يعيش الشارع الرياضي المصري وقتًا عصيبًا، في ظل إصرار إتحاد الكرة ووزارة الرياضة على إقامة كأس السوبر، ورفض جماهير الأولتراس الأهلاوي ذلك قبل الاقتصاص من مرتكبي مذبحة بورسعيد، التي راح ضحيتها 74 من زملائهم.


ساعات قليلة في مدتها وإن كانت الأطول في أهميتها تلك التي عاشها الشارع الرياضي المصري قبيل انطلاق صافرة مباراة السوبر الأخيرة بين ناديي الأهلي وإنبي على ملعب برج العرب، نظراً لما أحيط بالمباراة من لغط كبير، على خلفية رفض جماهير أولتراس أهلاوي إقامة المباراة من الأساس، واستمرار وقف النشاط الكروي، لحين البت في قضية مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها 74 من زملائهم.

المباراة وإن خرجت إلى بر الأمان، بعد أن كانت مهددة بالإلغاء، في ظل تصاعد المواجهة مع الأولتراس، وإصداره بيانًا يهدد فيه باقتحام ملعب اللقاء حال إقامة المباراة، إلا أنها كانت فاصلة بالنسبة إلى المسؤولين الذين كانوا يريدون التأكيد على فكرة دولة القانون، وأنه لابد للحياة أن تعود مرة أخرى، بالاتساق مع سير المحاكمات.

ورغم كل الضغوط التي مارسها جمهور أولتراس قبل بدء المباراة لمنع إقامتها كاقتحامه مقر النادي الأهلي في الجزيرة وهتافه ضد مجلس الإدارة واللاعبين واقتحامه مقر اتحاد الكرة في الجبلاية ومن ثم اعتصامه أمام النادي وإصداره بيانات شديدة اللهجة، إلا أن العامري فاروق، وزير الدولة للشؤون الرياضية حالياً وأحد أعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي سابقاً، كان حاسماً تماماً في موقفه الرافض لتلك اللغة، مؤكداً سيادة القانون ومواجهة أي خروج عن النص بكل شدة وحزم.

أزمة مباراة السوبر وإن بدت في ظاهرها أزمة مباراة في كرة القدم إلا أنها كشفت عن رؤى جديدة يجب الاعتماد عليها في معالجة بعض أوجه القصور التي شوّهت جوانب عديدة في النشاط الرياضي في مصر، من أهمها طريقة تعاطي الجمهور مع رياضة كرة القدم، ونبذ روح التعصب، وكذلك أداء الإعلام الرياضي، لاسيما ما تقدمه بعض المحطات التلفزيونية من محتوى تصادمي يفتقر إلى اللغة الكروية الجادة والبناءة.

في غضون ذلك، أصدر النادي الأهلي يوم الاثنين قراره بشأن العقوبات التي كانت متوقعة ضد لاعب الفريق محمد أبو تريكة بسبب إعلان الأخير عدم رغبته في المشاركة بلقاء السوبر تضامناً مع اسر شهداء إستاد بورسعيد، وشملت العقوبات استبعاد اللاعب شهرين وتغريمه نصف مليون جنيه وحرمانه من حمل شارة الكابتن.

لاعبو الأهلي ومدربهم البدري يلوحون بالشارات السوداء بعد التتويج

وقبل إصدار تلك العقوبات، عجّت مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمها فايسبوك وتويتر بكثير من التعليقات الجماهيرية الرافضة لما أثير في بعض وسائل الإعلام عن احتمالية صدور قرار بعرض أبو تريكة للبيع، ويكفي أن أحدهم قال مستنكراً أمرا كهذا بقوله quot; القديس هو أرجل لاعب في الفريقquot;.

وربما لم تهدأ نوعاً ما عاصفة الغضب التي تحمل في فحواها تضامناً مع النجم الخلوق إلا بعد أن تم الإعلان عن تلك العقوبة المغلظة التي رفضها كثيرون أيضاً، خاصة وأن اللاعب لم يرتكب جرماً أخلاقياً جسيماً، كي يتعرض لتلك العقوبة المشددة من جانب مسؤولي ناديه.

وقد بادر أبو تريكة من جانبه إلى تقديم اعتذاره لمجلس إدارة الأهلي والجهاز الفني وزملائه اللاعبين جراء ما ترتب على الموقف الذي اتخذه قبل مباراة السوبر الأخيرة.

وأصدر اللاعب بياناً جاء فيه quot; إذ أؤكد على تقديري واحترامي للنادي الأهلي، هذا الكيان الكبير، فأني أؤكد على احترامي وتقبلي العقوبات التي صدرت بحقي من قبل إدارة النادي، وأؤكد على تقبلها بصدر رحب، وانتهز الفرصة لأجدد اعتذاري للجميع، إدارة وجهازًا فنيا ولاعبين وأعضاء وجماهير نادينا الكبير عما بدر من جانبي، وهو ما حمل الجميع ضغوطا نفسية وعصبية كبيرتين قبل وأثناء وبعد مباراة السوبر. علماً بأنني بادرت وقبل الإعلان عن العقوبات إلى الاتصال بأعضاء الجهاز الفني وزملائي اللاعبين لتقديم الاعتذار الرسمي لهم عما سببته لهم من ضغوط كبيرةquot;.