&جاء إعلان السويسري جوزيف سيب بلاتر استقالته من منصبه كرئيس للإتحاد الدولي لكرة القدم بعدما قضى فيه 40 عاماً كانت حافلة بالاحداث الكروية ، خاصة ان فترة عمله في "الفيفا " تزامنت مع ارتقاء&الساحرة المستديرة فنياً و تنظيمياً ومالياً وأصبحت كرة القدم تدر أرباحاً طائلة وتُسيل لعاب كبار الشركات الراعية والذين يتطلعون بدورهم إلى تحقيق مكاسب ضخمة حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الجلد المنفوخ الذي لم يعد يحتمل مزيداً من النفخ.

&صحيفة " إيلاف " و بالتزامن مع قرار بلاتر بإعلانه الاستقالة وتنحيه عن منصبه كرئيس لأكبر منظومة رياضية ، تستعرض ابرز 10 محطات تاريخية عرفتها مسيرة بلاتر داخل منظومة الفيفا.
&
1- البداية والمهمة الأولى
&
دخل بلاتر أروقة الإتحاد الدولي عام 1975 لينضم إلى فريق الرئيس الجديد للهيئة الكروية العالمية البرازيلي جواو هافيلانج &الذي كلف خليفته على رأس الفيفا بمهمتين رئيستين ، وهما إدارة مشاريع وبرامج تطوير كرة القدم في العالم ، وإيجاد رعاة جدد للفيفا لمساعدتها مالياً على تنظيم مختلف البطولات خاصة نهائيات كأس العالم .&
&
وأول مهمة نجح بلاتر في إتمامها كانت سفرته إلى اثيوبيا للإشراف على ملتقى لتطوير كرة القدم في القارة السمراء إستضافته العاصمة أديس أبابا، وهو الملتقى الذي ساهم في ربط علاقة الود والتحالف الابدي بين بلاتر والأفارقة بعدما ادرك السويسري أهمية الوعاء الانتخابي كما في انتخابات الفيفا وهي الحقيقة التي لم يعلمها غيره من المرشحين الذين ظلوا يراهنون فقط على أوروبا وأميركا اللاتينية.&
&
وبحسب مستشاره السويسري والتر غاغ فإن ملتقى اثيوبيا شكل بالنسبة لبلاتر نواة مشواره في الفيفا على مدار الأربعين عاماً التي تلته خاصة مشروع (الهدف)، ومشروع تدوير تنظيم نهائيات المونديال للسماح لافريقيا باحتضان العرش الكروي العالمي رغم رفض الأوروبيين.
&
2- الترقية الأهم&
&
في عام 1981 ، وبعد نحو 6 أعوام من الصعود الصاروخي لبلاتر، قرر البرازيلي هافيلانج رئيس الإتحاد الدولي وبإيعاز ومشورة من هورس داسلار الرئيس التنفيذي لشركة أديداس الألمانية الراعي الرئيس للإتحاد تعيين السويسري بلاتر أميناً عاماً للفيفا ليكون بذلك الاقرب إلى رئيس الفيفا بل وأصبح ذراعه الأيمن، حتى أنه يمكن القول إن بلاتر كان الرئيس الفعلي للفيفا حتى عندما كان لا يزال أميناً عاماً خاصة في ظل الأزمات الصحية التي اعترضت جواو .
&
ووفقا لمقربين من الشركة الألمانية فإن بلاتر كان يعمل وفق مصالح أديداس ورئيسها داسلار، ولأن الفيفا لم يكن بإمكانه الوفاء بالتزاماته دون مساعدة الراعي الرسمي ، فإن ذلك سهّل من مهمة بلاتر في التسلق إلى أعلى هرم الفيفا دون اعتراضات، خاصة ان السويسري كانت تربطه علاقة مصاهرة بمالك أديداس.
&
3- خلافة هافيلانج&
&
أمام تدهور حالته الصحية لم يجد البرازيلي جواو هافيلانج بدا من الانسحاب من رئاسة الفيفا وتنظيم انتخابات في يونيو العام 1998 على هامش نهائيات كأس العالم التي اقيمت في ذلك الوقت في فرنسا، ويتم ترشيح بلاتر بدعم من هافيلانج وسط تأييد من رعاة الفيفا أمام المرشح الأوروبي السويدي لينارت يوهانسون رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم.&
&
وجاء ترشح بلاتر بعدما أدرك بان خروج هافيلانج من الفيفا سيؤدي حتما إلى خروجه هو ايضا إذا ما فاز يوهانسون &فقرر منافسته ، وراهن على الاتحادات الوطنية خاصة في القارة السمراء التي منحته ثقتها مقابل وعود بعضها تحقق والبعض الاخر ظل ينتظر التنفيذ، ومقابل رشاوٍ أيضاً بحسب التقارير التي أكدت أن ابنته كورين سلمت أكياسا ربما تحتوي على أموال لأعضاء الكونكاكاف، وهو الاتحاد الذي اصبح أكثر حضورا في الفيفا خلال عهد بلاتر الرئاسي .
&
4- أول ضربة لبلاتر&
&
باشر بلاتر مهامه على رأس الفيفا في عام 1998، وبعدها بعام في 1999 تلقى أول ضربة وإن لم تسقطه فانها ساهمت في تشويه صورته كرجل نظيف بعد صدور كتابين يزعمان وجود فساد في تسيير الفيفا وتلقيه رشاوى ، وهو ما جعل بلاتر يتصدر عناوين الصحافة العالمية ليس كرئيس بل كمتهم حتى وإن لم تتم إدانته فانه سيخسر ويفقد الثقة في أمانته وحتى تاريخ استقالته.&
&
وفي العام نفسه و في محاولة منه لتحسين صورته من خلال الإنفتاح على مناطق فقيرة كروياً ، منح بلاتر اعتراف الفيفا بالإتحاد الفلسطيني لكرة القدم ليصبح عضوا في هيئة الفيفا بشكل رسمي .
&
5- إفلاس شركة اي أس ال&
&
في عام 2001 و قبل اشهر من انطلاق نهائيات كأس العالم 2002 في كوريا واليابان، تم الإعلان عن إفلاس شركة (اي أس ال) &التي حصلت على إمتياز توزيع وإدارة حقوق البث التلفزيوني لمونديالي 2002 و2006&بألمانيا مقابل مليار و200 مليون يورو في 1996، ليجد بلاتر نفسه في ورطة حقيقية خاصة &أن عددًا من المسؤولين في الفيفا السابقين أو الحاليين على غرار جواو هافيلانج وريكاردو تيكسيرا كانوا يعملون في الشركة المفلسة وبالاخص بعدما تم التأكد بأن سبب سقوط إمبراطورية الشركة يعود إلى العروض الضخمة التي قدمتها للحصول على حقوق بث مختلف المناسبات الرياضية العالمية والتي جعلتها غير قادرة على الوفاء بإلتزامتها .
&
ولأن الشركة المفلسة كانت قريبة من بلاتر فإن سقوطها كان سيؤدي بالتالي لسقوطه لو لم يقرر اللجوء إلى العدالة ضدها تجنبا لإفلاس الفيفا التي خسرت حينها 66 مليون يورو .
&
6- تهمة مباشرة بالرشوة
&
في عام 2002 تم إتهام بلاتر بشكل مباشر بتلقي رشاوٍ من قبل مواطنه ميشال زين روفينن الامين العام للفيفا قبيل عقد الجمعية العمومية الانتخابية التي ترشح لها بلاتر من اجل فترة رئاسية ثانية على أمام الكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الافريقي.&
&
واصدر روفينن تقريرا مطولا أهم ما جاء فيه ان بلاتر قدم رشوة بـ 50 الف دولار لأحد الحكام من اجل فبركة تقرير ضد رئيس الاتحاد الصومالي فرح ادو احد معارضي ترشح بلاتر ومساندي حياتو وذلك من اجل الإطاحة به .&
&
ونجح بلاتر في البقاء في منصبه بدعم من حليفه سابقاً وغريمه لاحقاً القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي &حينها ، وبعد نجاح بلاتر بالترشح لفترة رئاسية ثانية ، أطاح بروفينن وفرح ادو وأبعدهما من الفيفا بلا رجعة.
&
7- وعد بلاتر يتحقق
&
في عام 2004 تحقق وعد بلاتر لأفريقيا بمنحها شرف استضافة نهائيات كأس العالم بعدما اصبحت جنوب افريقيا ، أول بلد أفريقي ينظم هذه البطولة في عام 2010 بعدما فشلت أمام ألمانيا في نسخة 2006.&
&
وفسر المتابعون حصول أفريقيا على امتياز تنظيم مونديال 2010، بأنه كان رشوة شرعية قدمها بلاتر للأفارقة للحصول على أصواتهم في انتخابات عام 2007 التي سيتم فيها يتم تزكية السويسري على رأس الفيفا لفترة رئاسية ثالثة.
&
8- ملكا على الفيفا
&
رغم تقدمه في السن إلا ان سيب بلاتر حافظ على نشاطه وطموحاته للبقاء على رأس هرم المنظومة الكروية مهما كان منافسه بعدما اصبح ملعب الفيفا لا يتسع سوى لبلاتر ، ليقوم باللجوء إلى تأخير انتخابات الفيفا من 2006 إلى 2007 ممدداً عهده الثاني عاماً إضافياً، فحصل على تزكية اعضاء الإتحاد الدولي في غياب أي مرشح ينافسه ، ثم تكرر السيناريو نفسه&تقريباً في عام 2011 بعدما تمت تزكيته عقب إزاحته لمنافسه القطري محمد بن همام من طريقه بعدما أعلن ترشحه لخلافة حليفه بالامس ، حيث حدثت التزكيتان في وقت كان الجميع يعتقد أن بلاتر اقترب من التقاعد.
&
9- اختياران بدلا من اختيار
&
في الثاني من شهر ديسمبر من عام &2010 قرر الفيفا وبلاتر اختيار منظمي نسختين للمونديال للعام 2018 وللعام 2022 في سابقة جديدة ، بعدما كان العرف السائد هو اختيار منظم نسخة واحدة يتم قبل تاريخ إجرائها بستة أعوام.&
&
واختيرت روسيا لتنظيم مونديال 2018 وقطر لتنظيم 2022 ، ليتم إثارة جدل واسع حول اختيار البلدين بعدما اتهم النقاد بلاتر بمنحه تنظيم المونديال لبلدين تفتقر فيهما كرة القدم للشعبية فضلا عن أمور أخرى .
&
واتهم الفيفا وبلاتر بأن حصول الروس والقطريين على امتياز تنظيم المونديال لم يكن شريفاً وتم بمقابل رشاوٍ ضخمة حصل عليها عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا وظل الملف مفتوحا حتى استقالة بلاتر بعدما فشل في إقناع العالم بصحة الاختيار ونزاهته بناء على سياسة تدوير تنظيم المونديال بين القارات .
&
&
10- السقوط و النهاية&
&
قبيل أيام عن موعد الجمعية العمومية الانخابية لرئاسة الإتحاد الدولي التي جرت الجمعة المنصرم في مدينة زيوريخ السويسرية تعرض الفيفا لزلزال قوي اثر كشف فضيحة فساد كبرى حركتها العدالة السويسرية والقضاء الأميركي ، ومست عددا هاماً من اعضاء الفيفا، ليرفض معها بلاتر تأجيل الانتخابات، والإصرار على خوضها، ورفضه الانسحاب ، ليتمكن بالتالي من إكتساح منافسه الوحيد الأمير الاردني علي بن الحسين معتمداً كما حدث سابقاً على اصوات الاتحادات الصغيرة الأفريقية والآسيوية .
&
وتم الإعلان عن فوز بلاتر لفترة رئاسية خامسة تمتد حتى عام 2019 ، غير أن التطورات الأخيرة التي كشفت عن بروز فضيحة فساد اتهم فيها الأمين العام للفيفا الفرنسي جيروم فالكة الذراع الأيمن لبلاتر جعل الأخير يقرر رفع الراية البيضاء في الثاني من يونيو 2015 ، إيماناً منه بعدم قدرته على المقاومة بعدما شعر بأن الجميع تخلى عنه وأصبح وحيداً في مواجهة اتهامات خطيرة قد تجعله يقضي أيام عهدته الخامسة في أروقة المحاكم و ربما في السجن بدلا من حضور المباريات .