يعتبر أندريس إنييستا رمزا للرزانة وصاحب الهدف الوحيد في الوقت الاضافي للمباراة النهائية لمونديال 2010 الذي شهد اول لقب عالمي للمنتخب الاسباني لكرة القدم، وها هو يدخل نهائيات كأس أوروبا بثوب البطل القومي في بلاده التي تعول على خبرته كثيرا لتحقيق انجاز تاريخي يتمثل في احراز اللقب القاري الثالث على التوالي.

إنييستا المولود في فوينتيابيا بمنطقة المانش (وسط اسبانيا) كتوم بطبعه ولم يبحث أبدا عن اثارة الاضواء ولفت الانتباه. وصفه زميله السابق في المنتخب حارس المرمى بيبي رينا على سبيل المزاح في يوم من الايام "بالشخص الذي ليست له علاقة جيدة مع الشمس".

ولكن في الظل، إنييستا متألق. فهو شخص متواضع بفنيات رائعة وكلمات موزونة. "كرة القدم هي لعبة جدية جدا يجب الاستمتاع بها" هذا ما قاله اواخر آذار/مارس الماضي بصوت خافت وابتسامة خجولة.

وعلى الرغم من ان لاعب خط الوسط الهجومي الخبير (32 عاما) يملك اسباب الغرور، فهو ليس كذلك. سجله يتحدث عنه بفخر وريادة: بطل العالم (2010) وبطل أوروبا مرتين (2008، 2012) مع "لا روخا"، توج أربع مرات بلقب دوري ابطال اوروبا مع ناديه برشلونة حيث أصبح اللاعب الأكثر تتويجا معه الى جانب النجم الارجنتيني ليونيل ميسي.

وبطبيعة الحال، بسبب تألق الأرجنتيني، لم ينل إنييستا أبدا جائزة الكرة الذهبية التي يستحقها بالنظر الى مسيرته الكروية، وكانت افضل نتيجة له المركز الثاني عام 2010. ولكن القائد الحالي لبرشلونة يفكر في المقام الأول بان كرة القدم هي لعبة جماعية. ويقول في هذا الصدد: "قائد فريق ما، من دون زملائه، لا يساوى شيئا".

وإذا كانت حركته المفضلة هي التمرير، فان هز الشباك هو الذي رسخه في قلوب الاسبان خصوصا هدفه في المباراة النهائية لكأس العالم 2010 في مرمى هولندا.

 تراث الانسانية

اسقط انييستا المنتخب "البرتقالي" في الدقيقة 116 ليمنح منتخب بلاده باكورة القابه على الصعيد العالمي. اسبانيا باكملها لا تزال تتذكر فرحة لاعب وسط برشلونة وما كتب على فانيلته تحية الى داني خاركيه قائد اسبانيول والذي قضى بازمة قلبية عام 2009 بعمر السادسة والعشرين.

الهدف والرسالة المؤثرة التي بعث بها انييستا جعلته يدخل قلوب الشعب الاسباني بأسره، حتى اطلق عليه لقب "دون اندريس" وتقوم جماهير اندية اسبانيا بتحيته كلما وطأت قدماه ارض الملعب ويقول في هذا الصدد "انه امتياز كبير لي وانا اشعر بالفخر"، فيما وضعه مدربه الحالي في برشلونة لويس انريكي في مصاف "تراث الانسانية".

خاض انييستا 107 مباريات دولية ويقول ان لحظة تسجيله هدف الفوز كانت الاهم في مسيرته بقوله "اشعر بالفخر لانني كنت موجودا في تلك اللحظة التاريخية لمنتخب اسبانيا، ولجميع اللاعبين الذين واصلوا الحلم الذي تحقق في النهاية. ستظل تلك اللحظة ماثلة في التاريخ وانا اسعد شخص في العالم بعد ان ساهمت في تحقيق هذا الحلم".

يعتبر انييستا همزة الوصل بين جميع الاسبان، لكاتالونيا المنطقة التي احتضنته، ولا مانكا مسقط رأسه، كما انه اصبح همزة الوصل بينه وبين زملائه بعد اعتزال رفيقه تشافي هرنانديز، حيث يملك رؤية ثاقبة في الملعب ويمدهم بكرات متقنة.

يتمتع انييستا بلمسة سحرية ومراوغات رائعة وهو احد الاسلحة الهامة في منتخب اسبانيا بقيادة المدرب المحنك فيسنتي دل بوسكي الذي قال عنه: "لدينا كامل الثقة في مؤهلاته"، مضيفا "بعد موسم مثير، نتمنى ان يأتي الى المنتخب في افضل حالاته الفنية والبدنية".

ويدرك بطل الظل القصير القامة نسبيا (170 سنتم و65 كلغ)، حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه معترفا بان "هذا الموسم أشعر انني بحالة جيدة. انه احد المواسم الذي استمتعت فيها باللعب كثيرا سواء على المستوى الفردي او الجماعي"، معربا عن امله في قيادة منتخب بلاده الى اللقب.

يطلق على انييستا لقب "ال ايلوزيونيستا" (الساحر) او "سيريبرو" (المخ)، ويدين بوجوده في المنتخب الى مدرب اسبانيا السابق لويس اراغونيس الذي فاجأ الجميع عندما استدعاه الى تشكيلة المنتخب الاول للمشاركة في مونديال المانيا 2006 ومنحه مباراته الدولية الاولى خلال لقاء ودي عندما ادخله في الشوط الثاني امام روسيا في 27 ايار/مايو من العام ذاته، وهو لم يغب عن "لا فوريا روخا" منذ حينها.