في 4 آب/اغسطس 1996 وخلال دورة الالعاب الاولمبية في اتلانتا الاميركية منح حسين سلطاني للجزائر أول ميدالية ذهبية أولمبية في الملاكمة بعدما فاز على البلغاري تونتشو تونتشيف في نهائي الوزن الخفيف، لكن هذا الحلم عرف نهاية مأسوية في 2002 في مرسيليا (فرنسا) بعد العثور على جثة الملاكم في حالة تحلل.

وبعد 14 سنة من هذه الوفاة الغامضة، مازال النصر الذي حققه سلطاني في الولايات المتحدة حاضرا في الذاكرة الجماعية،وهو الثاني بالنسبة لأفريقيا بعد الكيني نابونيي فانغيلا في 1988.

أما مسيرة سلطاني في الملاكمة الاحترافية فبدأت في 1998 لتنتهي في 2000 بعد اربع نزالات فقط فاز بها كلها، منها واحدة في الجزائر.

وتحول الملاكم الى العيش مع زوجته وابنائه في مرسيليا، ليعمل في مجال تصدير السيارات نحو الجزائر حتى الاول من اذار/مارس 2002.

وبحسب ما روت زوجته فان حسين اختفى منذ هذا التاريخ بعد تلقيه اتصالا من شخص بخصوص سيارتين كان من المفروض ان يرسلهما له الى الجزائر.

ومرت سنتان دون ان يظهر اي خبر يتعلق بمصيره، قبل ان يتم العثور على جثته في ايلول/سبتمبر 2004 وهي في حالة تحلل وجزء منها متفحما. واثبت تحليل الحمض النووي أن الأمر يتعلق بسلطاني الذي اعيد جثمانه الى الجزائر حيث دفن بمسقط رأسه، بودواو (40 كلم شرق الجزائر).

وتم القبض في وقت لاحق على الشخص الذي كان من المفروض ان يلتقيه، وحكم عليه بالسجن 8 سنوات في ايار/مايو 2005 بتهمة "الخطف المؤدي الى وفاة الضحية".

وبالنسبة لأقارب البطل، ومنهم شقيقه ومدربه عمر، فإن الشكوك والتساؤلات ظلت تخيم على القضية لوقت طويل. وبعضهم كان ظن ان سلطاني كان موجودا في اليابان او الولايات المتحدة.

بقايا جثة في تابوت

ويذكر شقيقه جيدا هذا اليوم المأساوي والشكوك التي رافقت الخبر المفزع، كما روى ذلك لوكالة فرنس برس.

وقال "كنت خارج البلاد للإشراف على احد ملاكمي عندما سمعت خبر وفاته. أمي هي التي سافرت الى فرنسا من أجل تحليل الحمض النووي. لم اصدق حتى شاهدت امي تعود الى الوطن ومعها تابوتا فيه بقايا جثة يفترض أنها لأخي. راودتني الشكوك، ومازالت تلاحقني الى اليوم، لكن يجب الاستمرار في العيش. أما والدي فلم يتقبل الأمر ومات بعد بضعة شهور".

ويبقى حسين سلطاني في ذاكرة الجزائريين باعتباره الرياضي الأكثر تتويجا في الألعاب الأولمبية، اما فوزه في أتلانتا فظل فريدا من نوعه بما ان الملاكمين الأفارقة عجزوا عن تحقيقه مرة أخرى.

ولم يكن نصره مفاجأة، لأن الميدالية الذهبية جاءت لتؤكد موهبة تم اكتشافها في اولمبياد برشلونة في 1992 عندما فاز ابن مدينة بودواو بالميدالية البرونزية وعمره لم يتعد 20 سنة.

وبالنسبة لشقيقه عمر، الذي كان له تأثير كبير عليه، فانه "بمجرد نهاية أولمبياد برشلونة أصبح الهدف هو الفوز بالميدالية الذهبية. كان المستوى عال جدا ولا يمت بصلة للمنافسات الأخرى سواء البطولة العالمية او البطولات الافريقية حيث كان حسين يفوز بها كلها".

ويملك عمر قاعة تدريب للملاكمة منذ 1983، وهو الذي كان مدربا لمنتخب الجزائر لمدة 18 سنة حتى 2005، حتى ان مكتبه تحول شيئا فشيئا لمتحف يضم القفازات والخوذات المستعملة وصورا مصفرة بفعل الزمن يحتل فيها حسين سلطاني مكانة مميزة وسط الملاكمين الاخرين الذين دربهم شقيقه الاكبر.

واوضح عمر سلطاني "شقيقي بدأ الفن النبيل على يدي منذ صغره، فالملاكمة مدرسة للحياة تبعده عن التسكع في الشوارع.. وبسرعة فائقة أظهر اصرارا على النجاح، وهكذا صعدنا السلم تدريجيا الى ان حققنا الفوز في اتلانتا".

أما أسلوب سلطاني فهو أصلا يميني لكنه يلاكم كأشول دون ان يرفع يديه لحماية وجهه من الضربات وانما يضعهما على مستوى الخصر، كما يتميز بضربات قوية ويحسن تسيير منازلاته.

ولم يكن عمر الى جانب اخيه في اتلانتا، لكنه كان يتابع من بعيد ويقدم النصائح بعد كل منازلة عن طريق الهاتف.

ويتذكر "كلما تقدمنا في البطولة كلما ازدادت الثقة، وعرفنا كم كانت تجربة برشلونة مفيدة".