أثار القرار الذي اتخذه الألماني مسعود أوزيل لاعب وسط نادي أرسنال الإنكليزي باعتزال اللعب دولياً جدلاً واسعاً في الشارع الألماني على اختلاف اطيافه حيث تسابق الجميع للرد على هذا القرار من وسائل إعلام وجماهير إلى لاعبين و مسؤولين رفيعي المستوى.

&ومن اللافت للنظر ان قرار الاعتزال لم يكن مفاجئاً بالنظر إلى عدة معطيات ، وفي مقدمتها بلوغ أوزيل سن الثلاثين عاماً من عمره ، وتراجع مستواه الفني مع منتخب بلاده ، وهو ما ظهر جلياً في بطولة كأس العالم ، حيث اعتبر أحد المسؤولين عن الخروج المبكر لمنتخب بلاده من البطولة ، و بالتالي فإن اعتزاله بعد مونديال روسيا لم يكن ليثير كل هذا الجدل لو لم تكن هناك خلفيات اخرى للخطوة التي اقدم عليها اللاعب.
&
وبإلقاء نظرة سريعة على المعطيات غير الفنية التي سبقت قرار اعتزال أوزيل ، فإنها تكشف العديد من الحقائق ، من اهمها ان اللاعب قرر اعتزال اللعب مع المنتخب الألماني قبل ان يقرر إتحاد بلاده او مدرب المنتخب استبعاده تحت تاثير الضغوط الإعلامية و الجماهيرية التي طالبت باتخاذ هذه الخطوة بعدما رأت ان اللاعب تراجعت إمكانياته الفنية ، ولم يعد قادراً على تقديم الإضافة لـ"المانشافت" في قادم الاستحقاقات .
&
ولم يتجرع الألمان الخطوة التي اقدم عليها أوزيل بإعلانه الاعتزال الدولي ، حيث شعروا بالإهانة ، وشنوا ضده حملات واسعة في محاولة لتدارك تأخرهم في قرار إبعاد اللاعب من صفوف منتخبهم الوطني ، خاصة ان بوادر هذا القرار كانت قد برزت أولى مؤشراتها في تصريحات رئيس الاتحاد الألماني في معرض تعليقه على إقصاء ألمانيا مبكراً من دور المجموعات في مونديال روسيا و تجديد ثقته في المدرب يواكيم لوف .
&
وكان مسعود أوزيل وإيلكاي غوندوغان قد تعرضا لحملة شرسة بعد لقائهما بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تم إتهامهما من قبل الصحافة الألمانية بأنهما يدعمان الرئيس التركي قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ايام ، وعرفت فوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة ، لتتعالى العديد من الاصوات مطالبة بإبعادهما عن صفوف المنتخب الوطني في ظل العلاقات السياسية الفاترة بين ألمانيا وتركيا ، والتي ينحدر منها الثنائي وعدد من اللاعبين الأتراك المتواجدين في ألمانيا.
&
هذا وبدا واضحا من خلال القرار الذي اتخذه أوزيل ، و ردود الأفعال التركية ، بان النجم الألماني تأثر بأصوله التركية أكثر من تأثره بألمانيته خلال إقدامه على هذه الخطوة الجريئة بعدما أدرك بان استمراره مع "المانشافت" سيجعله يخرج من الباب الضيق ، في حين ان اعتزاله بعد انتكاسة مونديال روسيا ، ستجعل منه بطلاً ونجماً في تركيا وألمانيا نظير الشجاعة التي تحلى بها في حديثه عن& استخدامه كـ "كبش فداء" لتبرير الفشل الألماني في بطولة كأس العالم، واعتبار الصورة التي جمعته بالرئيس التركي هي بمثابة الغلطة التي لا تغتفر ، والتي كان لها تأثير كبير على أداء المنتخب الألماني امام المكسيك و السويد و كوريا الجنوبية.
&
وطالما أن أوزيل اعلن اعتزاله الدولي ، ويلعب مع نادٍ خارج ألمانيا ، وتحديداً ضمن صفوف نادي أرسنال الإنكليزي ، فأن الصحافة الألمانية المتطرفة وكل من يدعمها وجدت الفرصة قد ضاعت منها للانتقام من اللاعب ، خاصة ان اللاعب لم يقدم اعتذاره عن لقاءه بالرئيس التركي - كما طلب منه - و لم يتم استبعاده من مونديال روسيا أو إجباره على الاعتزال بدلا من اعتزاله بملء رغبته.
&
ومما يؤكد ان أوزيل قام بخطوة استباقية لحماية اسمه و صورته من التشويه الألماني ، هو ردود الفعل المؤيدة له من قبل الصحافة والسلطة و الجماهير في تركيا معتبرة إياه سجل اغلى اهدافه ضد كل اشكال العنصرية ،& في وقت تستمر الأوساط الألمانية في التباكي لعدم اتخاذ قراراً ضد اللاعب مباشرة بعد& الصورة التي وترت العلاقة بين أوزيل ونسبة كبيرة من الألمانيين.
&