اكتمل عقد المربع الذهبي لكأس العالم 2018 في كرة القدم، بانضمام كرواتيا وانكلترا الى فرنسا وبلجيكا، الا ان المنتخبات الأربعة لن تهنأ طويلا بما حققته: توقف ليومين وينطلق نصف النهائي الثلاثاء، والعين دائما على المباراة النهائية... واللقب.
حددت مواجهتا نصف النهائي: فرنسا وبلجيكا في سان بطرسبورغ الثلاثاء (18,00 ت غ)، وفي التوقيت نفسه الأربعاء انكلترا وكرواتيا على ملعب لوجنيكي في موسكو، أبرز الملاعب المضيفة والذي احتضن المباراة الافتتاحية في 14 حزيران/يونيو، ويستعد للنهائية في 15 تموز/يوليو.
- المفاجآت... النظام الجديد -
انتهت 60 مباراة من أصل المباريات الـ 64 للحدث الكروي الذي ينتظره مئات الملايين من عشاق الكرة المستديرة حول العالم مرة كل أربعة أعوام. 60 موعدا حافلا بالمفاجآت والأهداف ولحظات الفرح والحزن والألم.
كبرى المفاجآت كانت ألمانيا حاملة اللقب. أبطال العالم أربع مرات آخرها في البرازيل 2014، كانوا من أبرز المرشحين لأن يصبحوا أول منتخب يحتفظ بلقبه منذ 1962. لكن مصير المانشافت كان مماثلا لايطاليا واسبانيا في النسختين الأخيرتين: حامل لقب يودع من الدور الأول.
لم يقتصر الوداع المفاجىء على المنتخبات، بل أخذ في دربه الأسماء أيضا. الجميع كان ينتظر اللاعبين اللذين تقاسما جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في الأعوام العشرة الأخيرة، الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو. خيب الأول الآمال، بدأ متعثرا ولم يتمكن من ان يحمل منتخب بلاده الى أبعد من الدور ثمن النهائي (خسارة أمام فرنسا 3-4). البرتغالي من جهته دخل المونديال من الباب العريض، وسجل "هاتريك" من المباراة الأولى ضد اسبانيا (3-3). ثمن النهائي كان أيضا محطة الوداع لمنتخب بلاده بطل اوروبا أمام الأوروغواي (1-2).
ودع ميسي (31 عاما) ورونالدو (33 عاما) المونديال في اليوم نفسه، ويرجح ان هذا المسرح العالمي لن يتاح له مجددا ان ينبهر بموهبتهما.
حظ اسبانيا بطلة 2010 لم يكن أفضل وودعت من الدور ثمن النهائي على يد روسيا المضيفة بركلات الترجيح، بعدما بدأت المونديال على خلفية أزمة إقالة مدربها جولن لوبيتيغي وتعيين فرناندو هييرو بدلا منه.
آخر الأسماء كان البرازيلي نيمار. أغلى لاعب في العالم كان يحمل آمال مواطنيه باللقب السادس وتعويض الوداع المذل لمونديال 2014 على أرضه (1-7 في نصف النهائي أمام ألمانيا، صفر-3 أمام هولندا في مباراة المركز الثالث). الترقب كان أكبر حياله بعدما غاب لثلاثة أشهر بسبب الاصابة، وعاد في الوقت المناسب للدفاع عن ألوان المنتخب. تحسن أداؤه الكروي تدريجا بعد المباراة الأولى وحتى الخروج أمام بلجيكا في ربع النهائي (1-2). المخيب كان تصرفه على أرض الملعب: بالغ في التمثيل والسقوط عند كل احتكاك مع منافس، وتصنع الألم والاصابة بشكل جعله عرضة لانتقادات المدربين ولسخرية يومية على مواقع التواصل.
أربعة منتخبات في سباق الأمتار الأخيرة. فرنسا تبحث عن لقب ثان في تاريخها بعد 1998، وانكلترا تريد الأمر نفسه بعد انتظار يعود لعام 1966. بلجيكا وكرواتيا تريدان اللقب الأغلى: الأول. لكليهما فرصة ذهبية بجيلين من الأفضل حاليا، كرواتيا بقيادة لوكا مودريتش وايفان راكيتيش وماريو ماندزوكيتش، وبلجيكا مع إدين هازار وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو.
- حراس الأحلام -
دائما ما تكون الأنظار متجهة الى المهاجمين أو صانعي التمريرات الحاسمة أو الموهوبين بين خطوط المستطيل الأخضر. لكن مباريات عدة في المونديال الروسي كان صانعو التحول فيها حراس المرمى.
انكلترا اكتشفت جوردان بيكفورد الذي تكفل في ربع النهائي بإنقاذ شباكه من محاولات سويدية خطرة كانت كفيلة بمحو تقدم بلاده 2-صفر. اختير أفضل لاعب في مباراة ربع النهائي، وقال عنه مدربه غاريث ساوثغيت انه "مثال لما يجب ان يكون عليه حارس مرمى حديث، يلمس العديد من الكرات (...) في الدوري الانكليزي الممتاز، ثمة العديد من الكرات العرضية التي ترفع الى داخل المنطقة، هنا نحتاج الى صفات مختلفة".
لم يكن بيكفورد الوحيد الذي برز بين الخشبات الثلاث. قائد فرنسا هوغو لوريس كان حاسما في مواجهة الأوروغواي في ربع النهائي (2-صفر)، ومثله البلجيكي تيبو كورتوا ضد البرازيل وهجومها الكاسح في الشوط الثاني سعيا لقلب التأخير 1-2، وهي نتيجة صمد كورتوا بوجه محاولات تبديلها.
ثلاثة حراس من الدوري الانكليزي: بيكفورد (ايفرتون)، لوريس (توتنهام) وكورتوا (تشلسي). انضم اليهم الكرواتي دانيال سوباشيتش الذي تصدى لثلاث ركلات جزاء ترجيح ضد الدنمارك، في مباراة ضمن ثمن النهائي برز فيها أيضا حارس الاخيرة كاسبر شمايكل. الوحيد الذي خيب التوقعات كان الاسباني دافيد دي خيا الذي لم يظهر كأحد أفضل الحراس عالميا.
- التسجيل مفتوح لمن يرغب -
لم تأت الأهداف من المهاجمين أو اللاعبين الذين يعرفون طريق المرمى عن ظهر قلب فقط. من افتتح التسجيل لفرنسا في ربع النهائي ضد الأوروغواي؟ قلب الدفاع رافايل فاران. من افتتح لانكلترا ضد السويد في الدور نفسه؟ المدافع هاري ماغواير. من كان أفضل مسجل لكولومبيا التي تضم الثلاثي راداميل فالكاو وخاميس رودريغيز هداف مونديال 2014 وخوان كوادرادو في خط المقدمة؟ المدافع ييري مينا (3 أهداف). من كان أفضل مسجل للسويد مع هدفين؟ المدافع القائد أندرياس كرانغفيست.
في مونديال المفارقات، لم يكن غريبا ان يدون المدافعون اسمهم على لائحة أبرز الهدافين، وفي ظل اعتماد العديد من المنتخبات على خطط دفاعية، كانت الضربات الثابتة مفتاحا للتسجيل، بدلا من الهجمات والاختراقات.
اليوم وغدا سيلجأ الجميع من مدربين ولاعبين الى إجراء جردة حساب للأسابيع الماضية. بدءا من الثلاثاء، ستعود عجلة المونديال للدوران مجددا، وهذه المرة، الكأس الذهبية لم تعد بعيدة. مباراتان، فوزان، لا أكثر.
التعليقات