باريس: من حفل افتتاح ملوّن ومثير للجدل في بعض لقطاته، إلى قضية الملاكمتين الجزائرية إيمان خليف والتايوانية يو تينغ لين اللتين توجتا بالذهب رغم ما ترافق من جدل بشأن هويتهما الجنسية، مروراً بالانحناء احتراماً في منافسات الجمباز، كلها لحظات ستبقى عالقة في الأذهان من أولمبياد باريس الذي وصل إلى نهايته الأحد.
وتلقي وكالة فرانس نظرة على أهم عشر لحظات في النسخة الثالثة والثلاثين من الألعاب الصيفية:
أمطار في حفل الافتتاح
وعد المنظمون بحفل افتتاح مذهل وانتهى الأمر بموكب القوارب الغارق في المطر على نهر السين في صدارة عناوين الأخبار العالمية، لكن ليس للأسباب المتوقعة.
وأثار حفل الافتتاح غضب رجال الدين المسيحيين وحتى المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب لمشاركة المتحوّلين جنسياً في مشهد تمثيلي فسره البعض على أنه محاكاة ساخرة للعشاء الأخير.
ونفى المدير الفني لحفل افتتاح توما جولي أن يكون العرض "مستوحى" من لوحة العشاء الأخير، قائلاً في حديث عبر "بي اف ام تي في": "ليس لدي مطلقاً أي رغبة في السخرية من أي أمر أو تشويهه. أردت إنجاز حفل افتتاح ينطوي على إصلاح ومصالحة، ويعيد تأكيد قيم جمهوريتنا".
وبدأ عرض خلال الافتتاح بمشهد لأشخاص بينهم رجال بملابس نسائية يجتمعون حول مائدة، معيداً إلى الأذهان لوحة العشاء الأخير التي تمثل الوجبة الأخيرة التي تناولها يسوع مع تلاميذه. واستنكر مجمع أساقفة فرنسا ما وصفه بـ"مشاهد تنطوي على سخرية واستهزاء بالمسيحية".
وأكّد جولي أنّ العرض غير مستوحى من العشاء الاخير. وقال "أعتقد أن الأمر كان واضحا جدا، يصل ديونيسوس إلى المائدة، لأنّه إله الاحتفال (...) والخمر وأب سيكوانا، إلهة النهر".
وتابع "كانت الفكرة تكمن بالأحرى في إقامة احتفال وثني كبير مرتبط بآلهة أوليمبوس...".
صرخة ديوكوفيتش
وأخيراً نجح الصربي نوفاك ديوكوفيتش في إحراز أوّل ذهبية أولمبية في كرة المضرب بمسيرته، بفوزه على الإسباني كارلوس ألكاراس على ملاعب رولان غاروس.
وبات الصربي، المصنّف أول في البطولة والبالغ 37 عاماً، خامس لاعب يحقق الفوز بـ "سلام الذهبي"، حيث أضاف المعدن الأصفر في خامس مشاركة أولمبية له إلى سجله المرصّع بـ 24 لقباً في البطولات الاربع الكبرى.
واحتفل ديوكوفيتش بصرخة تردد صداها في أنحاء مجمع رولان غاروس قبل أن يتسلق الصربي الباكي مقصورة اللاعبين ليعانق زوجته يلينا وطفليه. قال "لا يوجد إلهام أعظم من تمثيل بلدك". كان ألكاراس أيضاً يبكي لأنه "خذل إسبانيا".
بايلز تنحني للـ"ملكة" أندرادي
قد تكون الأميركية سيمون بايلز نجمة العرض وأبرز من مارس الجمباز، لكنها حظيت بإشادة واسعة لانحنائها أمام منافستها اللدودة البرازيلية ريبيكا أندرادي على منصة التتويج.
قالت بايلز إن ذلك "كان التصرف الصحيح" بعد أن احتلت هي وزميلتها جوردان تشايلز المركزين الثاني والثالث توالياً خلف البرازيلية في نهائي الحركات الأرضية. وتابعت "ريبيكا مذهلة جداً، إنها ملكة".
حصلت الرومانية آنا باربوزو في وقت لاحق على البرونزية بعدما قضت محكمة التحكيم الرياضي بعدم ترفيع تشايلز من المركز الخامس الذي احتلته في البداية.
لايلز بطلاً بـ5 بالألف من الثانية
أعاد العداء الأميركي نواه لايلز سيطرة بلاده على سباق 100 م بمنحها الذهبية لأولى منذ 2004، وذلك بعد فوزه بفارق 5 بالألف من الثانية فقط عن الجامايكي كيشاين تومسون.
واضاف لايلز اللقب الأولمبي الى العالمي الذي توج به صيف 2023 في بودابست، متفوّقاً بالصورة النهائية (فوتو فينيش) على تومسون صاحب الفضية، والأميركي الآخر فريد كيرلي، بطل العالم في يوجين عام 2022، صاحب البرونزية. قال "أنا الرجل بينهم جميعاً. أنا الذئب بين الذئاب".
باكستان تتفوق على الهند
أحرز أرشاد نديم أول ذهبية في مسابقة فردية لباكستان في تاريخ مشاركاتها الأولمبية، بعد تتويجه بلقب رمي الرمح، متفوقاً على الهندي نيراج شوبرا حامل لقب نسخة طوكيو الأخيرة.
قال نديم "المنافسة موجودة عندما يتعلق الأمر بمباريات الكريكيت والرياضات الأخرى. هناك تنافس بين البلدين، لكنه أمر جيد للشباب في كلا البلدين أن يشاهدوا رياضتنا ويتابعونا. إنه أمر إيجابي لكلا البلدين".
"سيلفي" تجمع الكوريتين
اشعلت صورة "سيلفي" بين لاعبين من الجارتين الكوريتين الجنوبية والشمالية على منصة التتويج ذاتها لمسابقة كرة الطاولة للزوجي المختلط مواقع التواصل الإجتماعي، في سياق التوتر الدائم بين سيول وبيونغ يانغ.
وفي الصورة التي التقطها الكوري الجنوبي جونغ هون ليم مع شريكته يو بين تشين عقب تتويجهما ببرونزية الزوجي المختلط، ظهر الثنائي الكوري الشمالي صاحب الفضية والمكوّن من جونغ سيك ري وكوم يونغ كيم، إضافة إلى الثنائي المتوّج بالذهبية الصيني تشوكين وانغ تشوكين وينغشا سن.
والتقطت هذه اللحظة بواسطة هاتف سامسونغ، الرائد في مجال التكنولوجيا في كوريا الجنوبية.
وكتبت صحيفة "تشون هان ييبو" الكورية الجنوبية الشهيرة "صورة شخصية مع العلمين الوطنيين للكوريتين وهاتف سامسونغ".
وقامت القنوات التلفزيونية الكورية الجنوبية بإعادة عرض صورة "السيلفي" بشكل متكرّر، في حين رافقتها التعليقات التي تخلد لحظة نادرة من الوحدة بين الكوريتين.
وأشاد أحد المعلقين قائلاً "هذه هي الروح الحقيقية للألعاب الأولمبية".
خليف تتغلب على "التنمر"
في ليلة صاخبة في رولان غاروس، موطن بطولة فرنسا المفتوحة لكرة المضرب، فازت الملاكمة الجزائرية أمين خليف بذهبية 66 كلغ، متجاوزة الجدل المتعلّق بالهوية الجنسية. ردّت بذلك على "الهجمات" و"التنمّر" قبل أن تعلن بتحد "أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى".
وعلى غرار خليف، كانت يو تينغ لين عرضة للاتهامات ذاتها بعدما استبعدت، كما حال الجزائرية من بطولة العالم العام الماضي لفشلها في اختبارات الأهلية الجنسية. لكنها تخطت كل ذلك وأحرزت ذهبية وزن 57 كلغ. قالت ابنة الـ 25 عاما "أنا مؤهلة تماماً للمشاركة، أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى. لقد وُلدت امرأة، وعشت امرأة وتنافست كامرأة".
خمسة للمصارع الكوبي
دخل الكوبي ميخاين لوبيس تاريخ الألعاب الأولمبية كأوّل رياضي يحرز ذهبية في الفردي خمس مرات متتالية، وذلك بعد فوزه بلقب فئة 130 كلغ في المصارعة اليونانية الرومانية.
انفرد بالرقم القياسي لعدد الذهبيات المتتالية الذي كان يتشاركه مع العداء الأميركي كارل لويس (سباقات السرعة والوثب الطويل)، السباح الأميركي مايكل فيلبس (200 م متنوعة)، السباحة الأميركية كايتي ليديكي (800 م حرة)، الأميركي آل أورتر (رمي القرص)، الدنماركي بول إلفسترون (الشراع)، واليابانية كاوري إيتشو (مصارعة).
وكان من المفترض ألا يتواجد لويس في أولمبياد باريس بعدما اعتزل عقب النسخة الماضية قبل ثلاثة أعوام في طوكيو، لكنه عاد عن قراره وكان مصيباً لأنه أدخله تاريخ الألعاب لكنه علّق حذاءه بعد الفوز على أرض الحلبة في إشارة إلى أن مشوار الذي يحتفل قريباً بميلاده الـ42 وصل هذه المرة فعلياً إلى نهايته.
"الاسم ديكيتش، يوسف ديكيتش"
لم يكن الرامي التركي يوسف ديكيتش بحاجة إلى أي حركة استعراضية، ليصبح أحد نجوم أولمبياد باريس، ورغم ذلك، خطف ضابط الصف السابق في قوات الدرك، الأضواء حين فاز بفضية الفرق المختلطة لمسابقة مسدس الهواء المضغوط 10 أمتار، لعدم استخدامه أي معدات خاصة بالرماية وبوضعه يده اليسرى في جيبه خلال محاولاته وكأنه يرمي في حديقة منزله.
بات التركي بمنظره المسترخي تماماً حديث العالم وكتب أحدهم "الاسم ديكيتش. يوسف ديكيتش"، في إشارة إلى الجملة الشهيرة التي يطلقها بطل أفلام جيمس بوند للتعريف عن نفسه.
التعليقات