إكان من المفترض أن تتمحور ثورة ريال مدريد الإسباني حول الهجوم، غير أن الصلابة الدفاعية شكلت أساس عودة الفريق إلى سكة الانتصارات محليا، قبل استقباله على أرضه الثلاثاء بروج البلجيكي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الأولى لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
في ختام الموسم المنصرم، وبعد عودة الفرنسي زين الدين زيدان لتسلم مهمة الإشراف على النادي المدريدي أملا ببداية حقبة جديدة بعد موسم مخيب خسر فيه ريال لقبه الأوروبي وتقهقر محليا خلف برشلونة وأتلتيكو مدريد، استطلعت الصحف في مدريد عشاق النادي الملكي عن أبرز المهاجمين الذين يأملون في رؤيتهم في ملعب "سانتياغو برنابيو".
الانكليزي هاري كاين، المصري محمد صلاح، الأرجنتينيان سيرخيو أغويرو وماورو إيكاردي والبولندي روبرت ليفاندوفسكي... هي بعض أسماء وردت في استطلاعات الرأي، ولكن في النهاية حط الصربي لوكا يوفيتش رحاله في العاصمة الاسبانية آتيا من اينتراخت فرانكفورت الألماني، لكنه يجهد لإثبات نفسه، وما زال يبحث عن طريق الشباك.
لم تكن حال الوافد الجديد أيضا البلجيكي إدين هازار صاحب الصفقة الأكثر صخبا في نادي العاصمة هذا الصيف (نحو 100 مليون يورو)، أفضل، بعدما اعتبر كثيرون أن لاعب تشلسي السابق سيكون قادرا على ملء الفراغ الذي خلفه رحيل البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس الإيطالي. لكن البلجيكي وقع ضحية الإصابة، فتراجع مستواه وما زال في فترة تكيف مع الفريق.
تحدث زيدان عما يمر به البلجيكي السبت على هامش مباراة القمة في الدوري المحلي أمام الجار اللدود أتلتيكو، بالقول "نود أن يسجل لأن ذلك سيحرره (...) لكن لا توجد أي مشكلة معه".
أما هازار (28 عامًا) فاعتبر الإثنين أنه "عندما أبدأ بالتسجيل وأكون حاسمًا وألعب مباريات جيدة، ستتحسن الأمور بالنسبة لي (...) هذا ما ينقصني: مباراة جيدة واحدة، هدف واحد، تمريرة واحدة، أمرٌ ما لأبدأ موسمي".
وتابع الدولي البلجيكي الذي لم يسجل أي هدف أو يحقق تمريرة حاسمة هذا الموسم "أعرف أن الاشهر الاولى كانت معقدة (...) لقد عانيت من الإصابة وتوقع مني الجميع أن أسجل ثلاثة أهداف في كل مباراة... أحتاج الى بعض الوقت وأن أبذل قصارى جهدي في التمارين وأستمتع في وقتي على أرض الملعب كما فعلت طوال مسيرتي".
غير أن الجمود الهجومي الذي رافق مباراة القمة ضد أتلتيكو (انتهت بالتعادل السلبي)، كان مؤشرا واضحا إلى أن ريال يعتمد على دفاعه لتخفيف الضغوط وقلة النجاعة الهجومية على مدربه الفرنسي.
ورأى زيدان بعد "دربي" العاصمة أن فريقه "كان متجانسا ومرة جديدة لم نتلق الأهداف (...) افتقدنا قليلا لقوتنا من الناحية الهجومية ولكن بامكاننا أن نتطور".
وللمرة الأولى حافظ ريال على نظافة شباكه في ثلاث مباريات على التوالي في الدوري بإشراف زيدان. فأمام إشبيلية (1-صفر) وأوساسونا (2- صفر) وأتلتيكو، ظهرت صلابة الدفاع المدريدي مع تسديدة واحدة على المرمى.
وأكد زيدان أن "الدفاع مهم جداً، وهو من الأساسيات".
قرع زيدان جرس الانذار بعد الخسارة بثلاثية نظيفة أمام باريس سان جرمان الفرنسي في الجولة الأولى من دوري الأبطال، في أسوا خسارة قارية للمدرب الفرنسي منذ تسلمه مهامه الفنية في "القلعة البيضاء".
كما اهتزت شباكه بهدفين أمام ليفانتي (3-2) وفياريال (2-2) في "لا ليغا"، لذا بدا واضحا التحول الذي طرأ على الدفاع في المباريات الأخيرة.
تَخبُط ريال مدريد في الموسم المنصرم رافقته قلة النجاعة التهديفية، لكن الشكوك حامت أيضا هذا الموسم حول الدفاع مع ابتعاد الثلاثي سيرخيو راموس والفرنسي رافايل فاران والبرازيلي مارسيلو عن مستواهم. لكن الخسارة في ملعب "بارك دي برانس"، تلتها استعادة راموس مستواه المعهود (غاب عن اللقاء ضد النادي الباريسي للإيقاف)، وحفاظ الفريق على نظافة شباكه في مبارياته المحلية الثلاث الأخيرة.
- بايل "يبلي بلاء حسنا" -
أكبر مكاسب زيدان كانت في خط الوسط، وتحديدا مع الأوروغوياني فيديريكو فالفيردي الذي حصل على فرصته أمام أوساسونا وتألق في الجانب الدفاعي ليفرض نفسه في التشكيلة الاساسية.
أداء فالفيردي أمام أوساسونا دفع زيدان للإشادة بلاعب "قدم مباراة مهمة".
وأمام فالفيردي تألق أيضا المهاجمون الثلاثة، حيث كرر زيدان المديح للاعبه الويلزي غاريث بايل الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل في فترة الانتقالات الصيفية، قبل أن يعيد الفرنسي التعويل عليه بعدما وضعه على مقاعد البدلاء خلال تحضيرات الفريق للموسم الجديد.
بنى زيدان شكوكه حول بايل انطلاقا من مستواه السابق واقتناعه بعدم قدرة الفريق على الاعتماد على اللاعب الدولي الويلزي في الدفاع. لكن أمام إشبيلية، ساهم الأخير في الحفاظ على تقدم فريقه بهدف للفرنسي كريم بنزيمة، بإبعاد كرة خطرة أمام مرمى فريقه في الوقت القاتل.
قال زيدان "غاريث بايل يبلي بلاء حسنا"، مضيفا "فوق كل شيء يساعد كثيرا في الدفاع وهذا أمر واضح. الفريق مرتاح أكثر عندما ندافع جميعا".
استعاد ريال هويته الدفاعية بعد صيف شهد انهياره خلال المباريات الودية التحضيرية وبداية الموسم الحالي، وقد توصل الى قناعة إلى حاجته لبناء حقبته الجديدة ليس على أساس التعاقدات الساحرة أو اعادة حقبة النجوم ("غالاكتيكوس")، ولكن بالعودة إلى الاساسيات.
وسيكون زيدان أمام تحدي الفوز في عقر داره أمام بروج لاستعادة حظوظه في المنافسة على صدارة المجموعة بعد الخسارة أمام سان جرمان الذي سيواجهه مجددا إيابا في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
التعليقات