تواجه العاصمة الدنماركية كوبنهاغن تحديا صعبا في استضافة مباريات ضمن منافسات كأس أوروبا 2020 في كرة القدم، مع ضرورة الموازنة بين ما ستسببه من انبعاثات كربونية، ومسعاها لأن تصبح مدينة دون بصمة كربونية في 2025.

تفرض إقامة الكأس في 12 مدينة على امتداد القارة في الذكرى الستين لانطلاق البطولة، تحديات على المشجعين الذين سيقدمون على استخدام متزايد لوسائل النقل، بدلا من البقاء في البلد ذاته لمتابعة المباريات. وسيحتاج هؤلاء بطبيعة الحال الى أماكن إقامة ووسائل نقل واستهلاك الغذاء، وهي كلها خطوات تساهم في زيادة معدل البصمة الكربونية.

ويقول رئيس بلدية كوبنهاغن فرانك يانسن لوكالة فرانس برس "ثمة مفارقة دائما عندما تدعو الناس للقدوم الى مدينتك... بالطبع سيكون لذلك تأثير على انبعاثات الكربون والبيئة".

وأضاف المسؤول الذي يتولى منصبه منذ العام 2010 "نحن نركز على كيفية استضافة حدث كبير مع تأثير منخفض على البصمة الكربونية".

وتحاول كوبنهاغن التي اختيرت في العام 2014 "العاصمة الأوروبية الخضراء" القيام بكل ما هو ممكن لجعل استضافتها لمباريات كأس أوروبا التي تنطلق بعد أربعة أشهر، صديقة للبيئة الى أقصى حد. ولذلك، تخطط المدينة لاستخدام أكواب قابلة لإعادة التدوير، تقديم منتجات عضوية، تحسين إدارة النفايات والحد من استخدام البلاستيك ذي الاستعمال الوحيد.

وإضافة الى تعهد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) زرع 50 ألف شجرة في كل من المدن الـ12 المضيفة للمباريات لتعويض الانبعاثات التي ستسبب بها البطولة، تبدي سلطات كوبنهاغن ثقتها بقدرتها على الحد من الأثر السلبي للمباريات الأربع التي ستستضيفها خلال البطولة المقررة بين 12 حزيران/يونيو و12 تموز/يوليو.

لكن بعض المنضويين في جمعيات غير حكومية مدافعة عن البيئة، يرون ان السلطات قادرة على القيام بالمزيد في هذا المجال، لاسيما في مجال المطاعم. ويوضح ينس بيتر مورتنسن من الجمعية الدنماركية للحفاظ على الطبيعية "يجب (على المعنيين) بالتأكيد بذل جهد أفضل للحؤول دون انتشار استخدام البلاستيك المخصص لاستعمال وحيد".

- رسم مسار جديد -

يتحضر الدنماركيون لتشجيع منتخبهم الوطني الذي يخوض المباريات الثلاث للدور الأول على أرضه، ضمن منافسات المجموعة الثانية التي تضم أيضا فنلندا وبلجيكا وروسيا. وباتت كرة القدم عاملا جامعا في البلد الصغير نسبيا الذي يناهز عدد سكانه خمسة ملايين نسمة.

وتشير الأرقام الرسمية الى ان نحو 300 ألف منهم يزاولون اللعبة دوريا.

ونظرا الى أن المدينة تتوافر فيها تجهيزات واسعة في مجالات مختلفة، منها نظام نقل عبر مترو الأنفاق وملعب لكرة القدم يتسع لنحو 38 ألف شخص، يرى البعض ان مهمة الحفاظ على البيئة خلال البطولة لن تكون مهمة شاقة.

ويوضح مورتنسن "ليس من العدل القول إن مباريات كأس أوروبا ستتسبب بأثر جديد (على البيئة) لأن العديد من الأحداث أقيمت في هذا الملعب".

وساعد عدم الحاجة الى إقامة أي مشاريع جديدة (بنى تحتية، تجهيزات... إلخ) لاستضافة المباريات، في الحد من الأثر البيئي المتوقع لمباريات كأس أوروبا. لكن تحديد هذا الأثر بشكل دقيق يتطلب الانتظار لحين الانتهاء من هذه الاستضافة ووداع اللاعبين والمشجعين.

وبحسب المتحدثة باسم الاتحاد الدنماركي لكرة القدم ميا كيرغارد، سيرتبط الأثر البيئي لهذه المباريات "بالعديد من الأمور التي لن تكون واضحة قبل انتهاء البطولة: عدد السياح والمشجعين والمسؤولين الذين سيزورون المدينة على خلفية البطولة، وما الى ذلك".

ويشكل الحفاظ على البيئة هاجسا أساسيا لسكان المدينة، وتشير التقديرات الى ان 40 بالمئة من حركة النقل فيها تستخدم خلالها الدراجات الهوائية.

وأدت سلسلة من الكوارث الطبيعية في الدنمارك لزيادة حملات التوعية. ففي العام 2011، أدت الأمطار الغزيرة الى فيضانات في شوارع كوبنهاغن وتسببت بأضرار فاقت قيمتها مليار يورو، بحسب رئيس البلدية.

وبحسب ماريا فيغروا، الأستاذة في كلية كوبنهاغن لإدارة الأعمال والعضو في لجنة تابعة للأمم المتحدة معنية بالتغير المناخي، يمكن لمباريات كأس أوروبا ان تشكل "فرصة" لتجربة مبادرات جديدة للحفاظ على البيئة.

وتوضح "أعتقد انه يمكن لكوبنهاغن ان ترسم مسارا جديدا، وسائل جديدة لاستضافة أحداث كبيرة والبقاء في الوقت عينه على قدر من المسؤولية".

وترى الأستاذة الجامعية "كجزء من الحدث، عليك أن تأكل، ان تقيم في منزل، ان تستخدم وسائل النقل. في كل من هذه المجالات ثمة فرص لإظهار كيف يمكن للاستدامة (البيئية) ان تكون جزءا من حياتك".