شكل انتقال موسى حجيج، أحد أبرز مواهب كرة القدم اللبنانية والنجم السابق لنادي النجمة ذي الشعبية الواسعة، الى تدريب نادي العهد مفاجأة كبيرة لمشجعي الفريق "النبيذي" الذي يأخذ على نجمه السابق انضمامه الى فريق برز خلال السنوات الاخيرة كمنافس شرس.

وتتداخل الانقسامات والولاءات الطائفية في لبنان التي لا توفر الرياضة وكرة القدم، في المواقف من عملية انتقال حجيج التي يتمسك هو بالدفاع عنها كقرار محض مهني. 

ويقول حجيج لوكالة فرانس برس "كلاعب كرة قدم عشت في النجمة أجمل حياة، وعلى صعيد لبنان اي لاعب يحلم بارتداء قميص النجمة، النادي الذي يمتلك أكبر قاعدة جماهيرية (...) لا يوجد أفضل من هكذا مسيرة".

ويضع حجيج انتقاله الى العهد في إطار المصلحة الرياضية الصرفة، ويعتبر خطوته "أمرا طبيعيا".

ويضيف "أنا مدرب وقد ينتقل مدرب بين ناد وآخر بحسب العروض (...) وجدت ان عرض العهد جيد بالنسبة إلي"، مشيرا الى أنه سيعمل مع إدارة النادي على تحقيق المزيد من الألقاب المحلية والقارية.

وأمضى حجيج (43 عاما) 14 عاما كلاعب مع النجمة، تحول خلالها الى "معبود جماهير" النادي. وردد جمهور النجمة دائما اسم قائد الفريق وصانع ألعابه ذي البنية الجسدية النحيلة، وصولا الى الهتاف دعما له ضد المنتخب الوطني عام 2000، بعد خلاف بينه وبين الجهاز التدريبي أدى الى استبعاده عن التشكيلة.

وقاد حجيج النجمة عام 2000 الى إحراز لقبه الأول في الدوري بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، وكان انضم اليه قادما من ناد صغير في ضاحية بيروت الجنوبية. واستمر حجيج مع النجمة لاعبا حتى 2006، وعاد اليه مدربا في 2012.

وبات العهد منافسا أساسيا للنجمة على بطولة الدوري خلال الأعوام الماضية، وأحرز لقب هذا الموسم على حسابه بعد انسحاب النجمة من مباراة حاسمة ضده احتجاجا على مكان إقامتها. 

ولم يكشف حجيج أو العهد تفاصيل الصفقة التي أنجزت في أيار/مايو، الا ان تقارير محلية أوردت انه سيتقاضى سنويا نحو 70 ألف دولار أميركي، وهو مبلغ مرتفع بالنسبة الى مدرب محلي.

وآثرت إدارة العهد البقاء بعيدة عن الجدل الحاصل، واكتفى رئيس النادي تميم سليمان بالقول ردا على سؤال لفرانس برس "نحن استقدمنا مدرباً متاحاً لنا. لا وجود لأي أمر آخر".

- صراع على الجمهور -

وينتقل حجيج الى العهد بعد ان أصبح هذا الاخير الغريم الأبرز له، في ظل انحسار هيمنة نادي الأنصار - المنافس التاريخي للنجمة - على الألقاب. ويرى متابعون لكرة القدم اللبنانية أن من أسباب ضمّ العهد لحجيج، محاولة "استمالة" جانب من جمهور النجمة. 

وهنا تدخل على الخط الاعتبارات الطائفية.

وينظر مشجعو النجمة الى ناديهم على انه الوحيد الذي استطاع تكوين قاعدة شعبية واسعة عابرة للطوائف، على رغم ان معظمها انتمى تاريخيا الى الطائفية الشيعية. أما العهد، فعرف بصبغته المذهبية في ظل الانقسام اللبناني، وهو مرتبط بحزب الله الشيعي. وينتقد مشجعوه النجمة لأنه يحظى منذ 2003 بدعم من عائلة رئيس الوزراء السني الراحل رفيق الحريري.

وبالتالي، يشدد مشجعو النجمة على ولائهم لناديهم.

وكتب علي فخري على حسابه على موقع "فيسبوك"، "النجمة هو نادي الكل الذي جمع كل الناس في هذا الوطن القائم كله على الطائفية والمحاصصات". وتوجه الى حجيج بالقول "موفق (...) لكننا مع النجمة، نادي الكل، على الحلوة والمُرّة".

ولا يستثني الانقسام الطائفي والسياسي في لبنان كرة القدم، اذ شهدت مدرجات الملاعب مرارا مناوشات بين المشجعين على هذه الخلفية.

وفي لعبة تفتقر الى المعايير الاحترافية ونادرا ما توفر لمزاوليها والمنخرطين فيها مدخولا ماليا كافيا، يتفهم البعض انتقال حجيج، مع استبعاد ان يترك أثرا على الجمهور.

ومن هؤلاء المسرحي زياد عيتاني الذي مثل منفردا مسرحية "بيروت الطريق الجديدة" التي تتطرق في جزء منها الى الخصومة الكروية بين الانصار والنجمة، وشغف مشجعي كرة القدم اللبنانية، علما انه مشجع لنادي النجمة منذ أعوام طويلة.

ويقول عيتاني لفرانس برس "من انتقل الى العهد هو المدرب موسى حجيج وليس اللاعب موسى حجيج الذي جمع رصيده مع النجمة".

ويضيف "حجيج رأى مصلحته في عالم التدريب وهو محق"، لكن "ما لم يره موسى ان نادي العهد (...) حدد جمهوره من فئة معينة وموجّه الى جمهور معيّن، وهذا أدى الى عدم توسع قاعدته الشعبية".

أما حجيج الطامح الى لقبه الأول كمدرب، بعدما فشل في تحقيق ذلك مع خمسة أندية دربها سابقا، فيؤكد على الجانب العاطفي من علاقته مع النجمة، قائلا "حياتي مرتبطة بشكل أو بآخر بالنجمة".

يضيف "عشت في النجمة أفضل مراحل حياتي كلاعب، واذا عاد بي الزمن سألعب للنجمة".

وردا على سؤال عن ردة فعل جمهور النجمة في أول مباراة بين نادييه الجديد والقديم، يقول "أتوقع ان تكون طبيعية".