فيما تحذّر دراسات الخبراء البيئيين من تدهور كبير في مناخ الأرض، تخفق قمم الدول الكبرى والصناعية منها خصوصًا في التوصل لاتفاق خاص بتقليص الانبعاثات التي تتسبب بالاحتباس الحراري، مع ارتفاع الأصوات التي تربط بين التغيرات المناخية والبعد الدينيوquot;قرب يوم القيامةquot;. إيلاف تفتح الملف البيئي.
مروة كريدية: يزيد تغيير المناخ في احتمال دفع النظم البيئية نحو نقطة انقلاب صعبة لا يمكن الرجوع منها، وتتمثل quot;نقطة الانقلابquot; البيئية في التغيير المفاجئ في طريقة سير النظام البيئي حيث تؤدي التغييرات الصغيرة الى ردود أفعال بالغة لا تتناسب مع تلك التغييرات وصولا الى الانهيار البيئي برمته بحيث لا يمكن بعده احتواء اي تداعيات.
وفيما يدق دعاة حماية البيئة ناقوس الخطر متهمة الشركات العملاقة ومن وراءها الدول quot;الراعيةquot; التي تعمل للتحايل على الموضوع لتوفق بين حماية البيئة والنمو الاقتصادي بالقدر نفسه. وتكمن المفارقات المؤلمة في ان الشركات العالمية الملوثة للبيئة بشكل كبير وشركات النفط وغيرها هي التي تمول بعض المنظمات البيئية لانشاء محميات طبيعية وغيرها. كما أن شراكة غير مسبوقة بين بعض المراكز البيئية والشركات الصناعية او النفطية الأمر الذي يشكك أحيانًا في حيادية quot;التقاريرquot; الصادرة عن بعض مراكز الابحاث التي تحابي الشركات الممولة لها.
وتتمثل المشكلة البيئية الكبرى في الاحتباس الحراري الذي يسببه الاستهلاك quot;الفظ quot; للطاقة والمواد الخام واستباحة حرمة الطبيعة من أجل تحقيق أكبر قدر من الرفاهية التي لا يحظى بها إلا قلة من سكان هذا الكوكب. فمن بين أكثر من 21 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون المنتشر في الكون والذي يُطلق سنويًّا من الارض بغرض انتاج الطاقة تصل حصة الولايات المتحدة (على سبيل المثال) الى 5،5 مليار طن أي ما يعادل 22 طن لكل فرد في الولايات المتحدة سنويًا !
التمدد الحراري وارتفاع مستوى المسطحات المائية في الامارات:
لعل من أهم تداعيات الاحتباس الحراري هو ذوبان الجليد وارتفاع مستوى الاسطح المائية من بحار ومحيطات مما يهدد مدنا ساحلية كثيرة بالغرق وجزرًا كاملة بالاختفاء.
وعن أسباب ارتفاع مستوى سطح البحر يقول بل دوغرتي كبير الباحثين في معهد استوكهولم للبيئة:quot; يرجع ذلك في المقام الأول إلى التمدد الحراري للمحيطات واستمرار ذوبان الكتل الجليدية.quot; ويشير الى انه من الصعوبة بمكان تقدير معدل هذا الارتفاع بسبب تعقيد مسألة وضع نموذج لديناميات الغطاء الجليدي.quot;
وتشير النتائج الأخيرة التي توصل اليها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغييرات المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change الى أن: quot;المدى المتوقع لارتفاع مستوى البحار بدون النظر الى ذوبان الكتل الجليدية يتراوح بين 0،37 % و 0،59% بحلول عام 2100 أما عند احتساب ذوبان الجليد ممن المتوقع ان يزيد مستوى البحار الناجم عن التغيير المناخي 10 أمتار أو أكثر quot;.
وعن مدى تأثير التغيير المناخي على دول الخليج يشير ماجد علي المنصوري الأمين العام لهيئة البيئة في العاصمة أبوظبي الى quot;انها ستتأثر بطبيعة الحال بالتغييرات المناخية التي تطال كافة انحاء المعمورة على الرغم من أن الامارات من أقل الدول إسهاما في انبعاث الغازات الدفيئة مقارنة بالدول الأخرى إلا ان الأخطار المترتبة على التغيير المناخي قد تكون كبيرة وعالية التأثير على الموارد الطبيعية والبنية التحتية في الدولة quot;.
وتعمل دولة الامارات على دراسة وتحليل وتقييم التأثيرات الفيزيائية للتغيرات المناخية على القطاعات الحساسة في الدولة وحول التقرير الذي أعدته الهيئة يشير المنصوري إلى الهواجس البيئية التي ينبغي دراستها جيدًا والتي من شأن المعنيين أخذها بعين الاعتبار لوضع استراتيجيات ملائمة للتكيف معها ومنها أهمية تحليل المعطيات المتعلقة بارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيره على المناطق الساحلية وآلية التكيف مع الموارد المائية والطلب المائي الذي يترافق مع هذه التغيرات ومدى قابلية التكيف بالنسبة للنظم البيئية في الأراضي الجافّة وعلاقته بالمعدلات المتحركة لهطول الأمطار ونظام درجة الحرارة.
وفيما يتعلق بدولة الامارات تشير توقعات الخبراء الى انه عند ارتفاع مستوى سطح البحر مترًا واحدا فإن مستوى الغمر سيبلغ 1155 كيلو متر مربع، أما إذا ارتفع مستوى سطح البحر 9 أمتار ( وهو ما يتوقعه العلماء مع المنتصف الثاني من هذا القرن ) فإن المياه ستبتلع 4984 كيلومتر مربع.
الامارات: تغييرات مناخية متوقعة و استراتيجيات لاحتواء التداعيات
تُعد المناطق الجافة من أكثر المنظمات البيئية التي تتكيف مع التغييرات المناخية لا سيما لجهة زيادة درجات الحرارة كون النباتات المنتشرة فيها - ما يقارب 500 نوع - تتأقلم بشكل مؤاتي مع المستويات العالية للأملاح وندرة الامطار، بيد أن ارتفاع درجات الحرارة الغير مسبوق من شأنه ان يؤدي الى تغييرات في الخصائص البيئية الأساسية مما سيعرض الكائنات التي تتغذى على بعضها البعض للخطر الكبير وسواء كانت هذه الكائنات محلية أو مهاجرة.
وفي تقرير أعدّه خبراء بيئة وأيكولوجية أجانب في العاصمة أبوظبي وشارك فيه أماندا فينكل و فيرمي فيشر وريتشارد غرين وغيرهم من الباحثين حول النظم البيئية في المناطق الجافة ومدى المخاطر المناخية وتأثيرها على المناطق الساحلية يظهر ان مستويات الغمر ستترك العديد من الآثار السلبية على طول السواحل الاماراتية.
حيث وجد ان مستوى الماء في السبخات (مستنقعات مائية داخلية ) ترتفع امتار قليلة عن سطح البحر مما يجعلها معرضة للانغمار بمياة البحر، مما سيؤدي الى زيادة الملوحة فيها. كما ستضطر الكائنات الاخرى للزحف الى المناطق الداخلية.
ومن الامور المحتملة ان تؤثر على المنظومة البيئية البحرية هو ارتفاع درجة حرارة المياه وزيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون مما سيترك آثار سلبية على الشعاب المرجانية والسلاحف البحرية وغيرها من الاعشاب والكائنات التي ستتعرض للانقراض حال تغيير البيئة المحيطة بها. من جهة أخرى فقد نَبّه التقرير الى المصائد السمكية ستتعرض للخطر كونها تتغذى على الطحالب البحرية المعرضة للخطر.
هذا و تبذل المنظمات البيئية الشبه رسمية في الدولة جهودًا حثيثة لاحتواء التداعيات المحتملة للتغييرات المناخية حيث قال محمد أحمد البواردي العضو المنتدب عن هيئة أبو ظبي للبيئة في معرض كلمته للتقرير البيئي الشامل الصادرعن الهيئة ان الدولة quot;تبذل المساعي الجادّة لضمان النمو الاقتصادي والاجتماعي في كنف بيئة مستدامة ومحمية quot; وأشار الى انّ هناك استراتيجية للسنوات الخمس القادمة لضمان صون البيئة وتعزيز التنمية المستدامة quot; مؤكدًّا ان: quot;ان الاستدامة البيئية ليست خيارًا مُفَضَّلا بل هي ضرورة ملحة في الامارات quot;.
وعن ابرز الانجازات التي حققت الى الان أشار الىquot; ان عام 2009 كان عامًا مميزًا حيث أطلقت فيه العديد من المبادرات الهامة quot; محيلا المهتمين الى التقرير الصادر.
وبالعودة الى التقرير المشار اليه فإننا وجدنا انه تم اطلاق مشروع البيئة 2030 ويهدف الى تحديث السياسات البيئة وتطويرها وربطها بالخطط والبرامج المختلفة واهمها: الادارة البيئية المتكاملة وضمان تطبيق التشريعات البيئية ومتابعتها، وإشراك المجتمع المدني وتمكين الاجيال المستقبلية وهوما يقع على كاهل دائرة التوعية البيئية، علاوة على بناء الشركات الاستراتيجية مع القطاع الخاص، وتشجيع الابتكار والاستفادة من البحوث التطبيقية وتشجيعها والاستخدام الامثل التكنولوجية في هذا الموضوع. وقد تناول التقرير محاور بيئية متنوعة منها: إدارة الموارد المائية وضمان جودة الهواء و التحضير لمواجهة تداعيات التغيير المناخي وادارة المواد الخطرة والنفايات و المحافظة على التنوع البيولوجي والتوعية البيئية عبر مؤسسات المجتمع بدءا من المناهج الدراسية وصولا الى الزام الشركات بمعايير التشريعات البيئية.
التعليقات