لم ينج رئيس الاتحاد البرازيلي السابق لكرة القدم جوزيه ماريا مارين من قبضة القضاء الأميركي الذي أدانه الأسبوع الماضي بالسجن أربع سنوات، على خلفية فضائح الفساد التي هزت الاتحاد الدولي (فيفا)، على عكس خلفه ماركو بولو دل نيرو وسلفه ريكاردو تكسييرا اللذين يعيشان بحرية في ريو دي جانيرو بعيدا من الملاحقات.

عندما علم بتوقيف رئيسه السابق في زوريخ في أيار/مايو 2015، غادر دل نيرو، الذراع اليمنى لمارين في الاتحاد البرازيلي بين 2012 و2015، فندقه على وجه السرعة عائدا الى البرازيل حيث يقيم منذ ذلك الحين بحرية تامة.

بالنسبة للرجل الذي يتهم بالحصول ومارين على رشى يقدر بأن قيمتها بلغت نحو 6,6 ملايين دولار لقاء منح حقوق النقل التلفزيوني والترويج لإقامة بطولات كروية كبرى في أميركا الجنوبية، تبقى البرازيل الملاذ الآمن.

ولا يجيز القانون البرازيلي تلبية طلبات تسليم المواطنين الا في قضايا تهريب المخدرات. والقانون نفسه هو الذي حمى تيكسييرا خلال 23 عاما من رئاسته للاتحاد المحلي البرازيلي (1989-2012)، ولا يزال يحميه.

وبعد توجيه التهم لدل نيرو وتيكسييرا، طالب بتسلمهما القضاء الأميركي الذي يحقق في قضية الفساد التي هزت الفيفا منذ أكثر من ثلاث سنوات وأدت الى تغييرات كبيرة في بنيته الهرمية.

وبعد مارين، أصدر القضاء الأميركي حكما الأربعاء بحق الرئيس السابق لاتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول) والرئيس السابق لاتحاد الباراغواي خوان انخل نابوت، بالسجن تسعة أعوام.

- حياة رفاهية -

وعلى عكس مارين ونبوت، والمتهم الثالث الذي تمت تبرئته البيروفي مانويل بورغا، لم يمثل تيكسييرا ودل نيرو حتى الآن أمام القضاء، ووجهت لهما التهم أواخر 2015 وهما موجودان في ريو دي جانيرو. كما لم يتم المساس بأملاكهما التي ترمز الى الفترة التي كان فيها هذان الرجلان، وكلاهما في العقد السابع من العمر، يمضيان اجازاتهما على يخوت ويتمتعان بحياة رغيدة تزينها إحاطتهما بعارضات الأزياء.

وبحسب الصحافي البرازيلي جوكا كفوري الذي يتابع منذ أعوام قضية المسؤولين السابقين، فدل نيرو وسلفه تكسييرا باتا "اليوم يتجنبان الظهور العلني، لكنهما لم يفقدا شيئا من أسلوب حياتهما. ما زالا يمارسانها على أكمل وجه".

وفي حين يمضي المحامي تيكسييرا (71 عاما)، الصهر السابق للرئيس السابق للفيفا البرازيلي جواو هافيلانج، أياما هادئة في ساو باولو، محتفظا ببعض السرية منذ ابتعاده عن منصبه في رئاسة الاتحاد المحلي في آذار/مارس 2012، يدفع دل نيرو دائما ببراءته في موازاة تحقيقات لجنة من مجلس الشيوخ البرازيلي برئاسة نجم كرة القدم السابق روماريو.

لكن اللوبي المؤيد لدل نيرو (ترأس الاتحاد بين نيسان/أبريل وكانون الاول/ديسمبر 2015) في المجلس لم يتوقف عن دعمه، وانتهى المآل باللجنة الى اختتام اعمالها بعدم تجريم الأعمال السابقة لمسؤولي الاتحاد. الا أن تقريرا موازيا أعده روماريو، أتاح فتح تحقيق يتم التعامل معه بكتمان.

ويقول مؤلف كتاب "بوليتيكا، بروبينا إي فوتبول" (السياسة، تحت الطاولة، وكرة القدم)، الصحافي البرازيلي جميل شاديه "خلال سنوات، كان هناك اختلاط بين اتحاد كرة القدم والسياسة البرازيلية. يجني المسؤولون (الرياضيون) ثمار علاقاتهم الجيدة في الماضي والتي أفضت الى نوع من جدار حماية".

- "تأثير حاسم" -

ومنذ توقيف مارين في 27 أيار/مايو 2015، إضافة الى عدد من المسؤولين السابقين الآخرين، بات منتقدو دل نيرو يطلقون عليه على سبيل المزاح لقب "ماركو بولو دون أسفار" في إشارة للرحالة الإيطالي الذي يحمل الاسم نفسه، واشتهر بأسفاره في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.&

كانت علاقاته مع رئيسه السابق (مارين) متينة جدا إلى حد اعتبارهما من قبل القضاء كتوأمين. لكن هذه العلاقات المميزة انتهت مع هرب دل نيرو.

ويصف محامي مارين موكله بـ "الملك الذي يشرب الأنخاب، بينما يدير ماركو بولو كل شيء". ويعتقد البعض أن دل نيرو لا يزال مستمرا في قيادة اللعبة من قصره في ريو دي جانيرو رغم ايقافه مدى الحياة من قبل الفيفا.

وبحسب كفوري، فإن "شخصيات من عالم كرة القدم ومسؤولون من مستوى رفيع في الاتحاد البرازيلي يقومون بزيارته (دل نيرو). كان له تأثير حاسم في انتخاب روجيريو كابولو كرئيس للاتحاد" في نيسان/أبريل الماضي.

وفي ذاك الشهر، أوقف دل نيرو بشكل نهائي من قبل الفيفا عن مزاولة أي نشاط كروي مدى الحياة، على خلفية قضايا الرشى الملاحق بها. وقامت الهيئة الدولية بإيقافه موقتا للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2017.

وبالنسبة الى تيكسييرا، الملاحق في أندورا وإسبانيا وسويسرا، الأمر سيان: لا يحتاج توقيفه سوى الى أن يخطو خطوة خارج البرازيل.

وقال تيكسييرا في تصريحات نشرتها في 2017 صحيفة "فوليا" الواسعة الانتشار في ريو دي جانيرو "هل هنك مكان آمن أكثر من البرازيل؟ وأين؟ لماذا أهرب وهنا لست متهما بأي شيء؟ ما يتهموني به في الخارج لا يعد جريمة في البرازيل"، مضيفا "لم اقل إني قمت بذلك أو لم أقم به".