أصيب المدرب البوسني للمنتخب الجزائري وحيد خاليلوزيتش بخيبة أمل كبيرة في لاعبي الدوري المحلي الذين كان يراهن عليهم لتدعيم صفوف كتيبة المحاربين بعناصر جديدة في إطار عملية الإحلال و الغربلة التي ينوي القيام بها مباشرة بعد نهاية تصفيات كاس أمم إفريقيا 2012 في الشهر القادم .

و لم يقتنع حاليلوزيتش بالمستوى الفني و البدني الذي قدمه اللاعبون المعنيون مباشرة بمتابعته على غرار عبد المؤمن جابو و الحارس فوزي شاوشي و عموري جديات و آخرون رغم أنهم يحملون صفة لاعب دولي و لعبوا في المنتخب في فترات مختلفة في عهد رابح سعدان و عبد الحق بن شيخة ، و حسب مقربين من الفني البوسني فان الأخير بات أكثر اقتناعا بان السياسة التي ظل يعتمدها المدربون الذين تعاقبوا على تدريب الخضر في العشرية الأخيرة بالاعتماد المفرط على اللاعبين المحترفين في الخارج و تغييب اللاعبين المحليين لم تكن تهميشا لهم بقدر ما كانت حقيقة واضحة أثبتها الميدان مفادها أن اللاعب المحلي حضوره الذهني ضعيف و أدائه الفني متواضع و لا يستغل المهارات التي يتمته بها بشكل صحيح كما أن مردوده البدني متواضع و في أحسن الأحوال فان اللاعب المحلي مستواه غير مستقر فهو في بعض المباريات تجده نجما و في أخرى يختفي تماما و كأنه خارج المباراة.

و مما زاد من قناعة حاليلوزيتش بتراجع مستوى اللاعب الجزائري الذي ينشط في الدوري المحلي هو أن أفضل نجوم الدوري و أغلاهم أسعارا لا يختلفون في أدائهم فوق أرضية الميدان عن نظرائهم الذين يصنفون ضمن خانة اللاعبين المتواضعين و هو أمر لا يوجد سوى في الجزائر ، و تجلى ذلك بوضوح من خلال حضوره لمباراة الداربي بين اتحاد العاصمة الذي يضم في صفوفه خيرة لاعبي الدوري المحلي بعد انتدابه أكثر من عشرة لاعبين في الميركاتو الصيفي جلهم دوليون ضد غريمه اتحاد الحراش و قبلها شاهد لقاء شبيبة القبائل مع مولودية الجزائر ثم مباراة الأخير ضد وفاق سطيف بمعنى انه حضر مباريات الأندية التي تضم في تشكيلاتها المع و أجود اللاعبين و يفترض أنها تنافس بقوة على بطولة الدوري و يفترض أيضا أن مبارياتها تكون الأحسن و الأكثر إثارة و حماسا و مع ذلك فان مستوياتها الفنية لم ترقى حتى إلى درجة المتوسط و خرج منها حاليلوزيتش مندهشا حتى من طريقة لعب الأندية الجزائرية التي حسبه تتشدد في تطبيق الخطط التكتيكية الدفاعية و نادرا لم تبادر إلى الهجوم و كأنها تلعب من اجل نقطة التعادل التي ترضي الفريقين ، و هذا ما جعله يدرك سبب العقم الهجومي الذي يطارد هجوم الخضر منذ سنوات رغم وجود عدد من المهاجمين المميزين.

و أمام هذا الواقع السيئ فانه يستبعد أن يعتمد حاليلوزيتش على البضاعة المحلية خلال الاستحقاقات الدولية التي تنتظر الخضر بداية من العام القادم في تصفيات كاس العالم 2014 بالبرازيل حيث مجال الخطأ فيها منعدم و لا توجد فرصة لتجريب لاعبين جدد قد يخلطون حساباته باستثناء بعض الأسماء التي صنعت الاستثناء في صورة خالد لموشية من اتحاد العاصمة و حسين مترف من شبيبة القبائل اللذان جدد فيهما الثقة في لائحته الأخيرة أو ربيع مفتاح و عبد المؤمن جابو اللذان منحهما فرصة جديدة قد لا تتكرر أمامها في حال تضييعا مقابل إبعاد كل من المدافع عبد القادر العيفاوي و الحارس عز الدين دوخة و سعد تجار ، و بالتالي فانه على الأرجح سيؤجل خطة الإحلال إلى وقت آخر و سيواصل المراهنة على نفس التعداد مع بعض التعديلات .

كما سيضطر التقني البوسني إلى طلب النجدة من رئيس الاتحاد محمد روراوة للإسراع في إقناع و تأهيل اللاعبين المغتربين في أسرع وقت ممكن لتوظيفهم في مباريات ودية قبل الزج بهم في المواجهات الرسمية خاصة أن الإقصاء من كاس إفريقيا المقبلة منحه بعض الوقت ، و من ابرز الأسماء المغتربة المرشحة للدفاع عن الألوان الجزائرية متوسط ميدان نادي فالانسيا سفيان فيغولي الذي منح موافقته الرسمية و هناك أسماء مغتربة أخرى بدأت تلوح إعلاميا في الأفق مثل لاعب نادي رامس الفرنسي عيسى ماندي و و بلال عمراني لاعب اولمبيك مرسيليا و مهدي عبيد و كلها أسماء تحتاج أولا و قبل كل شيء إلى متابعة عن كثب قبل إصدار الحكم النهائي عن مستوياتها و عدم الوقوع في فخ بعض الصحف التي تعمد إلى الإشهار لبعضهم مقابل حوارات و تصريحات ، و أكثر من ذلك بات العفو عن مايسترو نادي سوشو رياض بودبوز أمرا ضروريا للاستفادة منه في ظل الأداء الممتاز الذي يقدمه في الدوري الفرنسي من مباراة لأخرى و قد يعيد التنقيب في أرشيف الخضر لإيجاد قطع غيار قد تصلح و لو لبعض الوقت ريثما يجد القطع الأصلية الجديدة و هو ما تجسد في اللائحة التي اعلنها حاليلوزيتش لمواجهة منتخب إفريقيا الوسطى إذ استدعى كمال غيلاس و الحارس ميكال فابر و قد يستنجد مرغما برياض بودبوز و عمري الشاذلي و أسماء أخرى .

من جانب آخر يتجه الفني البوسني إلى إتباع إستراتيجية ماكرة في التخلص من أطلال الخضر ممن ظلوا لوقت قريب بمثابة الكوادر الرئيسية التي لا احد يمكنه أن يجادل حول مكانتهم الأساسية حتى و هم في أسوء حالاتهم الفنية و البدنية و الذهنية ، فهو يريد الاستغناء عنهم الواحد تلو الآخر حتى لا يجلب الانتباه و تتحول المسالة إلى قضية رأي عام تناقشها الصحافة يوميا ، و لا يريد أن يستبعدهم بشكل جماعي حتى لا يوحد موقفهم ضده و لا يثير حفيظة محبي الخضر الذين لا يزالون يتذكرونهم بخير ، لذلك كانت الخطوة الأولى هي إبعاد كريم زياني مدعيا بأنه غير جاهز بعد تعرضه لإصابة مع ناديه الجيش القطري رغم انه قدم مباراة جيدة أيام قليلة بعد قرار إبعاده مما جعل الجميع يقتنع بان إبعاد زياني يندرج في إطار الإستراتيجية البوسنية للتخلص من أطلال المنتخب الذين قد يعرقلون طريقة عمله خاصة في موضوع الانضباط الذي يوليه حاليلوزيتش أهمية قصوى و هو يعلم جيدا بان استدعاء لاعب مثل زياني- أو أي لاعب آخر ممن ساهموا في تأهيل الجزائر إلى مونديال جنوب إفريقيا- دون إشراكه في التشكيل الأساسي لن يرضيه و سيدفعه إلى التمرد و ربما إلى تحريض بقية اللاعبين ضده مما سيؤثر لا محالة على نفسيتهم وينعكس سلبا على أدائهم في المباريات و بالتاي فمن الأفضل التخلص منهم فردا فردا و استغلال تراجع مستوياتهم و تفادي تكرار سيناريو المدرب الأسبق رابح سعدان مع يزيد منصوري و رفيق صايفي و حتى خالد لموشية حيث استعصى عليه إقناعهم بان أدائهم تراجع و بان هناك عناصر أفضل منهم بإمكانها تقديم إضافة كبيرة للمنتخب بعد استعدعاء لاعبين مثل مدحي لحسن و فؤاد قادير و عدلان قديورة لكنهم تمسكوا بموقفهم المتعنت و أصروا على التواجد ضمن لائحة ال23 في المونديال و كأن المنتخب ملكية خاصة بهم ، و يبدو أن حاليلوزيتش يلقى مساندة من رئيس الاتحاد محمد روراوة في مساعيه لترميم صفوف الخضر .