تم جلب نبات القرع ذي الأصول الاستوائية إلى جنوب الجزائر في القرن الثامن عشر، ليتأقلم مع البيئة المحلية ويتحول على مدار السنين إلى خضرة أساسية تميزها عن غيرها.

كامل الشيرازي من الجزائر: يفيد quot;الحاج صالحquot; وهو من مخضرمي منطقة وادي ميزاب (650 كلم جنوبي الجزائر العاصمة)، أنّ نبات القرع بلونه الأبيض المائل إلى الاخضرار والمعروف محليا بـ(تاخسايت)، يأخذ أشكالا طويلة وأوزانا مختلفة وهو أملس، وتطلق عليه أسماء عديدة مثل quot;اليقطينquot;، quot;الكوسةquot;، quot;القرعة اليابسةquot;، وquot;الشمامquot;.
ويلفت الحاج صالح إلى تعوّد مواطنيه على زرع quot;قرع وادي ميزابquot; كونه نباتا معاشيا في البساتين العائلية، بهذا الشأن، يشير quot;احميدة الحاجquot; المزارع بمحافظة غرداية، أنّ نبات القرع المتسم بسيقانه الطويلة والمتشعبة، يتميز بسهولة استزراعه لذا أطلق عليه مسمى quot;القرع السريعquot;، ويتطلب الأخير تربة رطبة ومعرضة للشمس كي ينمو هذا النبات، وهو ما يتوافر في هذه المنطقة الصحراوية.

ويركّز الباحث quot;محمد عباسيquot; على أنّ الجنوب الجزائري يستوعب عديد أنواع القرع، وعادة ما تُحفظ بذوره لتستعمل في مواسم لاحقة، مثلما يُستهلك كذلك من خلال تحميصه وتجفيفه، كما يُحيل أ/عباسي، إلى استعمال نبات القرع على نحو مكثف لتزيين البساتين وتوفير مساحات من الظل نظرا لأوراقه الكثيفة، إضافة إلى استخدام نبات القرع بعد أن يتم تجفيفه وتجويفه كمشارب للطيور.

ويقول quot;أحمد الصيدquot; أحد أبناء منطقة متليلي الجنوبية، أنّ المزايا المذكورة، أسهمت في دفع الجهات المختصة إلى توسيع زراعة نبات القرع على مساحة تربو عن الثلاثمائة هكتار خلال العام الأخير، ويركز المختصون على زراعة عديد أصناف القرع التي تتلاءم مع بيئة وموقع المنطقة، فضلا عن إمكانية تخزينه لمدة زمنية طويلة.
ويورد quot;حميدة الحاجquot; أنّ زراعة نبات القرع، تتم على طول وادي ميزاب والوديان المتدفقة، ما منح الوادي المذكور أريحية خاصة، علما أنّ القرع يحمل الكثير من معاني القدسية الاجتماعية في أوساط سكان المنطقة المذكورة، مثلما يتميز باستهلاكه الواسع كخضرة أساسية، وكعصير أو شراب تقليدي طبيعي يُصطلح عليه محليا بـ(تاكروايت) وهو عبارة عن مستخلص من نبات القرع اليابس الصغير الحجم.

وعلى منوال نبتة العرعار، يكشف quot;نبيل مفتاحيquot; وهو بائع للأعشاب، أنّ بذور وقشور نبات القرع كثيرا ما تستخدم في الطب التقليدي، ويُنصح بتناول مُستخلص القرع لتسكين آلام الرأس وتخفيض نسبة السكر في الدم، على حد ما يدعو إليه ممارسو الطب التقليدي.
وينسب حميد، بكوش والميلود وهم من مستهلكي القرع، فوائد كثيرة إلى الأخير، إذ يجري توظيف بذوره في تحضير مستحلب صدري منعش لعلاج الزكام والتهاب القناة الهضمية، كما يقول شيخ في السبعين من عمره، أنّ استعمال بذور القرع يساعد في علاج التهابات المسالك البولية ومرض البروستاتة، كما يتم خلطه مع العسل الطبيعي وتناوله لزيادة وتقوية الرغبة الجنسية.

وينوّه quot;زكيquot; المهتم بعلم النباتات، باحتواء القرع على الفيتامين( أ ) الذي يساهم في نمو العظام والأسنان ويحافظ على البشرة ويحميها من الالتهابات، فضلا عن كونه يؤدي دورا مضادا للتأكسد ويقوّي البصر ويحسن من قوة الجهاز المناعي، كما يقلل من أخطار السرطان بحسب خبراء التغذية.
ويُستهلك نبات القرع مطبوخا من خلال تزيينه لأكلة quot;الكسكسيquot; وغيرها من الأطباق، مثلما يتم استعماله في تحضير ما يسمى quot;مربى القرعquot;، بيد أنّ مخاوف كثيرة يبديها عشاق القرع، على غرار ما ترتب عن كارثة الطوفان المدمّر الذي ضرب وادي ميزاب في خريف 2008.