بعد أكثر من عامين على توقيفات غيرت وجه كرة القدم، تنطلق الاثنين في نيويورك المحاكمات في قضايا الفساد التي هزت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وكشفت فضائح تعود الى أعوام طويلة.

فجر 27 أيار/مايو 2015، داهمت الشرطة السويسرية فندقا فخما في زوريخ، وأوقفت سبعة مسؤولين في الاتحاد الذي كان يستعد لإعادة انتخاب السويسري جوزيف بلاتر رئيسا. تم التوقيف بناء لطلب أميركي بعد تحقيق كشف وجود فساد مستشر يمتد لنحو 25 عاما.

وجهت الاتهامات الى 42 مسؤولا وثلاث شركات، بعد شكوى قضائية من 236 صفحة تضمنت تفاصيل 92 جرما و55 مخطط فساد، بمخالفات مالية تصل قيمتها لنحو 200 مليون دولار أميركي.

اعتبر ذلك باختصار أكبر فضيحة في تاريخ كرة القدم. وبعد أكثر من عامين على تكشف فصولها، تبدأ الاثنين في مدينة نيويورك إجراءات محاكمة ثلاثة من المسؤولين، هم الوحيدون الذين دفعوا ببراءتهم.

ولدى تكشف فصول الفضيحة، قالت المدعية العامة الأميركية في حينه لوريتا لينش ان "جيلين من مسؤولي كرة القدم (...) استخدموا مواقع الثقة التي كانوا يحظون بها ضمن مؤسساتهم، لطلب رشى من مروجين رياضيين لقاء حقوق منافسات كرة القدم المرتبطة بهم".

أضافت "قاموا بذلك مرارا وتكرارا، عاما تلو عام، بطولة بعد بطولة".

أخفيت عشرات الملايين من الدولارات في حسابات "أوفشور" في هونغ كونغ، جزر كايمن وسويسرا، بحسب المسؤولين الأميركيين.

وتنطلق الاثنين عملية اختيار هيئة المحلفين في المحكمة الفيدرالية في بروكلين، ويتوقع ان تبدأ الجلسات في 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

والمسؤولون الثلاثة الذين سيخضعون للمحاكمة هم من النافذين الأثرياء في أميركا الجنوبية، ويتقدمهم الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي لكرة القدم جوزيه ماريا مارين (85 عاما).

ومنذ توقيفه في زوريخ وترحيله الى الولايات المتحدة، أفرج عن مارين بموجب كفالة، ويقيم حاليا في "برج ترامب" الفخم العائد الى الرئيس الاميركي الحالي ورجل الاعمال السابق دونالد ترامب، والواقع على الجادة الخامسة الشهيرة في نيويورك.

والى مارين، ستتم محاكمة النائب السابق لرئيس الاتحاد الدولي البارغواياني خوان انخل نابوت (59 عاما) والبيروفي مانويل بورغا الذي قاد اتحاد كرة القدم في بلاده حتى عام 2014، وكان عضوا في لجنة التطوير في الفيفا.

وستقرر هيئة المحلفين مصير هؤلاء، على ان يصدر القرار عن القاضية باميلا تشن. ويمكن للأحكام في قضايا من هذا النوع ان تصل الى السجن 20 عاما.

ومن بين المتهمين الـ 42، عقد 24 اتفاقات مع المحققين أملا في نيل عقوبات مخففة، لقاء التعاون وتقديم المعلومات والاقرار بالذنب في عدد من التهم. وتم إصدار أول حكمين في تشرين الأول/اكتوبر الماضي، بحق الغواتيمالي هكتور تروخيو (السجن ثمانية أشهر)، والبريطاني اليوناني كوستاس تاكاس (السجن 15 شهرا، سبق له ان قضى 10 منها منذ توقيفه).

- ويب يطالب الفيفا بأمواله - 

وبعد إصدار الحكم بحق تروخيو، اعتبرت تشن انه "دمر بطريقة أو بأخرى بلاده (...) كرة القدم هي عشق قومي ومهمة وطنية".

ولا يزال 22 شخصا ينتظرون صدور الأحكام في حقهم، يتقدمهم جيفري ويب من جزر كايمن الذي أقر بالحصول على أكثر من ستة ملايين دولار كرشى، والذي أثار غضب محامي الفيفا لكونه تابع أسلوب حياته الباذخ القائم على شرب الشمبانيا والقمار والاحتفالات الصاخبة، على رغم وضعه تحت الاقامة الجبرية.

الا ان 15 من المدعى عليهم لا يزالون موجودين في بلادهم، حيث وجهت اليهم اتهامات أو ينتظرون ان تجرى محاكمتهم في قضايا مماثلة، أو حتى يقاتلون لعدم ترحيلهم الى الولايات المتحدة، وأبرزهم النائب السابق لرئيس الفيفا الترينيدادي جاك وورنر الموقف مدى الحياة من قبل لجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي.

وقال ويب لوكالة فرانس برس الأسبوع الماضي "الفيفا لا يزال مدينا لي بالمال (...) لقد شرعت في خطوات للحصول على ما يدينون لي به، لانه اذا حصل بلاتر وغيره على مستحقاتهم، لم أنا لا؟".

وأدت الفضائح الى الاطاحة ببلاتر على رغم إعادة انتخابه منتصف العام 2015، وانتخب مواطنه جاني انفانتينو خلفا له مطلع 2016.

وبلاتر (81 عاما) الذي ترأس الفيفا لمدة 17 عاما بعدما شغل لأعوام طويلة منصب الأمين العام، موقوف ستة أعوام عن مزاولة أي نشاط متعلق بكرة القدم، على خلفية دفعة غير قانونية للرئيس السابق للاتحاد الأوروبي ميشال بلاتيني، الموقوف بدوره أربعة أعوام.

وبدأت السلطات الأميركية تحقيقاتها في العام 2011، بعدما تبين لموظفين فيدراليين ان العضو السابق في اللجنة التنفيذية للفيفا تشاك بلايزر، لم يقم بدفع متوجباته الضريبية منذ اكثر من عقد من الزمن.

ووافق بلايزر الذي توفي في تموز/يوليو الماضي بعد معاناة مع مرض السرطان، على التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي "أف بي آي"، وساهم في تسليط الضوء على العديد من الملفات والأشخاص المتورطين في الفساد.