كانت كرة السلة علامة فارقة في دورة برشلونة الاولمبية عام 1992، خصوصا ان الاميركيين عموما يجدون صعوبة في استيعاب ان هناك من يمكنه التفوق عليهم في هذا المجال، وانهم اسياد "الكرة البرتقالية"، والنكسات التي تعرضوا لها اولمبيا استثناء او حالة عارضة.

ومن اجل كل ذلك، كان قرار مشاركة ابرز نجوم دوري المحترفين في المسابقة، وهم شكلوا منتخبا عرف ب"فريق الاحلام" (دريم تيم) سحر كثيرين وشكل كابوسا للمنتخبات التي واجههته، علما انها استمتعت بتلك المواجهة ورسختها في ذاكرتها.
 
كلايد دركسلر، تشارلز باركلي، كريس مولن، مايكل جوردان، سكوتي بيبن، ارفين ماجيك جونسون، كريستيان ليتنر، ديفيد روبنسون، باتريك ايوينغ، لاري بيرد، موزس مالون، وجون ستوكتون... هل نسينا احدا؟
 
انها اسماء شكلت علامات فارقة في تاريخ الاولمبياد عموما ودورة برشلونة خصوصا. فقد جعلت من مسابقة كرة السلة الابرز هذه المرة. وبفضل ال"دريم تيم" تحول قصر الرياضة الذي استضاف المباريات الى قصر الاحلام، اذ ان الحلم اصبح حقيقة. واثبت لاعبو الولايات المتحدة المحترفون ان كرة السلة الحقيقية هي ما وراء الاطلسي، وقد سر المنظمون لقاء نفاد البطاقات، اما الحضور فكان معظمهم يحمل آلات التصوير لترسيخ ذكرى تلك المباريات العالمية.
 
ومشاركة اقوى فريق عرفه تاريخ كرة السلة، كان معجزة. ومثل هذه المعجزة لم تكن ممكنة قبل الغاء الحواجز الاولمبية امام المحترفين. واعتبر كثر ان مشروع جمع كبار لاعبي كرة السلة في الولايات المتحدة في منتخب حقيقي ضرب من الجنون، لان اقناع نجوم هذه اللعبة الذين يتقاضون مبالغ خيالية كل سنة لاطالة موسمهم، في مقابل انجاز غير مضمون ماديا كان صعبا, علما ان امكان تقديم مباريات مجانية كان واردا.
 
لكن المتحمسين للمشروع راهنوا على الغرور الاميركي الذي سيرضيه ان يتابع ملايين المشاهدين، عبر شاشات التلفزة، انجاز كرة السلة في الولايات المتحدة ومستواها، ومناسبة للثأر من هزيمة ميونيخ عام 1972 امام السوفيات الذين انتزعوا الميدالية الذهبية، ومن الاهانة التي لحقت بهم في سيول، حيث لم يحتل الاميركيون المرتبة الثالثة.
 
وركز المتحمسون على تنفيذ هذا المشروع على فائدته، اذ يشكل حملة اعلانية ضخمة، وهكذا ولد المنتخب الذي يحلم كل مدرب في العالم بان يتولى مسؤوليته. وبالفعل تبين تأثير هذا المنتخب في المرحلة التحضيرية للدورة في بورتلاند، لان النجاح الذي اثاره كان مذهلا. واعلن المدرب تشاك دالي انه سعيد جدا بمهمته.
 
اما الخوف من تراخي هذه المجموعة المتفوقة وتكاسلها، فقد تبدد بفضل ايقاع المباريات الذي ذكر بالاعصار.
 
فمنذ مباراة الافتتاح امام انغولا بدت الهوة سحيقة بين لاعبي الولايات المتحدة الذين بدوا وكأنهم من كوكب آخر، والآخرين، فالفارق الواضح في مصلحة "دريم تيم" كان يزداد كالبرق، وبلغت النتيجة النهائية 116-48.
 
وفي المباريات التالية، بدا وكأن الخصوم يواجهون جبالا من العضلات والحديد، وهكذا هزم المنتخب الاميركي المنتخبات كلها باكثر من 100 نقطة، وحتى المنافس العنيد المنتخب الكرواتي لم ينج من هذا الرقم في المباراة النهائية (117-85، الشوط الاول 56-42) اي انه خسر بفارق 32 نقطة.
 
واحرزت ليتوانيا الميدالية البرونزية بعد فوزها على مجموعة الدول المستقلة (82-72).
 
وسجل جوردان 22 نقطة للمنتخب الاميركي في المباراة النهائية، وكل من باركلي وايوينغ 17 نقطة.
 
وصفق المتفرجون بحرارة لماجيك جونسون (32 عاما، 99 كلغ، 03ر2م) المصاب بالايدز، والذي قال ان لا شيء يوازي الميدالية الذهبية. واضاف: "لا استطيع وصف ما انتابني، انا منشرح جدا، وقد خفق قلبي عند عزف النشيد الاميركي لحظة التتويج، شعرت انني اقطف القمر في منتصف الليل. انها تجربة قد لا تتكرر بمثل هذه الظروف علينا ان نعيشها بكامل جوارحنا".
 
وخلال الالعاب، احتل افراد "دريم تيم" فندق "امباسادور" الذي خصص لهم ولاقاربهم، وكانوا يتسلون بالتنزه في برشلونة وبرياضة الغولف التي تألق فيها جوردان. وصرح مرات امام الصحافيين ان الفريق تدرب بقسوة، و"مباراتنا الاصعب كانت خلال معسكر في موناكو".
 
لقد عاش افراد "دريم تيم" اختبار لا ينسى، كانوا يفرحون مثل الاطفال، وسروا بالاختلاط مع ابطال من العاب اخرى حضروا مبارياتهم وطلبوا تواقيعهم والتقاط صور معهم. كما لعبوا مباراة مع تشكيلة من رجال الامن تحية لمن قام بحمايتهم خلال اقامتهم.
 
في المقابل، حلم لاعبون في منتخبات اخرى بمستقبل في الدوري الاميركي للمحترفين امثال الكرواتي طوني كوكوتش. واعتبر مواطنه دراغان بتروفيتش ان "الميدالية الفضية التي حصلنا عليها ذهبية بعد كل كا قاسيناه للحضور الى برشلونة (بسبب الحرب اليوغوسلافية)، نهديها الى شعبنا. انها اول ميدالية اولمبية لكرواتيا في لعبة جماعية".