الدوحة : أحرق "متوهّجو" كراوتيا آمال منتخب البرازيل بإحراز لقب سادس قياسي في كأس العالم لكرة القدم، عندما قلبوا تخلفهم في الدقائق القاتلة من الوقت الممدّد، إلى فوز جديد بركلات الترجيح 4 2 (1 1) وضعهم الجمعة في نصف نهائي مونديال قطر 2022.
أمام 44 ألف متفرّج في المباراة الثامنة والأخيرة على استاد المدينة التعليمية في الدوحة، كانت البرازيل في طريقها إلى بلوغ نصف النهائي وضرب موعد مع الفائز بين الأرجنتين وهولندا، عندما افتتح لها نجمها نيمار التسجيل قبل انتهاء الشوط الإضافي الأول بلمحة فنية رائعة (105+1).
لكن المنتخب الملقب "فاتريني" (المتوهجون)، لم يستسلم، فسجّل هدف التعادل في الدقيقة 117 عبر البديل برونو بتكوفيتش.
جاءت لحظة الحارس دومينيك ليفاكوفيتش الذي قبل ان يتخطاه نيمار بغريزة مميزة، بدا وكأنه حارس مرمى في رياضة كرة اليد: صدّ الكرة تلو الأخرى بيده، ركبته، قدمه (45، 55، 66، 76)، وجنّب كراوتيا خسارة ثقيلة في الوقت الأصلي.
وبعد أن لعب دوراً بطولياً أمام اليابان في ثمن النهائي وصدّه 3 ركلات ترجيحية، كرّر حارس دينامو زغرب البالغ 27 عاماً دور البطل بصده ركلة ترجيح لرودريغو، فبلغت كرواتيا نصف النهائي مرة ثانية توالياً بعد حلولها وصيفة في روسيا 2018.
مقاتلون
قال ليفاكوفيتش "نحن فريق يتمتع بالخبرة ونشأنا كمقاتلين. لا نبخل بأي جهد. نحن نقدّم أفضل ما لدينا وهذه هي الوصفة من أجل النجاح".
أما مدربه زلاتكو داليتش فتوجه إلى الشعب الكرواتي "تحلينا بالشجاعة.. سنواصل الذهاب بعيدا. كرواتيا أظهرت أن بإمكانها الفوز والآن يجب أن تكونوا فخورين.. إنه إنجاز".
على وقع بكاء نيمار الذي عادل رقم الأسطورة بيليه بتسجيل الهدف الـ77 دولياً، ودّع البرازيليون بخُفّي حُنين، بعد أن دخلوا البطولة في طليعة المرشحين لاحراز اللقب.
طالب لاعب الوسط كازيميرو برفع الرؤوس "من الصعب إيجاد الكلمات. يجب أن نرفع رؤوسنا، تستمر الحياة. نحن حزينون. نشعر بالضيق، خاصةً الطريقة التي خسرنا بها، كان الفوز بأيدينا، لكننا فرطنا به وكان من نصيب الكروات. انه إقصاء صعب".
ستطوي هذه الخسارة صفحة العديد من البرازيليين، على غرار المدرب تيتي الذي أكّد رحيلاً أعلنه منذ أشهر، فيما رأى قلب الدفاع المخضرم تياغو سيلفا (38 عاما) "للأسف أنا تقدمت في السن ولكن من الصعب للغاية استيعاب هذا الامر واتخاذ قرار في هذا الوضع. أتمنى أن أكون تركت إرثا هاما للأجيال القادمة".
خاضت "سيليساو" مشواراً عادياً في دور المجموعات، عندما ضمت تأهلها بفوزين على صربيا 2 0 وسويسرا 0 1، قبل أن تخسر للمرة الأولى في تاريخها أمام منتخب إفريقي بسقوطها أمام الكاميرون 1 0. آنذاك، غاب نجمها نيمار مرّة ثانية توالياً لالتواء في كاحله. لكن أغلى لاعب في العالم عاد في ثمن النهائي، سجّل هدفاً فتخطت البرازيل كوريا الجنوبية بسهولة 4 1 عندما سجّلت رباعية في أول 36 دقيقة.
مهمة قارية
وكان الثنائي البرازيلي الأرجنتيني يحاول كسر هيمنة أوروبية مستمرة منذ 2006، وفرض موقعة صاخبة بينهما لايصال مرشح قادر على منع تتويج أحد ممثلي "القارة العجوز".
منذ تتويج البرازيل مرة خامسة قياسية عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، تناوب الأوروبيون على حسم اللقب: إيطاليا عام 2006 مرّة رابعة في تاريخها، إسبانيا في باكورة ألقابها عام 2010، ألمانيا مرّة رابعة في عقر دار البرازيل في 2014 وأخيراً فرنسا للمرة الثانية في روسيا 2018.
وفي نسخة قطر 2022، بدت حظوظ أميركا الجنوبية مرتفعة، لكن الأرجنتين بقيادة نجمها الخارق ليونيل ميسي التواق للقب أول، بقيت لوحدها كي تنقذ سمعة القارة عندما تواجه هولندا لاحقاً.
ميسي السعيد
وخلافاً لمشاركاته الأربع السابقة، حيث بدا شبحاً للاعب حقق المعجزات مع نادي برشلونة الإسباني، ورغم قيادة بلاده إلى نهائي 2014 وحصوله على جائزة أفضل لاعب في البطولة، يعيش ليونيل ميسي أجمل مشاركاته مع الأرجنتين، مدركاً انها ستكون الأخيرة له "على الأرجح" كما أعلن أكثر من مرّة.
يحظى ابن الخامسة والثلاثين وصاحب 7 كرات ذهبية، بدعم جماهيري هائل، سجّل ثلاثة أهداف حتى الآن ويبهر عشاق اللعبة بقدراته الفنية الخارقة.
بعد تعثر الافتتاح ضد السعودية 1 2، قاد "ألبيسليستي" إلى فوزين على المكسيك وبولندا 2 0، ثم تخطى أستراليا 2 1 كما هو متوقع.
يتوقّع ان يحظى برقابة خاصة من قبل منتخب هولندا ومدربه المحنّك لويس فان خال، ما دفع مدرب الأرجنتين الشاب ليونيل سكالوني الذي يأمل في قيادة الأرجنتين إلى لقب ثالث بعد 1978 و1986 إلى القول "عهدنا على كون منافسينا يدرسون أسلوب لعبنا وسنرى كيف ستسير الأمور لانه خلال المباراة تختلف المجريات. نحن بإمكاننا أيضاً أن نقوم بتغييرات من الناحية التقنية..".
ثأر
وترتدي موقعة الجمعة طابعاً ثأرياً لفان خال وهولندا، إذ انتهى مشوارهما في مونديال البرازيل 2014 عند نصف النهائي على يد أرجنتين ميسي بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي.
ذكرى أمل في تغييرها مهاجم هولندا ممفيس ديباي العائد تدريجاً الى التشكيلة الاساسية بعد إصابة "كنت هناك في 2014 وكانت النتيجة مخالفة (لما أردنا)، لكني أود تغيير ذلك الآن".
هولندا التي خسرت أيضاً نهائي مونديال 1978 أمام الأرجنتين المضيفة بعد التمديد، تخوض مشواراً واثقاً، قابلاً للتطوير عبر استحواذ إضافي، بحسب فان خال (71 عاما) الذي لم يخسر منذ خريف 2021 بعد عودته كمدرب طوارئ للبرتقالي الذي اخفق بالتأهل إلى نسخة 2018.
التعليقات