بيروت: يوم أمس كان حافلاً في مصر على جميع الأصعدة، فهي المرة الأولى التي تقوم بها القنوات المصرية الخاصة بنقل صورة مباشرة من ساحة التحرير لبعض الوقت، وتشير الى أن عدد المحتجين يقدر بمئات الألوف بدلا من بضعة آلاف كما كانت مجبرة على الإدعاء طيلة الأسبوع الماضي، لكن الرقم لم يصل الى المليون مطلقاً.
هذه الصورة التي يزودهم بها التلفزيون المصري لم تستمر في المساء حيث حجبت الصورة مجدداً بعد خطاب الرئيس كي لا تنقل الشاشات المصرية صيحات المحتجين والمطالبين بالتنحي الفوري كرد فعل على خطابه.
سياسة دفن الرأس في الرمال الإعلامية التي يتبعها وزير الإعلام المصري أنس الفقي مستمرة، ورئيس الوزراء الجديد الذي أطل على الإعلام بكثافة في الأمس للتسويق لحكومته لم يعط مبررات منطقية لإستمرار الفقي في منصبه حتى الآن، وإكتفى بالإيحاء بأن أداء الوزراء معه سيكون مختلفاً،ومن لا يفهم يمكن أن يغيره حتى لو بعد عشرة أيام.
أحمد شفيق رئيس وزراء مصر أطل لأول مرة بالأمس ظهراً في إتصال مع برنامج 48 ساعة الذي كان من المفترض أن يقوم بمواجهة حوارية بين مسؤولين في الحكومة الجديدة وquot;أسماء محفوظquot; الفتاة التي قيل أنها دعت ليوم الغضب عبر الفيس بوك،وعدد من رفاقها لكنها لم تأت ولم نعلم ما هي الأسباب، ربما لأنهم شعروا بعدم جدوى الظهور على إعلام منحاز للسلطة وليس للشارع.
ثم عاد وظهر رئيس الوزراء مساء في 3 برامج على 3 محطات خاصة وليس عبر التليفزيون الحكومي وهو أمر مستغرب، الظهور الأول كان مع برنامج الحياة اليوم رغم أن الإعلان على شاشة القناة كان يقول بأنه سيظهر في مباشر مع عمرو أديب على الحياة 2 لكن ذلك لم يحصل ولم يحاوره عمرو وإنما حاوره شريف عامر ولبنى عسل.
ثم عاد وظهر في برنامج 90 دقيقة على قناة المحور للمرة الثانية في نفس اليوم، وأطل أخيراً في برنامج العاشرة مساء مع منى الشاذلي.
رئيس الوزراء كان يحاول طمئنة الشارع والترويج لحكومته، وشراء الوقت للرئيس مبارك، لكنه عجز فعليا عن الإجابة على جميع الأسئلة الهامة بشكل واضح أو مفهوم، ولم يعط أي التزام واضح تجاه الحريات الإعلامية.
فهمو إعترف مثلاً بأنه إختار 95% من وزراء حكومته الجديدة لكنه عاد وقال بأنه لو خير كان سيختار الـ 5% الموجودين حالياً، قال بأنه سيحاسب الفاسدين quot;إذا ثبت فسادهمquot; وإلا فسيكون مشتركاً في الفساد، كما لم يعترف صراحة بما فعله الوزير السابق حبيب العدلي وحاول تمويه الأمر، وقال بأنه سيحقق، ولكنه رفض إعطاء تفاصيل عن ذلك، ووعد بنشر النتائج قريباً، وجاء هذا بعد خطاب مبارك واعتبر ما قاله مبارك بمثابة تكليف.
إعترف بأن قطع الإنترنت ضايقه، لكنه لم يعط وقتاً محدداً لعودة الإنترنت إكتفى بالقول ساعات، وهي قد تكون 24 أو 48 طالما أنه إستخد الساعة وحدة للقياس.
لم يبد إعتراضه أو قبوله لسياسيات أنس الفقي الحالية، وهو أمر ربما يكون مجبراً عليه، إكتفى بتبرير قطع الإنترنت بأنه جاء لأسباب فنية، ولم يقل بوليسية ديكتاتورية تتعدى تعدياً سافراً على حرية المواطنين، وهو الأمر الذي جعل المتابع يتساءل كيف يمكن للمواطن المصري أن يثق بنية الإصلاحات إذا كانت الممارسات القمعية مستمرة (قطع إنترنت، أس أم أس، قمع الحريات الإعلامية المرئية تحديداً بشكل سافر).
مبارك ورئيس وزراءه لم يعطوا الشارع أية ضمانة بأنهم لن يلتفوا عليه، وبطريقة دستورية فمبارك لم يستقل من الحزب الوطني، وجمال مبارك لا يزال في منصبه، والدستور سيتيح له الترشح إذا أراد ذلك، ولا شيء يضمن للناس عدم تزوير الإنتخابات.
دريم تسير على قشر البض
قناة دريم في تغطيتها الإعلامية للأحداث مكبلة وتسير على قشر البيض، أجرأ من فيها دينا عبد الرحمن مقدمة برنامج صباح دريم، ومنى الشاذلي مقدمة العاشرة مساء، والقناة بشكل عام تلتزم بممنوعات أنيس الفقي، لكنهم عبروا عن عدم رضاهم على القيود المفروضة عليهم، وعبرت دينا عن ذلك صباح الأمس، وناقشت اليوم مع أساتذة في القانون الدستوري، حذروا من الإلتفاف حول الدستور.
بالأمس علا صوت الإذاعي أحمد يونس في نجوم اف ام الذي إنتقد تغطية الإعلام الحكومي للأحداث، وتحدث عن الحريات الاعلامية والتعتيم، وضرورة تفيير القيادة الاعلامية، واتفقت معه دينا ودافعت عن الجزيرة بالقول أنها لا تفبرك وإنما تنقل الواقع، وأشارت في حديثها الى الفيديو الذي بث ويوضح جرائم الأمن المركزي تاجه المتظاهرين، وتحدثت عن صعوبة العمل الاعلامي في هذه الظروف.
وتبدوا دريم الأكثر قرباً للناس من بين القنوات الخاصة والأكثر جرأة على الأقل هي لا تروج للسلطة بالشكل الواضح الذي تروج به قناة المحور للسلطة.
واتصل من دبي العالم المصري فاروق الباز وتحدث عن الخيبة في السنوات السابقة، والأمل وضرورة تسليم الشباب زمام الامور لبناء منظومة جديدة مبنية على الكفاءة، والمساواة، وحقوق الانسان، وتطوير الفكر لتسترد مصر صورتها التي تليق بها داخلياً وخارجياً.
الإعلامي محمود سعد من ميدان التحرير اشاد بمجهود مقدمة البرنامج دينا، وبزميلتها منى الشاذلي وحياهم على الجهد الاعلامي المهني
وهاجم القنوات المصرية الاخرى وزيف الصورة التي تنقلها... وقال أن ميدان التحرير فيه مليون شخص، وسال لماذا يبعدون هذه الصورة عن الرئيس مبارك، ووصف ما يحصل في القناة المصرية بالمحزن والمخزي وسال لماذا؟... لماذا يقطعون الانترنت؟
وكيف يفكرون حتى الان بنفس الأسلوب بعد كل ما حصل.... وأضاف على مبارك ان يصحو ويدرك ان اولاده quot;صحيواquot;... ولا يريدونه وأضاف: quot;لازم يمشي... فإما أن يلبي مطالب الشعب والجماهير او يخرج ويقول بانه لن يترشح، وسيبقى رئيساً للجمهورية لحين تغيير الدستور، ويحل مجلس الشعب، ويقوم بانتخابات حرة، مصر مليئة بالرجال القادرين على قيادة البلد .. ودعاه ليكون اول رئيس مصري يترك الحكم ويبقى في البلد، فيصبح زعيم الامة والاب الروحي للبلد ، quot;ونشيلوا على راسناquot; وسأل الا يكفيه 30 سنة من الحكم... وطالبه بالتحدث الى الشارع الان... وإنتقد الحكومة الجديدة هناك 15 وزيراً هم هم .. هذا ليس التغيير المطلوب ... وانتقد حضر التجول الذي يبدا مبكرا جدا مما يدل على الضغط الكبير في الشارع... ومازال امامه مخرج ان يخرج ويقول للناس انا معكم لغاية نوفمبر ..... نحن ملايين ولسنا الف شخص كما يوحي التلفزيون المصري.
العالم محمد غنيم قال أن المارد خرج من القمقم وكرة الثلج بدأت بالتدحرج...
النظام يكافيء المحور على جهودها
كافأ النظام المصري قناة المحور على جهودها في الترويج له، ودعم مبارك للبقاء في السلطة، من خلال خصهم بظهور أغلب المسؤولين في الحكومة الجديدة أولاً عبر شاشتها، حيث كانت مكالمة رئيس الوزراء، وعدد من وزراء حكومته.
الحياة ترقص على السلم
لم تحسم قناة الحياة موقفها بمختلف برامجها مما يجري، تارة نشعر أنهم يكررون شعارات النظام لتخويف الشارع، وتارة تشعر ان بعض مقدمي البرامج متعاطفون مع المتظاهرين، لذا بقيت الحياة ترقص على السلم.
وجاء ظهور عمرو أديب عليها مقترناُ بعلامات إستفهام كثيرة، خصوصاً وإنه إستضاف بالأمس شقيقه عماد أديب الذي سبق وظهر على شاشة المحور ، ليكرر نفس الإسطوانة الداعمة لإستمرار مبارك، ولتخويف الشارع من الإخوان والفراغ الأمني، فتشعر أن العائلة كلها هبت لنجدة مبارك ليكمل ولايته، ويغادر وهو يحفظ ماء وجهه.
قناة الجزيرة تنتصر
رغم الحرب التي يشنها النظام المصري ضد قناة الجزيرة التي فضحت ممارساته الوحشية ضد المتظاهرين حول العالم، ورغم قطع بثها تماماً على قمر النايل سات والتشويش على بثها على قمري عرب سات وهوت بيرد، الا ان الجزيرة لقيت تضامنا كبيرا من محطات اخرى عديدة نقلت صورة الجزيرة على شاشاتها من بيها الجديد وال أو تي في اللبنانية بالإضافة الى قنوات الحوار، وعدن وغيرها. هذا الحصار الذي فرضه النظام على الجزيرة أكسبها تعاطفاً كبيراً حتى من منتقديها.
الـ بي بي سي والعربية تستفزان النظام
لم تسلم قناتي ال بي بي سي والعربية من الهجوم من قبل أدوات النظام المصري، فخرجت أصوات تتهم هذه القنوات بتأجيج الفتنة؟!! وكانت ال بي بي سي العربية قد نقلت صوراً للمظاهرة الهزيلة التي خرجت لتأييد مبارك يوم أمس والتي قدر عدد المشاركين بها بحواليالفي متظاهر بينما أعلن التلفزيون المصري انهم 300 الف متظاهر بينما لم نر صورة واسعة للمتظاهرين كانت العدسة Zoon in طيلة الوقت.
التعليقات