وسط الضجة الاعلامية التي احاطت بالقرار المفاجىء الذي اتخذه السير الاسكتلندي اليكس فيرغوسون الاربعاء ثم الاعلان الخميس عن ان مدرب ايفرتون مواطنه ديفيد مويز سيخلفه في مهام الاشراف على مانشستر يونايتد، هناك واقع هام جدا لعب دوره في النجاحات التي حققها quot;الشياطين الحمرquot; وهو عامل الاستقرار.

بعد ان منحت المدرب الحالي اكثر من 26 عاما على مقاعد التدريب من اجل اعادة بناء الفريق والانطلاق به نحو الالقاب اولا ثم تكريس موقعه بين العظماء ثانيا، قررت ادارة يونايتد ان تمنح المدرب المستقبلي عقدا يمتد لستة اعوام.

قد لا يكون عقد الاعوام الستة الذي وقعه يونايتد مع مويز بطول عقد الاعوام الثمانية التي منحها نيوكاسل لالن باردو بعد ان قاده الموسم الماضي الى المركز الخامس في الدوري الممتاز، لكنه ما زال يعتبر عقدا طويل الامد في العصر الحالي لكرة القدم.

ان عقد الاعوام الستة الذي وقعه يونايتد مع مدرب ايفرتون، يثبت مجددا اهمية عاملي الاستقرار والاستمرارية في مؤسسة مانشستر يونايتد التي اختارت مويز لاقتناعها بقدرته وليس لسد فراغ فيرغوسون، وابرز دليل على ذلك هو العقد الطويل الامد.

يشكل عامل الاستقرار الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها يونايتد، وذلك خلافا لسياسة الاندية الانكليزية الاخرى وعلى رأسها تشلسي الذي تعاقد مع مدربه الحالي الاسباني رافايل بينيتيز حتى نهاية الموسم بعد ان حل بدلا من الايطالي روبرتو دي ماتيو في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

واصبح بينيتيز المدرب العاشر لتشلسي في حقبة الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش الذي وصل الى النادي اللندني منذ 10 اعوام، في حين سيكون مويز المدرب الثاني فقط ليونايتد منذ 1986.

من المؤكد ان المسؤولين في يونايتد يستحقون التقدير ايضا على النجاحات التي حققها الفريق بقيادة فيرغوسون، اذ انهم احتفظوا بالاخير رغم المصاعب التي عاشوها معه، خصوصا في بداية مشواره مع quot;الشياطين الحمرquot;.

احتاج فيرغوسون الى ثلاثة اعوام ونصف للفوز بلقبه الاول مع يونايتد وكان في مسابقة الكأس عام 1990، ثم انتظر لثلاثة اعوام اخرى لكي يتوج بلقبه الاول معه في الدوري.

كما حل يونايتد مع المدرب الاسكتلندي مرتين في المركز الحادي عشر ومرة في المركز الثالث عشر في المواسم الاربعة الاولى معه، كما اختبر فترة صعبة اخرى بقيادته قبل حوالي عقد من الزمن حين فشل في احراز اللقب لثلاثة مواسم على التوالي الا ان ذلك لم يزعزع العلاقة بين الطرفين لان الادارة تدرك اهمية العمل الذي قام به المدرب الاسكتلندي منذ توليه منصبه.

وكانت الفترة بين 2004 و2006 المرة الاولى منذ انطلاق الدوري الممتاز التي يتخلى فيها يونايتد عن اللقب لاكثر من موسم واحد، علما بانه احرز مع المدرب الاسكتلندي اللقب ثلاث مرات متتالية في مناسبتين.

واجه فيرغوسون خلال فترة quot;الجفافquot; الكثير من التشكيك والتساؤلات حول مستقبله مع quot;الشياطين الحمرquot; لكن ادارة النادي تمسكت دائما بخدماته بفضل بعد نظرها ولا يبدو انها ستغير سياستها في اي وقت قريب بعد تعاقدها مع مويز لستة اعوام.

هذه السياسة التي يعتمدها يونايتد لا تشاطره بها اندية كثيرة في انكلترا وخارجها، فبلاكبيرن على سبيل المثال اقال سام الاردايس في كانون الاول/ديسمبر 2010 لانه كان يحتل المركز الثالث عشر في الدوري الممتاز، وهذا الامر وصفه فيرغوسون حينها بالقرار quot;السخيف تماماquot; من قبل ادارة النادي.

صحيح ان بلاكبيرن تجنب في ذلك الموسم الهبوط الى الدرجة الاولى لكنه لم يصمد طويلا اذ سقط في الموسم التالي مباشرة وقد اقالت ادارته منذ حينها ثلاثة مدربين والنتيجة كانت ان الفريق كان قاب قوسين او ادنى من الهبوط الى الدرجة الثانية هذا الموسم.

وهناك سياسات اكثر تطرفا خارج انكلترا وخصوصا في ايطاليا ويجسدها بشكل فاضح رئيس باليرمو ماوريتسيو زامباريني الذي غير اربعة مدربين هذا الموسم وفريقه ما زال يصارع من اجل تجنب الهبوط الى الدرجة الثانية.

وخلال الاعوام ال26 التي امضاها كرئيس في فينيزيا ثم باليرمو غير زامباريني 43 مدربا، بعضهم اقيل من منصبه اكثر من مرة.

وقد يكون زامباريني لعب دورا كبيرا في اعادة باليرمو للدرجة الاولى بعد غياب 31 عاما، لكن فقدان الاستقرار اثر دون شك على اداء الفريق وتسبب بوجوده هذا الموسم في موقع لا يحسد عليه.

ان التوقيع مع مدرب لستة اعوام امر غير مألوف في ايطاليا وابرز دليل على ذلك ما حصل مع ماسيميليانو اليغري الذي وقع عقدا لمدة عامين مع ميلان ثم وبعد فوزه بلقب الدوري في موسمه الاول معه لم يحصل سوى على مكافأة التمديد لعامين فقط.

ان غالبية عقود المدربين في الدوري الايطالي لا تمتد لاكثر من الموسم الذي يخاض، او الذي يليه كحد اقصى لان رؤساء الاندية يدركون بانهم سيتخلون عن المدرب في حال اي تعثر وبالتالي يبحثون عن تجنب التبعات المالية لفسخ العقود الطويلة الامد.

ويعتبر مدرب نابولي الحالي وولتر ماتزاري المدرب الاكثر صمودا مع فريقه بين المدربين الحاليين، اذ لا يزال في منصبه منذ تشرين الاول/اكتوبر 2009، اي منذ اقل من اربعة اعوام.

ما هو مؤكد، ان بامكان مويز ان يكون مطمئنا على وضعه في يونايتد في حال حصول اي تراجع في النتائج، لان احدا في الادارة لن يشكك بقدراته ويفكر بامكانية التخلي عنه على اقله في الاعوام الاربعة المقبلة، لان الاستمرارية والاستقرار هما السلاحان اللذان منحا quot;الشياطين الحمرquot; النجاحات خلال فترة الاعوام ال26 والنصف التي امضاها السير اليكس في منصبه.