quot;المزارع البيداغوجية للأطفالquot; توليفة مستحدثة تسعى الجمعيات المهتمة بالبيئة في الجزائر إلى تعميمها، لتطوير مفهوم التربية البيئية في أوساط التلاميذ وطلائع الجيل الجديد وحملهم على الاهتمام أكثر بالإسهام في تأمين الغطاء النباتي والثروة الحيوانية في البلاد. quot;إيلافquot; سألت عرّابي المزارع البيداغوجية عن أبعادها ومراميها.

كامل الشيرازيمن الجزائر: تشير quot;زليخة مكيquot; رئيسة الجمعية الجزائرية quot;النظافة من أجل ترقية البيئة والتطوير السياحيquot; أنّ المزارع البيداغوجية الموجهة للأطفال ستحمل اسم quot;البيئي الصغيرquot;، وتشرح الأستاذة مكي أنّ هذا الفضاء ذو الأبعاد التربوية والثقافية والاجتماعية، يهدف إلى تقريب البراعم من الوسط الطبيعي على وجه الخصوص، وغرس ثقافة بيئية لديهم، تسمح للأطفال باكتساب معلومات في ميدان الحفاظ على المحيط وما تجود به الطبيعة من خيرات للإنسان.

ويحتوي مشروع أول مزرعة بيداغوجية نموذجية بمحافظة وهران (400 كلم غرب) بحسب الأستاذة مكي، على فضاءات للعب والتنزه ومسلك للدراجات ومكتبة ايكولوجية يُنتظر أن يستفيد منها 250 طفلا يوميا، كما تتوفر المزرعة ذاتها على ورش خاصة بالتقنيات الزراعية، وأخرى تتعلق بالمنظومة الحيوانية حتى يتسنى للأجيال الجديدة الاطلاع على طرق ومراحل تربيتها.

ويذهب الخبير quot;أمين لعروسيquot; أنّه من شأن هذه المزارع البيداغوجية أن تسمح بتصنيع جيل قادم يدرك كيفيات معالجة وتسيير النفايات بمختلف أنواعها، خصوصا مع استحداث ورشات للطاقات المتجددة بغية معرفة أهمية ومزايا مثل هذه الطاقات البديلة، والدروس التي يقدمها مختصون حول طرق استعمال الألواح الشمسية وأدوارها في الحفاظ على البيئة.
من جانبها، تشرح quot;آمال قوينيquot; أنّ المزارع البيداغوجية ستتوزع على بيوت زجاجية تستنبت فيها الغرسات و كذا مربعات للورود، فضلا عن ورش لتدريس التربية البيئية، وجعلها فضاءات مفتوحة للتلقين والتوعية فضلا عن استزراع شتى أنواع النباتات وأصول فن البستنة.

ويبرز quot;نبيل مروانيquot; أحد عرّابي هذه المبادرة، أنّ الفرصة متاحة لتحويل المزارع البيداغوجية إلى مشاتل تتولى أنامل البراعم في ابتكار تشكيلات وباقات من الأزهار والنباتات، بشكل معاكس لممارسات خاطئة حولت البيئة المحلية إلى مرتع للرعي الفوضوي والحرث العشوائي والاعتداء على الأشجار والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية.

ويعتبر الأستاذ quot;أحمد قطوشquot; أنّ المزارع البيداغوجية تمثل طريقة منهجية في عملية التكوين البيئي للأطفال وتنمية ميولاتهم تجاه محيطهم البيئي والعناية به، في مشهد راهن يتسم بتداخل حاصل بين المشاكل البيئية كالاحتباس الحراري والتغيرات المناخية والتلوث بمختلف أنواعه، وهي محاذير لا يمكن فصلها عن بعضها، أو مواجهتها منفصلة.
من جهته، يقترح quot;نذير عباسيquot; أن تمتد تجربة المزارع البيداغوجية إلى واحات الصحراء وكذا الهضاب العليا والبحيرات والأحواض وسائر الأحواش الخضراء والبساتين الفيحاء، لما لذلك من آثار إيجابية على صعيد استيعاب أطفال الجهات الأربع في الجزائر.

وتتوفر مختلف الحظائر الطبيعية في الجزائر على التجهيزات اللازمة من أجل القيام بعمليات تربوية بيئية، بهذا الشأن، ترى quot;صليحة فرطاسquot; أنّ التكوين والتحسيس الدائم والإتقان هي مهام يتعين تجسيدها باستمرار من أجل بلوغ الأهداف المسطرة في هذا المجال الحيوي.

وعلى درب تحسيس الأطفال بجدوى المحافظة على البيئة في الجزائر، باشرت المؤسسات التربوية منذ العام الأخير برنامجا مكثفا للتعليم البيئي، بالتزامن مع تفعيل عمل النوادي الخضراء وتكوين مكونين يتولون غرس الثقافة البيئية محليا.

ويحيل quot;سالم سعودquot; على تعزيز المؤسسات التربوية في بلاده، بمشاتل نموذجية متنقلة عبارة عن مجموعة هياكل معدنية مغطاة بشبكة بلاستيكية تحتوي على وسائل للغرس والسقي والحمالات وحاويات النفايات، إلى جانب توفير وسائل إيضاح لتفعيل نشاط التوعية والتحسيس البيئي، فضلا عن استكشاف الموروث الإيكولوجي عبر المناطق الرطبة والمعالم السياحية وما يتصل بالموارد الطبيعية النباتية والحيوانية.

ويشدّد خبراء على أنّ المزارع البيداغوجية لن تحقق المرتجى منها، إذا لم يتم تفعيل جميع فضاءات المجتمع، وإقناع الكبار قبل الصغار بالتوقف عن تلويث المحيط ولما لا الانضمام إلى حلقات تكوينية بيئية، بعدما بلغ الوضع حدا غير مقبول.