واجهت عداءات الماراتون في اليوم الأول من بطولة العالم لألعاب القوى في الدوحة، صعوبات جمة جراء ارتفاع الحرارة والرطوبة، ما تسبب بانسحاب العديد منهن، وسط أصوات منتقدة لإقامة سباقات المسافات الطويلة في ظروف مناخية مماثلة.
وانطلق السباق الممتد على مسافة 42,195 كلم قرابة منتصف الليل بالتوقيت المحلي، في سابقة لبطولات العالم، سعيا لتفادي تأثير الحرارة المرتفعة خلال هذه الفترة من العام في قطر. لكن ذلك لم يحل دون فشل 28 عداءة من أصل 68 في إنهاء السباق، بعدما ناهزت درجة الحرارة عند الانطلاق 33 مئوية، وتجاوزت نسبة الرطوبة 73 بالمئة.
وأنهت صاحبة المركز الأخير السباق بفارق حوالى 45 دقيقة عن الفائزة بالذهبية الأولى في الألعاب، الكينية روث شيبنغيتي التي اعتبرت أن خوضها التمارين "في أجواء حارة جدا" ساعدها في التتويج بالدوحة.
ولخصت العداءة الكرواتية بويانا بييلياتش التي اضطرت الى الانسحاب عند الكيلومتر السابع عشر الوضع الصعب بقولها "إنه الماراتون الأصعب الذي خضته في حياتي. ما كان يجب إعطاء شارة الانطلاق".
أما البحرينية روز شيليمو حاملة ذهبية بطولة العالم 2017 في لندن، والتي نالت الفضية في سباق الجمعة، فقالت "لم أكن أتوقع أن أكون من بين المتوجات بالميداليات وسط هذه الظروف المناخية الصعبة".
أضافت "كانت الظروف أكثر حرا منها في جاكرتا"، في إشارة الى دورة الألعاب الآسيوية الصيف الماضي، والتي أحرزت خلالها الذهبية.
وكان الاتحاد الدولي لألعاب القوى واللجنة المنظمة للبطولة، قد عمدا الى إقامة السباقات الطويلة (الماراتون والمشي) في وقت متأخر نظرا لاستحالة إقامتها تحت الشمس الحارقة نهارا في العاصمة القطرية، علما بأن المنافسات داخل الملعب (ستاد خليفة الدولي) لن تتأثر بهذا الحر، اذ يتمتع الملعب بنظام تبريد يتيح إبقاء الحرارة داخله بحدود 25 مئوية.
- "كان الأمر مخيفا" -
لكن إقامة السباق الوحيد في منافسات الجمعة، والذي تلا الافتتاح الرسمي للبطولة بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في وقت متأخر من الليل، لم ينعكس إيجابا على العداءات.
وأفاد المنظمون المشاركات في السباق أن موعد الانطلاق قد يعدّل اذا تبيّن أن ظروف إقامته غير ملائمة، قبل أن ينطلق في وقته المقرر سابقا. ومع انتصاف السباق، بدا واضحا أن كل المشاركات كن يتصببن عرقا بكثافة، وواصلت غالبيتهن الجري وهن يحملن قوارير المياه أو قطع من الاسفنج المبللة بالمياه.
وقامت عربات غولف مخصصة للمسعفين والخدمات الطبية، بنقل العداءات اللواتي لم ينهين السباق. وخضعت بعضهن لكشف من فريق يضم طبيبا متخصصا في تأثير الحرارة في المنافسات الرياضية.
وقالت العداءة الكندية ليندساي تيسييه التي أنهت السباق في المركز التاسع "كنا نرى العداءات ينسحبن الواحدة تلو الأخرى (...) كان الأمر مخيفا، كان من المحتمل أن أكون أنا (المنسحبة) في الكيلومتر التالي".
وتابعت "أنا سعيدة لمجرد نجاحي في إنهاء السباق (...) بعد التدريبات الشاقة التي خضعت لها العداءات تشعر بالأسى تجاههن. الجميع يريد التواجد هنا والمنافسة وأحد لا يريد أن ينهي السباق بهذه الطريقة".
وقالت الناميبية هيلاليا يوهانيس صاحبة البرونزية "لا أستطيع القول إنني استمتعت بالسباق لكني رفعت شعار +يجب أن أنهيه+"، ممازحة الصحافيين بالقول "شربت عند كل نقطة تُقدم فيها المياه".
- "كارثة" -
ولم تقتصر الانتقادات لإقامة السباق في هذه الظروف المناخية على عداءات الماراتون، بل شملت أيضا مشاركين في مسابقات أخرى.
ووصف حامل الرقم القياسي في المسابقة العشارية الفرنسي كيفن ماير بطولة العالم بأنها "كارثة" لجهة الظروف المناخية.
وقال "الجميع يرى بأننا أمام كارثة (...) درجات الحرارة غير مناسبة، ثمة 30 انسحابا في ماراتون السيدات. انه أمر محزن. يجب الاحتكام الى المنطق والتركيز أكثر على الشغف، ولولا ذلك لكنت قاطعت الألعاب".
وتابع "أنا هنا ولا أفكر سوى بمسابقتي العشارية وليس ما يدور حولي. لكنني لا أستطيع سوى التفكير بأنهم لم يضعوا الرياضيين كأولوية من خلال إقامة البطولة هنا".
أضاف "الأكيد أننا لسنا في أفضل الأحوال لتحقيق نتائج كبيرة".
وكان لسان حال مواطنه يوهان دينيز بطل العالم لسباق 50 كلم مشيا مماثلا بقوله "أنا غاضب جدا. لو كنا في الملعب (ستاد خليفة الدولي) لكنا خضنا السباق في ظروف عادية تتراوح فيها الحرارة بين 24 و25 درجة مئوية، لكن في الخارج وضعونا في أتون وهذا الأمر غير ممكن".
وباستثناء سباقي الماراتون للسيدات والرجال، والمشي (50 كلم للرجال والسيدات، و20 كلم للرجال)، ستقام كل المنافسات داخل ستاد خليفة.
وتابع دينيز "أنا نادم لتواجدي هنا. سنبدأ السباق وننهيه في أجواء مخيفة (...) وصلت الى هنا وأنا في حالة بدنية رائعة لكن أمورا كثيرة تقلقني".
التعليقات