بات الإقصاء أو الخروج المبكر هما العنوان الأبرز لمشاركة الأندية الجزائرية في المسابقتين الإفريقيتين دوري الأبطال وكأس الإتحادمنذ العام 2002 تاريخ آخر تتويج نالته الجزائربفضل نادي شبيبة القبائل.

وتوقف رصيد الجزائر في البطولات القارية للأندية عند الرقم ثمانية بفضل ثلاث فرق هي شبيبة القبائل الفائز بكأس الأبطال في نسختها القديمة مرتين عامي 1981 و 1990 و كأس أبطال الكؤوس التي ألغاها الكاف عام 1995 و كأس الإتحاد في ثلاث مناسبات 2000 و 2001 و 2002 و وفاق سطيف الفائز بكأس الأبطال عام 1988 ومولودية الجزائر المتوج بكأس الأبطال للمرة الأولى في تاريخ الجزائر سنة 1976.

وفشلت الجزائر في تذوق طعم بطولة دوري الأبطال بنظامها الجديد الذي يعود تطبيقه إلى العام 1997 وأفضل نتيجة تحققت هي بلوغ المربع الذهبي مرتين الأولى عام 2003 بفضل اتحاد العاصمة والثانية العام المنصرم بفضل شبيبة القبائل في وقت توجت بها مصر و تونس و المغرب عدة مرات وتأهل ممثلوها إلى كأس العالم للأندية البطولة التي تبقى مجرد حلم بالنسبة للجزائر.

ورغم أن الجزائر تشارك سنويا بأربعة أندية من خيرة أنديتها مادياً وبشرياً حيث يشارك البطل ووصيفه في كأس الأبطال ويشارك صاحب المركز الثالث و بطل مسابقة الكأسفي كأس الاتحاد الإفريقي إلا أن طموحها لا يتعدى بلوغ دور المجموعات أو الدور النصف النهائي في أحسن الأحوال.

و رغم أن بعض الفرق تمتلك خبرة كبيرة في مثل هذه المنافسات نتيجة لتعدد مشاركاتها على غرار شبيبة القبائلالذي شارك هذا العام للسنةالثامنة على التوالي أو وفاق سطيف إلا أن نتائجها لم ترقَ إلى مستوى التطلعات وأصبحت تجد صعوبات جمة حتى في الأدوار التمهيدية أمام منافسين أفارقة متواضعين.

ولم يكن السيناريو الذي عاشه هذا العام ممثلا الجزائر ، المولودية في دوري الأبطال و شبيبة القبائل في كأس الكنفدراليةاستثناءاً بل قاعدة ألفها الجمهور الجزائري الذي فقد الأمل فيأنديته ليراها تنافس أندية مثل الأهلي المصري والترجي التونسي و غيرها من الفرق الإفريقية التي تلعب من أجل الأدوار الأولى ليس إلاأن الجديد هذا العام في المشاركة الجزائرية هو النتائج الكارثيةالتي حققها الشبيبة و المولودية حيث احتلا معاً المرتبة الأخيرة في مجموعتهما رغم أنهما كانا مرشحان بقوة لخطف إحدى التأشيرتين المؤهلتين للمربع الأخير فالكناري مُني بست هزائم متتالية منها ثلاث في عقر داره و قدم أداءً باهتاً بينما حفظ المولودية ماء وجهه بانتصار كاسح في الجولة الأخيرة على حساب الوداد البيضاوي المغربي بثلاث أهداف لواحد رد به الاعتبار أيضا للجزائر بعد الرباعية المراكشية و مع ذلك أقصي من السباق.

وإلى وقت قريب كانت الأندية الجزائرية خاصة في حال بلوغها دور الثمانية تنافس بشراسة للتأهل وُتقصى بشرف عادة ما يكون إقصائها أمام البطل أو وصيفه مما جعل الانطباع السائد عن تلك المشاركة يوصف بالايجابي ويعزى الإقصاء إلى عوامل مثل سوء الحظ أو التحكيم الإفريقي السيئ غير أن توالي الإخفاقات جعل الجميع في الجزائر يتأكد بان المسألة اكبر من الحظ التعيس وأن الفوارق الفنية و المادية بين الأندية الجزائرية و نظيرتها الإفريقية سواء العربية أو غيرها تتسع من موسم لآخر و أن الخلل الحقيقي يكمن في تراجع الأندية الجزائرية وفي مستوى الدوري وإمكانيات اللاعب المحلي وهو ما جعل الجميع يقتنع بقراراتالمدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب الوطني وتفضيلهم الاعتماد على اللاعبين المحترفين في الخارج بدلا من لاعبي الدوري المحلي بسبب تواضع مستوياتهم البدنية و الفنية و حتى الذهنية.

غير أن مسؤولية هذه الإخفاقات لا يتحملها اللاعب بمستواه المتدني لوحده بل تتحملها الأندية المشاركة بالدرجة الأولى فهي لم تعد تولي المنافسة القارية نفس الاهتمام الذي كانت توليه في عشرية الثمانينات والتسعينات ولا حتى نفس الاهتمام الذي توليه أندية تونس والمغرب ومصر التي تراهن على التتويج بأحد اللقبين القاريين لتحسين مواردها المالية وللترويج للاعبيها تمهيدا لتصديرهم إلى الخارج وهنا تكون المصلحة متبادلة بين النادي و اللاعب .

و يتجلى قلة اهتمام ممثلي الجزائر بالمسابقات القارية الإستراتيجية التي يتبعونها للدفاع عن حظوظهم أمام الأندية المنافسة فالأندية الجزائرية المعنية بالمشاركة القارية تخوض مباريات الأدوار التمهيدية بتشكيل سرعان ما يتغير بشكل كبير في مباريات دور الثمانية حيث يهجرها ألمع اللاعبين بسبب العقود القصيرة التي تربطهم بالنادي الذي يفشل أيضا في تأهيل العدد الكافي من لاعبيه الجدد في اللائحة الإفريقية لأسباب تتعلق في الأساس بقلة الاحترافية و اللامبالاة وهو ما ينطبق على المولودية و الشبيبة الأول خاض مباراته الأولى في دور المجموعات أمام الترجي التونسي بـ14 لاعب فقط وبحارس مرمى واحد بعدما غادره كل من نسيم بوشامة ومحمد زماموش و بدبودة و مقداد وآخرين فشلت الإدارة في الإبقاء عليه و إقناعهم بالتضحية بالعروض المغرية التي وصلتهم من اجل الدفاع عن الكرة الجزائرية والسيناريو نفسه تكرر مع الشبيبة الذي غادره كل من يحي الشريف و بلال نايلي و نبيل يعلاوي و زيتي وكوادر أخرى أخفقت الإدارة في انتداب آخرين بنفس المستوىذلك أن تغيير التشكيل يتطلب عدد من المباريات حتى يتسنى للفريق تحقيق الانسجام اللازم بل أن بعض الفرق تلجأ إلى انتداب لاعبين تعلم جيدا استحالة تأهيلهم بما أنهم سبق لهم أن لعبوا المنافسة القارية كما حدث هذا العام مع نبيل حيماني و حسين مترف في الشبيبة و فوزي شاوشي في المولودية .

كما أن الأندية الجزائرية المعنية بالبطولات القارية ورغم أن إمكانياتها البشرية والمادية محدودة إلا أنها تحاول خوض عدة جبهات و استحقاقات في موسم واحد بنفس التشكيل خاصة البطل الذي يحاول الدفاع عن تاجه ونيل الكأس وخوض غمار المسابقة الإفريقية مما يعرض اللاعب للإرهاق مع توالي المبارياتوتعرضه للإصابات وقلة وسائل الاسترجاع وهي المسؤولية التي تتحملها الإدارة و المدرب معا فالإدارة مطالبة بالتضحية بإحدى البطولاتوالتركيز على بطولة واحدة مما يضاعف من فرص الفوز بها والمدرب مطالب بتوظيف جميع اللاعبين على أساس أن الفريق يضم في تعداده 25 لاعباً و ليس 11 فقط لكن الأغرب هذا العام هو أن الشبيبة و المولودية و رغم تأهلهما إلى دور المجموعات وجد أنفسهما يلعبان من أجل تفادي الهبوط حتى الجولة الأخيرة.

ومما زاد الطين بلةهو تأخر انتهاء بطولة الدوري المحلي مما يجعل حصول اللاعبين على الراحة السلبية التي يفترض ألا تقل مدتها عن30 يوماً أمراً شبه مستحيل.

وتزداد الأمور تعقيدا بالنسبة للاعبين الدوليين الذي يلعبون مباريات أكثر مع المنتخب الوطني، ذلك أن استحقاق مثل دور المجموعات لدوري الأبطال الذي تشارك في نخبة الأندية الإفريقية يتطلب على اقل تقدير إقامة معسكر إعدادي لا تقل مدته عن الأسبوعين مع عدد من المباريات الودية وهو الأمر الغائب عن الأندية الجزائرية التي عادة ما تستأنف تدريباتها قبيل أيامعن أول مباراة لتكتشف عيوبها الفنية و البدنية ليأتي رئيس النادي و يبرر إقصاء فريقه بأنه راجع لعدم انطلاق الدوري إذا كان الإقصاء في أيلول أما إذا كان في أيار فيقول بأنه راجع لتأخر انتهاء الدوري .

من جانبه يتحمل الاتحاد الجزائري جزءا مهماً من مسؤولية أخفاق أنديته في الدفاع عن شرف الكرة الجزائر في المحافل القارية فالرزنامة التي يضعها لا تأخذ بعين الاعتبارمشاركة أندية في منافسة قارية حيث تجد الأندية نفسهامضطرة لخوض ماراثون من المباريات في فترة وجيزة بمعدل لا يقل عن ثلاث مباريات في الأسبوع مما أرهق كاهل هذه الأندية ، كما أن الاتحاد لا يتحمل تكاليف ومصاريفالأندية ولا يضمن لها رحلات خاصة أو على الأقل المتأهلة للأدوار المتقدمة تقي اللاعبين عناء الرحلات الطويلة المكلفة مادياً والمتعبة بدنياو هي المسألة التي كثيراً ما تعرض لها رئيس نادي شبيبة القبائل شريف حناشي لدرجة تهديده بالانسحاب من المنافسة في وقت تلقى بقية الأندية الإفريقية مساندة كبيرة من اتحاداتها الوطنية التي توفر لها مساعدات مالية سخية و تتساهل معها في موضوع رزنامة المباريات المحلية وفق ما يخدم مصالحها القارية.

كما أن حرمان الأندية الجزائرية من اللاعبين الأجانب ساهم في إضعاف موقفها أمام منافسيها و الجميع لاحظ الإضافة المهمة التي يضمنهالاعب مثل الكاميروني يانيك نجونق لهجوم الترجي أو الكونغولي فابريس اونداما للوداد البيضاوي أو الانغولي فلافيو مع الأهلي في وقت حرمت الأندية الجزائرية من انتدابأكثر من لاعبين مع إشراك احدهما فقط في المباريات الرسمية في وقت تطالب الأندية بالسماح لها بالتعاقد مع ثلاث لاعبين أجانب.