مراسل إيلاف مع عرفان صديقي (يسار الصورة) |
إسلام آباد: لم تستقر الأوضاع في باكستان كما كان مرجوا ولو بعد مرور نحو عامين من الحكومة الديموقراطية في البلاد، في حين يشتعل العديد من المناطق بحريق الإرهاب والعنف والعمليات العسكرية... ورغم الادعاءات الرسمية الطويلة لم تتمكن الحكومة من التغلب على أزمة الكهرباء والغاز والأزمات الأخرى ناهيك عن عدم تقديمها اي أي إستراتيجية واضحة في سبيل التغلب على الأوضاع .
وفي هذا الإطار أجرت إيلاف مقابلة مع المحلل البارز عرفان صديقي الذي سبق له العمل مع الرئيس الباكستاني السابق رفيق تارر ككاتب لكلماته وهو يكتب في جريدة (جنك) أكبر الجرائد الناطقة بالأردية في البلاد، ليسلط ضوءا على الوضع المحلي والإقليمي.
يرى صديقي أن الولايات المتحدة تهتم بالهند أكثر من باكستان في المنطقة رغم جميع التضحيات التي قدمتها باكستان في سبيل الحرب المزعومة على الإرهاب وأنها تتخذ القرارات حول المنطقة أحادية من دون أن تستشير باكستان ومعظم الأحيان بدون أن تطلعها عليها.
كما وأنه يدعو الحكومة الباكستانية إلى مراجعة سياساتها في هذه الحرب كما راجع أوباما السياسة الأميركية إزاء العراق وأفغانستان وأن تقوم بتحديد أولوياته، بينما يشير إلى أن الشعب البشتوني قد عانى الكثير من هذه الحرب المزعومة ولاسيما الغارات الجوية على المناطق القبلية، مضيفا أنه ولو نستبعد الدافع الديني وراء ما يجري من موجة الإرهاب فإنه لا يمكن استبعاد دافع الانتقام لأن الانتقام من وتيرة الشعب البشتوني، في حين يشير إلى أن تواجد الهند في أفغانستان يختلق المشاكل لباكستان.
وإليكم نص المقابلة:
bull;كيف تقيّمون أداء الحكومة خلال السنة الماضية؟
يمكن القول بأن العام المنصرم كان عاما ناجحا عسكريا إذ تمكنت القوات من إخماد التمرد في منطقة سوات إلى حد كبير كما وأنها تواصل عملية عسكرية في وزيرستان الجنوبية؛ إلا أن معدل عدم الاستقرار ارتفع نسبيا. أما من الناحية السياسية فإن هذه السنة كانت أول سنة ديموقراطية كاملة بعد تسع سنوات من الحكم الدكتاتوري. وأهم ما حدث في السنة هو عودة القضاة المعزولين إلى مناصبهم وقد عزلهم مشرف ولم يكن زرداري راضيا عن عودتهم. واليوم تشهد البلاد قضاء حرا أول مرة وهذا أساس لتغير كبير.
bull;كيف ترون إلى العلاقات الباكستانية الأميركية في ضوء العام المنصرم؟
من المعروف أن العلاقات بين البلدين تسودها الشكوك وانعدام الثقة الثنائية، في حين لم تستشر الولايات المتحدة باكستان أثناء وضع إستراتيجيتها إزاء أفغانستان رغم أنها ربطت باكستان بأفغانستان في تلك السياسية. ومن المؤسف أن الولايات المتحدة تستشير الهند أكثر من باكستان رغم كون باكستان حليفة لها في الحرب المزعومة على الإرهاب. كما وأن رئيس الوزراء الهندي زار الولايات المتحدة خلال وضع السياسة الجديدة في حين تتخذ الولايات المتحدة جميع القرارات أحادية. ومن الضروري أن تراجع الجكومة سياسات مشرف التي تم اتباعها لمدة تسع سنوات كما فعل أوباما بعد ثماني سنوات إزاء السياسات الأميركية حول العراق وأفغانستان.
bull;إذا تسود العلاقات الأميركية الباكستانية الشكوك، فعلام تدل نشاطات الأميركيين غير القانونية في المدن الباكستانية؟
الحكومة ضعيفة وغير قادرة على حماية مصالحها الوطنية، في حين بدأ مشرف بسياسة خجولة وبالتالي منح الأميركيين ميزات كثيرة. ومن هذا المنطلق يجب على الحكومة الديموقراطية أن تتخذ موقفا قويا إزاء الخروقات من جانب الأميركيين وأن تكشف القناع عن جميع الاتفاقيات السرية والعلنية مع الأميركيين التي أصبحت قيودا لرجليها. وللأسف فإن وزارة الداخلية عوضا عن اتخاذ اللازم إزاء الأميركيين تطلق سراحهم.
bull;أوردت الصحافة التقارير عن تواجد الأميركيين في منطقة سهالة قرب المنشآت النووية في كهوتة في ضواحي العاصمة ....
نعم أنا الذي كشفت عن تواجد الأميركيين في هذه المنطقة بعد مشاهدة قلعة لهم. ولم يكن يُسمح للباكستانيين بالدخول إليها. ولماذا نضحي باستقلالنا هكذا؟ وإذا عملت الحكومة بالجد فلا يمكن لأميركا أن تفعل هذا؛ لأن هذا الأمر يعارض والأعراف الدولية. كل ما يجري هنا نتيجة ضعف الحكومة. ndash; علما أن هذا المبنى متاخمة لكلية سهالة لتدريب الشرطة وهي تقع على بعد تسعة كلومترات من المنشآت النووية الباكستانية بمنطقة كهوتة. وقد نقلت وسائل الإعلام أن الحكومة أمرت بإغلاق المركز الأميركي لتدريب مكافحة الإرهاب مع التوجيه بنقل أجهزة الفريق التدريبي الأميركي إلى الحي الدبلوماسي، بينما أشارت الصحافة إلى أن الأجهزة الأمنية اكتشفت أن الأميركيين ركبوا أجهزة التنصت في هذا المبنى لمراقبة نشاطات المنشآت النووية-.
bull;هل يمكن أن تلقوا ضوءا على أسباب التدهور الأمني في باكستان بشكل غير مسبوق؟
هناك أطراف مختلفة متورطة في هذه الأوضاع وذلك لأسباب مختلفة. مثلا هناك قوى تكره الحرب الآمريكية وهي غير راضية عن تحالف باكستان مع الولايات المتحدة. ثانيا إن الشريط البشتوني يتأثر مباشرة بالغارات الأميركية بالزنانات ومن المعروف أن البشتون معروفون بتقاليد الثأر والانتقام من العدو ولو لا يكن أي دافع ديني. ثالثا تتواجد المخابرات الهندية والموساد في أفغانستان وتستخدم القنصليات الهندية للتدريب والتخريب، أضف إلى ذلك أن المخابرات الأفغانية أيضا تلعب دورها بينما الولايات المتحدة لها أجندتها الخاصة للمنطقة. والأهم من ذلك أن هناك قوى ترغب في تكليب الجيش الباكستاني على العناصر المعارضة للولايات المتحدة وللأسف لم نتمكن من الوصول إلى تلك الشبكات التي تؤدي دورها من وراء الكواليس.
bull;شهدنا أخيرا أن بعض الوزراء يصبون جام غضبهم على الصحافة وخاصة شريحة الإعلام التي تنتقد السياسات الرسمية ويسمونها مندسة ومتآمرة على الحكومة. هل فعلا يعادي الإعلام الحكومة؟
أصلا قد كسبت وسائل الإعلام قوة خلال العام الماضي؛ لكنني أرى أن الإعلام القوي سبب لتعزيز الديموقراطية ولا يضرها.
bull;بعد صدور قرار المحكمة بإلغاء مرسوم المصالحة الوطنية الذي منح غطاء للعديد من السياسيين المتهمين بضلوعهم في الفساد المالي في الوصول إلى البرلمان وبينهم خمسة وزراء إلى جانب الرئيس زرداري أيضا، ما هو خيار الحكومة في رأيك في هذا الإطار؟
أرى أن الحاجة إلى تطبيق ميثاق الديموقراطية الذي وقع عليه نواز شريف وبينظير بوتو ستشتد مع مرور الوقت رغم أن الحكومة لم تعمل به إلى الآن. كما وأن الحكومة ستكون أمام ضغوط شديدة من جانب القضاء والمجتمع المدني. الرئيس زرداري سيحتاج إلى مجابهة الإعلام والشعب معا. والطريق الأحسن لذلك إنشاء علاقات طيبة مع المعارضة. وهذا الأمر موكول إلى زرداري فلنترقب كيف يعمل.
bull;كيف تتوقع، هل العام الجديد سيزيد من مشاكل الحكومة أم سيقللها؟
إذا بدأت المحاكم مراجعة القضايا التي طويت تحت مرسوم المصالحة، فأرى أن مشاكل الحكومة ستزداد.
التعليقات