يتابع محبو كرة القدم في عدد كبير من الدول العربية بحماسة بالغة مباريات كأس أوروبا 2016 في كرة القدم الجارية في فرنسا، ويدافعون عن فرقهم المفضلة ويرفعون اعلامها في المقاهي التي تنقل وقائع واخبار المواجهات الاوروبية في الرياضة الأكثر شعبية في المنطقة.

وتتزامن البطولة هذه السنة مع شهر رمضان، ما يؤثر سلبا على المقاهي التي دفعت حقوق نقل المباريات لا سيما بالنسبة الى تلك التي تجري عصرا قبل الافطار، في حين يتسبب ذلك احيانا بمشادات عائلية داخل المنازل بين متابعي مسلسلات رمضان وعشاق الكرة.

في الكويت، شكل ابتعاد "الأزرق" عن التصفيات المزدوجة المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا ونهائيات كأس اسيا 2019 في الامارات بسبب القرار الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بحق الاتحاد المحلي بوقف نشاطه الخارجي، حافزا اضافيا للكويتيين لترقب بطولة اليورو بفارغ الصبر للتعويض عن غياب منتخبهم عن الملاعب.

ويقول المدرب السابق لفريق السالمية الكويتي سلمان عواد لوكالة فرانس برس "الكويتيون يحبون كرة القدم، انها رياضتهم المفضلة، فيما الوضع الرياضي في الكويت ككل يعاني ونظام الدوري فاشل، وجاء الايقاف ليزيد الوضع سوءا. لهذا يتابع مشجعو اللعبة اليورو بشغف".

وتحظى المانيا، بطلة العالم 2014 في البرازيل، بشعبية كبيرة بين الكويتيين، بحسب ما يشير استطلاع للرأي مستقل اجرته مؤسسة "ايبسوس". ورجح معظم الذين شملهم الاستطلاع فوز المانيا باللقب القاري للمرة الرابعة.

واعلنت رابطة مشجعي منتخب المانيا عن تجمعات خاصة لعشاق "ناشونال مانشافت" في احد المطاعم لمتابعة مباريات الفريق امام شاشات كبيرة.

وقال مشجع "مانشافت" عباس السيستاني "أتوقع تتويجا المانيا باللقب الاوروبي على حساب اسبانيا في المباراة النهائية".

أما سعد الشمري الذي يشجع منتخب البرتغال ونجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو فلم يستبعد وصول "برازيل اوروبا" الى النهائي.

 شيشة وكرة واجواء

في احد منتجعات دبي البحرية في الامارات العربية المتحدة، غادر مئات المشجعين الانكليز والروس السبت الماضي المكان بهدوء في مشهد مناقض لمدينة مرسيليا الفرنسية حيث تحولت ساحات المدينة الى ساحة اشتباك بين اقرانهم.

لكن المشجعين الروس لم يخفوا اغتباطهم من هدف التعادل الذي سجله دنيس غلوشاكوف في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع.

وقالت شابة روسية ضاحكة "الآن الجميع في روسيا ثمل، حتى والدتي!". واقيمت على الشاطىء خيمة كبيرة علقت داخلها شاشة عملاقة يقصدها مشجعون كل مساء لحضور مباريات فرقهم المفضلة. ويتابعون المباراة وقوفا، بعضهم يطلب "شيشة" او مرطبات.

في مقهى داخل احد فنادق الامارة، يحبذ الانكليزي جايمي (37 عاما) المقيم في دبي منذ عشرة اعوام والذي ارتدى قميص منتخب بلاده، متابعة المباريات في المقاهي لما توفره من اجواء حماسية. ويوضح "في المباريات المهمة يكون المكان مكتظا (...) لا يمكنك الحصول على هذا الجو في المنزل".

وسدد العديد من المقيمين في دبي كلفة الاشتراك المنزلي بمجموعة قنوات شبكة "بي ان سبورتس" التي تملك الحق الحصري لبث المباريات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، والبالغة 255 درهما اماراتيا (زهاء 70 دولارا اميركيا).

ومن هؤلاء، حسام عزام (47 عاما)، الموظف في شركة نفطية الذي قال رغم حصوله على الاشتراك، "عندما يكون هناك اناس كثيرون يشاهدون المباراة، يكون التشويق اكبر".

ويحاول القيمون على احد المطاعم تأمين توازن بين مباريات كرة القدم والمسلسلات التي تعرضها القنوات التلفزيونية العربية بكثافة خلال شهر رمضان.

فخلال الوقت الفاصل بين المباريات الثلاث التي تقام يوميا خلال الدور الاول من البطولة، يحل نجوم المسلسلات ضيوفا على الشاشات الموزعة في المكان، لكن الاولوية تبقى للكرة لدى بدء المباراة.

ويقول صاحب المطعم صلاح "على الاغلب الزبائن الذين يأتون الى هنا يفضلون متابعة المباريات"، مضيفا بضحكة "ان شاء الله لا يعترض احد من محبذي المسلسلات".

 مسلسلات ام كرة 

في تونس، يقول مدير محطة تلفزة رئيسية "لا شك ان مشادات ستعم المنازل بين الذين يريدون متابعة مسلسلات رمضان والذين يريدون متابعة اليورو قبل الافطار".

وبسبب رمضان واقفال معظم المقاهي خلال النهار وميل غالبية التونسيين الى تمضية فترة الافطار وبعده بين عائلاتهم، تغيب العروض العلنية لمباريات اليورو.

في مصر، ازدانت معظم مقاهي القاهرة باعلام ابرز المنتخبات المشاركة في اليورو مثل اسبانيا وايطاليا وفرنسا.

كما يمكن مشاهدة صور لكريستيانو رونالدو وواين رون ومسعود اوزيل وبول بوغبا.

ويقول محمد سعيد، صاحب ومدير مقهى في حي المقطم الراقي ازدحم بعشرات المشجعين الذين يحدقون في شاشة عملاقة علقت في الهواء الطلق بينما الجو معبق بروائح نكهات مختلفة لدخان الشيشة، "بطولة اليورو بمثابة موسم لنا. ننتظرها كل اربع سنوات لضمان نسب اشغال كاملة للمقهى".

الا ان سعيد يشكو من ان شهر "رمضان خرب اليورو هذا العام. بعض المباريات تلعب بالنهار واخرى تلعب وقت الافطار".

وكان المقر الرئيسي لموزع خدمة "بي ان سبورتس" في القاهرة شهد قبل بدء البطولة صفوفا من عشرات مشجعي الكرة الساعين الى دفع اشتراكات تمكنهم من مشاهدة البطولة في منازلهم.

ورغم الوضع السياسي المتردي في الاراضي الفلسطينية، تستقطب مباريات كأس اوروبا اهتمام الفلسطينيين الذين يتابعونها في المقاهي اجمالا. ونصبت شاشة عملاقة بجانب فندق كبير في رام الله في الضفة الغربية يتم بث مباريات البطولة عليها يوميا.

وقال سمير عبد (57 عاما) وسط تجمع من شبان ورجال من اعمار مختلفة "كل ليلة آتي الى هنا لاتابع المباريات وانا اشجع المانيا".

في لبنان، امتنع العديد من اللبنانيين عن دفع اشتراك "بي ان" بسبب الازمة الاقتصادية. ويبلغ الاشتراك سبعين دولارا لمن يريد ان يجدد اشتراكا سابقا. لكن من يريدون اقتناء صحن جديد واشتراك جديد فتبلغ التكلفة حوالى 700 دولار.

ويقول جمال (37 عاما) "أنا أعشق لعبة كرة القدم... لا يجوز ان نحرم منها بسبب الكلفة العالية للاشتراك، خصوصا ان البطولة تتزامن مع شهر رمضان الذي يتطلب مصاريف إضافية عائلتي أولى بها من كرة القدم".

ويتحلق الشبان في المقاهي والمطاعم التي تؤمن شاشات كبيرة لعرض المباريات.

ويعد شارع الحمرا في غرب بيروت مرتعا لمشجعي المنتخب الألماني، صاحب الشعبية الجارفة في لبنان.

ويرى سامر الذي يرتدي قميص "المانشافت" ان فريقه مرشح لنيل اللقب "نحن أبطال العالم وهذا المنتخب يمكنه ان يستمر بحصد البطولات لعشر سنوات مقبلة. تشكيلة قوية ونظام صارم. سنحتفل في شوارع بيروت كما فعلنا منذ سنتين في المونديال".

ولمنتخب ايطاليا نصيب كبير من المحبين. ويرى علي (17 عاما) ان "الأتزوري" سيستفيق من كبوته الطويلة منذ 2006 في هذه البطولة ليعوض ما جرى قبل أربع سنوات بعد الخسارة المهينة أمام اسبانيا في النهائي صفر-4.

ويضيف "منتخب ايطاليا يمتلك شخصية البطل، فمعظم لاعبيه من نادي يوفنتوس الذي يستأثر بالالقاب في السنوات الأخيرة في ايطاليا، ويقدم نتائج قارية مميزة"، مضيفا "الايطاليون يمرضون ولا يموتون".

ولعشاق فرنسا حضورهم. وتحمل ستيفاني علم "الديوك" وتقول "البطولة على ارض فرنسا وهذا دافع للتتويج على غرار مونديال 1998".

وقررت شركة "طيران الامارات" الا تحرم مشجعي كرة القدم من مشاهدة المباريات وهم في الاجواء، فادرجت قناة رياضية اضافية على متن اكثر من 90 طائرة من اسطولها، ستوفر نقلا مباشرا لعدد من الاحداث الرياضية هذا الصيف، خصوصا كأس أوروبا واولمبياد ريو دي جانيرو.