يخشى سودانيون جنوبيون يعيشون في شمال البلاد من الترويع أو حتى حرب اذا أسفر استفتاء يجرى العام المقبل عن المصادقة على انفصال الجنوب عن باقي السودان وطالب الكثير منهم بمراقبة دولية لحماية حقوقهم.

الخرطوم: بعد حرب أهلية متقطعة اندلعت عام 1955 يصوت السودانيون في الجنوب في التاسع من يناير كانون الثاني من العام المقبل على البقاء كجزء من السودان أو تغيير خريطة افريقيا بالانفصال عنه وإقامة دولة مستقلة. وأسفر اتفاق سلام ابرم عام 2005 عن تشكيل حكومة ائتلاف وطني أنهت الحرب بين الشمال المُسلم ومواطني الجنوب الذين يعتنقون المسيحية أو يؤمنون بمعتقدات تقليدية. لكن توترات مستمرة وتأخيرات في تنفيذ المعاهدة زرعت بذور انعدام الثقة بين مواطني الجنوب الذين يقول الكثيرون منهم انهم سيصوتون لصالح الانفصال عن السودان.

وبينما يقول الكثير من بين ملايين الجنوبيين الذين نزحوا الى الشمال بسبب الحرب انهم سيعودون الى جنوب السودان اذا أقر الاستفتاء الانفصال فان بعضهم يرون أن من حقهم البقاء في الشمال حيث ولدوا وتعلموا. وقالت كيجي رومان وهي جنوبية ولدت وتربت في العاصمة السودانية quot;لا يمكن لشمال السودان أن يتجاهلني. الخرطوم مدينتي ولا أعتقد أن الخرطوم يمكن أن توصد الباب في وجهي.quot; لكنها اضافت انه اذا نشبت حرب مثلما يخشى كثيرون فان الجنوبيين لن يكون بامكانهم البقاء في الشمال.

ويخشى كثير من الجنوبيين أن حكومة الائتلاف التي تشكلت بعد اتفاق السلام عام 2005 لم تخطط جيدا لما بعد الانفصال عن السودان لانها فضلت التركيز على الوحدة. ويتفق معظم المحللين على أن النتيجة المرجحة للاستفتاء ستكون الانفصال لكن لم يعرف أحد شكل المواطنة في الدول الجديدة المحتملة أو مصير من يعيشون داخل حدودها. ولا يتمتع جنوب السودان ببنية تحتية قوية ولا ينتشر فيه الامن خارج المراكز الحضرية لذا فسيكون عليه أن يكافح لاستيعاب أي تدفق مفاجيء للملايين من الجنوبيين.

وقال الاب جورج جانجارا من الكنيسة الكاثوليكية في الخرطوم ان حكومة جنوب السودان يجب أن تكون قد بدأت بالفعل في هذه الترتيبات ويجب أن تتوقع مجيء أعداد كبيرة من الأشخاص الى الجنوب. وأضاف أن من الممكن تجنب كثير من العنف والفوضى التي يخشى اندلاعها اذا اتفق القادة السياسيون عل خطط واضحة لكل السودانيين وأطلقوا حملة اعلامية فورية حتى يكون أمام الناس الوقت الكافي لقبول أي نتيجة للاستفتاء. وقال ان الناس قلقة بالفعل بشأن ممتلكاتهم وهم قلقون بشأن حياتهم. وذكر جانجارا أن الوقت قد حان ليفكر القادة في الجلوس والحديث عن هذا الامر.

وانتقل ماجوك جيك من ولاية البحيرات السودانية الى الخرطوم عندما بلغ 15 عاما. وقال انه لا يثق في أن حكومة الشمال ستحمي حقوق الجنوبيين الذين سيبقون هناك اذا حدث انفصال. وأضاف بلغة عربية سليمة أنه يتعين وجود مراقبين دوليين للتأكد من منح من يبقون هنا حقوقهم الانسانية.

وقال الاسقف دانيال أدوك كور من أبرشية الخرطوم انه يجب على هذه الحكومة الاعتراف بحقوق مواطنيها بغض النظر عن ديانتهم أو عرقهم حتى يشعرون بأن وجودهم في البلاد مرحب به. وكان تطبيق الشريعة الاسلامية في كل السودان من العوامل التي أججت ثاني تفجر للحرب الاهلية بين شمال السودان وجنوبه عام 1983. وقتل ما يقدر بمليوني شخص وترك أربعة ملايين منازلهم في قتال لاسباب عرقية وأيديولوجية وأخرى تتعلق بالنفط. وقال كور انهم يجب أن يدركوا أن المسيحية والاسلام يمكن أن يتعايشا مع بعضهما البعض.