كاملة حسب مدة العقد حتى و لو بقي منه أكثر من موسم كتعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي لحق به ، لان المدرب المقال قد يشتغل إلا بعد سنوات- و الاستقالة التي تلزم المدرب بالتنازل عن مستحقاته اللاحقة دون السابقة لان النادي ملزم بمنحه جميع الرواتب و المنح التي تأجل تسديدها.

أما الطلاق بالتراضي فذلك طريقة أخرى لإنهاء الخلاف الذي ينشب بين الطرفين وديا دون الدخول في متاهات المحاكم وما يترتب عنها من تكاليف وطول وقت.

و تقتضي وجود بعض التنازل من كلا الجانبين ينتهي بتقديم المدرب لاستقالته كتابيا و إلا اعتبر ذلك إقالة ،غير أن عدة أندية كثيرا ما تطلعنا على أن المدرب استقال فإذا به يفاجئها باستدعاء من الفيفا أو التاس يطالب بأمواله.

كما أن عدم التزام الإدارات الحالية بمعالجة المشاكل التي ورثتها عن نظيرتها السالفة أدى إلى وقوع مثل هذه القلاقل ، فأي إدارة جديدة تفضل دوماً الانطلاق من الصفر و كأن النادي تأسس لتوه ، و تتناسى بأنها الجهة الرسمية المعنية بمعالجة أي قضية تخص النادي طالما هي التي تتولى تسيير شؤونه حتى و لو لم تكن لها يد فيها ، لكنها تختار أسلوب التعنت الموروث عن حقبة الهواية معتقدة بأن اللاعب أو المدرب الأجنبي سيتنازل عن حقوقه بمجرد ما يغادر أو بمجرد انتقاله إلى ناد آخر مثلما اعتادت عليه مع أبناء جلدتها الذين يستحون من التقدم إلى المحاكم لرفع شكاوي ضد أنديتهم السابقة خوفا من تصنيفهم في خانة الخونة.

و كشفت هذه الوقائع أيضا افتقاد الأندية الجزائرية لخبراء قانونيين يجيدون قراءة محتويات العقود بتفاصيلها الدقيقة وما ينجر عن الإخلال بها ، و ضرورة التعامل في مثل هذه الأمور بالوثائق الرسمية و ليس بالتصريحات النارية التي لا تغني أمام الهيئات الدولية ، فضلا عن ذلك فان الأندية الجزائرية و في طريقها للانتقال إلى الاحتراف مطالبة بتعلم كيفية التعامل مع الأنظمة و اللوائح التي سنتها الاتحادات الوطنية و القارية والدولية المنضوية تحتها فلا يمكن أن تشارك في مسابقاتها و تأخذ من أموالها دون تلتزم بتشريعاتها.