لؤي محمد: تعرضت قبل أربعة أعوام إحدى السيدات البالغات سن الثامنة والسبعين من بلدة مينسوتان في الولايات المتحدة لطفح جلدي فوق ثديها الأيسر. واتضح بعد ذلك أن ذلك الطفح الذي يكاد أن يكون غير مرئي ناجم عن مرض quot;شينغلزquot;. وكانت عواقبه قاسية جدا على المريضة.
وقالت تلك السيدة لمراسل صحيفة نيويورك تايمز إنها عانت كثيرا بسبب الآلام الناجمة عن ذلك الطفح الجلدي. وبسببه لم تستطع النوم لليال كثيرة مع بحث غير مجد عن علاج له.
ويعتبر quot;شينغلزquot; وتعقيداته المؤلمة ناجما عن فيروس جدري الماء الذي يبقى في الجسم بعد أن يصيب الأطفال وهو يبقى في حالة سبات لدى الكبار. وهناك ما يقرب من ثلث الراشدين، الذين سبق وأن أصيبوا بجدري الماء خلال طفولتهم، مهيأون للإصابة لاحقا بواحد من الأعراض ذات العلاقة بالمرض لفترة تتراوح ما بين أسبوع إلى عدة سنوات. وهذه النسبة تشكل عددا يصل إلى الملايين من الراشدين في الولايات المتحدة خصوصا بين أولئك الذين لا يمتلكون جهاز مناعة قويا. ويبدو أنه حال بروز الطفح الجلدي والآلام المرافقة له تصبح خيارات علاجه محدودة.
وإذا كان تكاليف البحث عن أدوية مخففة تصل إلى نصف مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة فإن التقارير الطبية الأخيرة تقول إن quot;شينغلزquot; وما يرافقه من آلام قابل لأن يصيب أيا من الراشدين.
لكن quot;إدارة الأغذية والعقاقيرquot; الأميركية وافقت على لقاح جديد لفيروس quot;شينغلزquot; في عام 2006. وكشفت بعض الاختبارات السريرية على اللقاح أنه قادر على تقليل احتمال الإصابة بـ quot;شينغلزquot; بنسبة تزيد على الخمسين في المائة، مع أعراض جانبية طفيفة. وفي عام 2008 أوصت لجنة من الخبراء،تشكلت على مستوى قومي، باستخدام اللقاح للراشدين الذين تزيد أعمارهم عن الستين.
مع ذلك فخلال السنتين الأخيرتين اللتين أعقبتا توفر اللقاح لم يزد عدد الأشخاص المؤهلين الذي تسلموا هذا اللقاح في الولايات المتحدة عن 10%.
ويعود سبب عدم استخدام هذا اللقاح لا للأعراض الجانبية التي تصاحبه فهي ضئيلة بل بسبب تكاليف اللقاح نفسه التي لا تريد شركات التأمين الصحي أن تتحمل أعباءها.
فتكلفة الجرعة الواحدة من اللقاح تصل ما بين 160 إلى 195 دولارا وهذا ما يجعل أغلى من أي لقاح شائع آخر بعشر مرات. وإذا كان الأطباء العامون لا يجدون حرجا في التوصية باستخدام لقاحات أخرى ضد الانفلونزا والالتهاب الرئوي فإنهم لا يفعلون نفس الشيء مع اللقاح المضاد لـ quot;شينغلزquot;.
وبررت الدكتورة لورا هرلي الاستاذة المساعدة في جامعة كولورادو بدنفر عدم استخدامه لسعره العالي الذي يشكل quot;عبئا غاليا على كل المرضى، بل حتى على أولئك الذين يمتلكون تأمينا صحيا خاصا لأنه ليس مغطى كلياquot;.
والأكثر من ذلك إن شركات التأمين الصحي تطلب من زبائنها أن يدفعوا أولا للقاح ثم يقومون من بعد بتقديم طلبات تغطية النفقات. ولأن لقاح شينغلز هو الوحيد الموجه بالدرجة الأولى لكبار السن فإنه قد عومل وكأنه عقار بوصفة طبية وهذا ما يجعل زبائن أكبر شركة تأمين صحي quot;ميدي كيرquot; في الولايات المتحدة مضطرون إلى دفع التكاليف من جيوبهم ثم يقدمون بعد ذلك الأوراق اللازمة كي يتسلموا تكاليف اللقاح.
ونتيجة لكل هذه التعقيدات الناجمة عن تكاليف اللقاح العالية لم يزد عدد المتلقين له عن 2 إلى 7 في المائة. وعلقت الدكتورة هرلي إنه quot; لأمر عظيم أن هذا اللقاح قد تم تطويره... لكننا بحاجة إلى عملية أبسط لتغطية تكاليفهquot;.
التعليقات