قاد الأرجنتيني خوسيه بيكرمان مسيرته التدريبية في أميركا الجنوبية بحنكة وبراعة، وها هو يستعد للاشراف على منتخب كولومبيا خلال كأس العالم في كرة القدم 2018 في روسيا، وعلى الأرجح ببراعة اكتسبها من خبرته السابقة... كسائق سيارة أجرة.

أمضى الأرجنتيني البالغ من العمر 68 عاما ستة أعوام على رأس الإدارة الفنية للمنتخب الكولومبي، ما يجعل منه أحد أطول المدربين عهدا في تدريب منتخب وطني بارز في أميركا الجنوبية.

يحظى بيكرمان باحترام واسع، وغالبا أينما حل. يقود المدرب الذي أحرز مع منتخب بلاده لقب كأس العالم لما دون 20 عاما ثلاث مرات (1995، 1997، و2001)، كولومبيا للمرة الثانية تواليا في المونديال العالمي.

لا يحتفظ بيكرمان بذكريات طيبة من كأس العالم، لاسيما نسخة 2006 عندما أقصي منتخب بلاده بقيادته من ربع النهائي أمام المضيفة ألمانيا بركلات الترجيح (4-2، 1-1)، في مباراة انتهت بإشكال بين اللاعبين.

كانت تلك المباراة الأخيرة لبيكرمان مع الأرجنتين، اذ استقال في خضم انتقادات لقراراته، لاسيما الابقاء على ليونيل ميسي (كان يبلغ في حينه التاسعة عشرة من العمر) على مقاعد الاحتياط، واستبعاد خافيير زانيتي.

في 2012، عاد الى ساحة كرة القدم الدولية من بوابة كولومبيا. أمكن لمس تأثيره سريعا، اذ حول المنتخب الى أحد أبرز الفرق أداء في أميركا الجنوبية، معتمدا على لاعبين موهوبين ينشطون في أندية أوروبية بارزة، وظهرت موهبتهم بشكل أكبر بإشراف مدرب يهوى الأسلوب الهجومي.

قاد كولومبيا الى مونديال 2014، الأول للمنتخب منذ 1998.

وعنه قال قائد المنتخب راداميل فالكاو "من دون أدنى شك، قدوم بيكرمان قلب الأمور رأسا على عقب بالنسبة الى كولومبيا في ما يتعلق بالنتائج والثقة بالنفس (...) حاول ان يمنحنا الثقة المطلوبة والحرية للخروج (الى أرض الملعب) وتقديم كرة القدم التي اعتدنا عليها".

في مونديال 2014، اعتبر العديد من المعلقين ان كولومبيا قدمت كرة قدم كانت من الأكثر جاذبية بين المنتخبات الـ 32 المشاركة. حقق المنتخب ثلاث انتصارات في ثلاث مباريات في الدور الأول، وأقصى الأوروغواي في ثمن النهائي، قبل ان ينتهي مشواره في ربع النهائي أمام عقبة البرازيل المضيفة، بالخسارة 1-2.

عاد اللاعبون وبيكرمان الى بوغوتا ليلاقوا استقبال الأبطال.

في التصفيات المؤهلة الى مونديال 2018، كان الأداء أضعف، وانتظرت كولومبيا حتى الجولة الأخيرة من التصفيات الأميركية الجنوبية لتضمن آخر بطاقة تأهل مباشرة متقدمة على البيرو وتشيلي بفارق نقطة.

لم يبرز بيكرمان بشكل كبير خلال مسيرته كلاعب، واضطر الى التوقف بشكل مبكر (في سن الثامنة والعشرين) بعد إصابة بالغة في الركبة. انتظر لأعوام قبل الحصول على فرصته في مجال التدريب، واضطر خلال تلك الفترة الى العمل في وظائف عدة لتأمين مدخول، ومنها سائق سيارة أجرة في شوارع العاصمة الأرجنتينية بوينوس ايرس.

قال عنه هوغو توكالي الذي عمل مساعدا له لفترات طويلة "لديه شخصية قوية (...) قد لا يظهر ذلك، الا انه كذلك. يعيش من أجل كرة القدم".