لم ترقَ حصيلةمشاركة المنتخبات العربية الاولمبيةالثلاثة- المغرب ومصر والجزائر ndash; في بطولة أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة والمؤهلة إلى نهائيات اولمبياد لندن 2012 إلى مستوى تطلعات وأماني الجماهير العربية ، ولا إلى مستوى توقعات الخبراء و الفنيين العرب ، والتي كانت تصب كلها في التتويج بالبطولة القارية الأولى من نوعها والظفر بالتأشيرات الثلاث المؤهلة بشكل مباشر إلى الاولمبياد لندن.

فالحصيلة العربية اقتصرت على حجز بطاقتين فقط من أصل ثلاث بطاقات ونصف البطاقة ممكنة ، لكنهم أضاعوا التتويج بالبطولة التي راحت لمنتخب الغابون ، الذي أصبح ينعت بدانمارك القارة السمراء حيث دخل البطولة من أضيق الأبواب وكان الجميع يرشحه لمغادرتها مبكرا ليخرج منها في الأخير من أوسع الأبواب موشحا بتاجها، في وقت حدث العكس بالنسبة للمنتخبات العربية التي كانت مرشحة فوق العادة لتحقيق طموحات محبيها ، فبالإضافة إلى عاملي الأرض والجمهور فقد وضعت تحت تصرف الثلاثي العربي جميع الإمكانيات الفنية والبشرية والمادية من معسكرات ومباريات حبية ومنح مالية مغرية إضافة إلى أنها استفادت من تواجد أفضل لاعبيها المحليين منهم والمحترفين رغم أن المسابقة لا تندرج ضمن أجندة الاتحاد الدولي ، حيث بذل الاتحادين الجزائري والمغربي مجهودات جبارة للحصول على تراخيص رسمية استثنائية من الأندية الأوروبية المعنية تسمح بإشراك عدد من اللاعبين المحترفين.

ويحسب للعرب اختكارهم التمثيل في التشكيل المثالي بوجود ستة لاعبين ثلاثة من المغرب ومثلهم من مصر.

وحقق المنتخب المغربي مستضيف الدورة والمدجج بترسانة من اللاعبين المحترفين والذين بلغ عددهم 13 لاعب ينشطون في أقوى الدوريات الأوروبية حقق أفضل حصيلة ، إذ كان أول منتخب عربي يضمن تواجده في عاصمة الضباب الصيف القادم ، بعدما تأهل بسهولة إلى الدور قبل الأخير على حساب منتخبي نيجيريا والجزائر ، ثم تأهله إلى المباراة النهائية عقب تجاوزه شقيقه المنتخب المصري.

وكان بإمكان اسود الأطلس أن يحققوا البطولة خاصة انه تقدموا في النتيجة بهدف مبكر نوعا ما سجله مهاجم النادي الثاني لمدينة اندهوفن الهولندية يونس مختار ، غير أن بقية اللقاء أكدت بأن المغاربة باعوا جلد الدب قبل يصطادوه فاصطادتهم فهود الغابون ، وبدا واضحا بان نقطة ضعف المنتخب المغربي و مدربه الهولندي تكمن في دكة البدلاء التي تفتقر لعناصر على نفس مستوى اللاعبين الأساسيين فالفرق شاسع بين الحارس ياسين الخروبي وبديله يونس اتري المرتبك ، كما أن غياب المهاجم المتألق عبد العزيز رادة ترك تأثيرا سلبيا على بقية المجموعة وأحدث خللا فيتوليفة فيربيك ، ومما زاد من صعوبة المهمة في المواجهة النهائية هو استسهال المغاربة لمنافسهم ، وهو العامل الذي حوله مدرب الأخير كلود برنار لتحفيز أشباله نفسيا لقلب الطاولة إذ اعترف بعد نهاية المباراة بأن العودة في النتيجة كانت أهم نقاط قوة المنتخب الغابوني في هذه البطولة.

وبالمقابل فان المنتخب المغربي فشل في مبارتين في الرجوع في النتيجة أمام السنغال في الدور الأول وفي النهائي ، وهو ما يتحمل مسؤوليته الرئيسيةالمدرب الهولندي الذي أساء إلى حد ما قراءة المنافسين و المباريات فحتى ضد المنتخب المصريكان الأخير الأقرب إلى تعديل النتيجة خاصة بعد التغيير الأحمق الذي أقدم عليه فيربيك بإخراج برادة الذي كان أحسن لاعب في المباراة وأدخل ياسين القاسيمي غير الجاهز.

وهكذا حقق المنتخب المغربي من هذه البطولة هدف واحد فقط من ضمن هدفين وضعهما ضمن طموحاته قبل انطلاقتها وهو التأهل إلى الاولمبياد للمرة السابعة في تاريخه بينما فشل في التتويج باللقب ، وفضلا عن ذلك كسب منتخبا محترما سيكون خزانا للمنتخب الأولى قد يجد فيه مدربه البلجيكي إيريك غيريتس ما يحتاجه من قطع غيار ضرورية في كأس أمم إفريقيا للكبار والتي سيواجه فيها أيضا منتخب الغابون ، حيث ضمت التشكيلة المثالية الأساسية للبطولة ثلاث لاعبين من المغرب هم عزيز برادة والذي يمكن اعتباره الأفضل في هذه المسابقة ويونس مختار وزكريا بركديش إضافة إلى الثنائي سفيان البيضاويوعدنان تيغدويني اللذان أدرجا في التشكيل الاحتياطي وبالتأكيد فان هذا الخماسي قد ضمن تواجده في لائحة الـ23 لاعب التي سيعتمد عليهمغيريتس خاصة في ظل عدم جاهزية وإصابة عدة أسماء. كما نال برادة لقب هداف البطولة مناصفة مع النيجيري رحيم لاوال بتسجيله ثلاث اهداف.

كما كسب المغرب خبرة في مجال تنظيم مثل هذه التظاهرات سيكون لها الأثر الايجابي في المستقبل القريب خاصة انه مقبل على استضافة تظاهرات ممثلة مثل أمم إفريقيا للفتيان وكأس العالم للأندية وكأس أمم إفريقيا وربما كأس العالم عام 2026.

وحقق المنتخب المصري ثاني أفضل نتيجة عربية في هذه المسابقة القارية الجديدة محققا الهدف الأسمى الذي من اجله شارك وهو بلوغ النهائيات الاولمبية بشكل مباشر للمرة الـ11 و الأولى منذ اولمبياد برشلونة عام 1992 ، و تفادي انتظار شهر نيسان لخوض الملحق أمام رابع آسيا ، وذلك بعد تأهله إلى المربع الذهبي و حلوله ثالثا في الترتيب النهائي للبطولة بعدما هزم السنغال في المباراة الترتيبية .

وبالنظر إلى التحولات التي تشهدها الكرة المصرية في الآونة الأخيرة وتأثرها سلبا بالوضع السياسي التي تمر به البلاد، فانه يمكن القول بأن الاولمبي المصري حقق نتيجة طيبة ، وأن العبور إلى لندن هو انجاز في حد ذاته ، و بالتأكيد فانه لو استضافت مصر هذه البطولة فان أشبال المدرب هاني رمزي كانوا سيلعبون من أجل الكأس و لا غير، فالتعداد الثري الذي يضمه المنتخب المصري لم يكن يحتاج سوى لمناخ معنوي أحسن أثناء الإعداد لهذه المنافسة ، وباستثناء الهزيمة من منتخب ساحل العاج فان الفراعنة كانوا الأقرب دوما إلى الانتصار حتى عندما خسروا من المغرب في الدور النصف النهائي أتيحت لهم فرصا اخطر لو استغلت لكانت الأمور انقلبت.

وحمل التشكيل المثالي للدورة ثلاثي مصري برز في هذه البطولة بشكل لافت و يتعلق الأمر بالحارسأحمد الشناوي الذي ظهرت عليه علامات النضج مبكراً و أصبح يهدد مكانة السد العالي المخضرم عصام الحضري في قادم الاستحقاقات ، وحسام حسن ومعاذ الحناوي.

وعموما ضمنت الكرة المصرية على غرار نظيرتها المغربية منتخبا يافعا قد يحتاجه المدرب الأمريكي بوب برادلي في إستراتيجية الإحلال البشريالتي يقوم بها في إطار الإعداد لتصفيات كاس أمم إفريقيا 2013 و كأس العالم 2014 لتعويض الشيوخ الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من الاعتزال الدولي.

كما كسبت مصر مدربا وطنيا قد تحتاج إلى خدماته في المستقبل القريب ، حيث برهن هاني رمزي تمتعه بكفاءة فنية ورؤية تكتيكية خاصة تفضيله اللعب بثلاث مهاجمين مطبقا مبدأ أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم في وقت أن بعض المدربين يلعبون بمهاجم واحد ويطلبون منه مساندة زملائه المدافعين.

وسجل المنتخب الاولمبي الجزائري أسوء نتيجة عربية في البطولة ، وخرج خائبا يجر أذيال الهزيمة و الإقصاء للتواصل بذلك انتكاسة الكرة الجزائرية رغم استفادته من تسهيلات هامة حيث خاض سلسلة من المعسكرات على مدار سنتين، و رغم أن النقاد رشحوه على الأقل لاحتلال الصف الرابع الذي يضمن له لعب الملحق خاصة بعد بدايته الموفقة عندما فاز على السنغال، قبل أن يخسر من البلد المنظم ثم من المنتخب النيجيري الذي كان قد أقصي برباعية كاملة مقابل هدف واحد، ليحافظ بذلك الخضر على مشاركة وحيدة في نهائيات الاولمبياد بموسكو عام 1980 ، لتشهد المدينة الحمراء مراكش مرة أخرى على نكسة جديدة للكرة الجزائرية بعد تلك التي كانت شهر يونيو المنصرم.

وظهر واضحا من خلال أداء اللاعبين في المباريات الثلاث أن الخضر لم يستفيدوا من تلك المباريات و المعسكرات التحضيرية خاصة من الناحية البدنية ، و أن مدربهم عز الدين ايت جودي لم يتمكن من معالجة النقائص ، و لم يستفد من كافة التعداد البشري الذي كان موجودا.

ولم تشفع التبريرات التي لجا إليها جودي لتفسير إخفاقه لم تشفع في التقليل من حدة مرارة الإقصاء، فإذا كانت الهزيمة ضد نيجيريا حسب جودي يتحمل مسؤوليتها مدرب المنتخب الأول البوسني وحيد خاليلوزيدش بتواجده مع بعثة الخضر مما افقد زملاء محمد شعلالي تركيزهم فمن يتحمل الهزيمة ضد المغرب في مباراة كان المحاربون اقرب إلى الفوز بها من خلال الفرص الخطيرة التي صنعوها ، و أكثر من ذلك أين صلاحيات جودي التي تمنحه سلطة منع أي شخص من الاقتراب من اللاعبين بما فيهم خاليلوزيدش ، و هنا تكون تفسيرات جودي صحيحة و بشكل مطلق فمثلما كان اللاعبون يبحثون عن مجدهم الشخصي بتفضيلهم اللاعب الفردي على أمل نيل ثقة البوسني فان جودي نفسه كان يركز على مجده الشخصي ليس إلا.

وتبقى النقطة الايجابية الوحيدة التي تحسب للمشاركة الجزائرية تتعلق بوجود عناصر يافعة لها مؤهلات فنية عالية تؤكد بان المادة الخام لا تزال موجودة في الجزائر عكس ما تروج له العديد من الجهات لتبرير اللجوء دوما إلى المغتربين لتشكيل المنتخبات الوطنية في مختلف الأعمار على حساب المحليين.