قبل أن ينتهي العام 2009 وفي تاريخ مقارب لرشق منتظر الزيدي الرئيسَ الأميركي جورج بوش قبيل انتهاء العام 2008 في بغداد بالحذاء، حيث جلبت له تلك الفعلة شهرة طبقت الآفاق وسجن بعدها واطلق سراحه بعد انقضاء معظم فترة محكوميته بالعراق. قام الصحافي العراقي سيف الخياط المقيم في باريس برشق الزيدي بالحذاء بعد نقاش لم يتم بينهما حين كان الزيدي في ضيافة نادي باريس للصحافة يحتفى به من قبل عدد من الصحافيين العرب.

حاوره عبد الرحمن الماجدي: هنا يتحدث الصحافي العراقي سيف الخياط لإيلاف عن الحادث الذي جلب له الكثير من المناهضين خاصة الذين مجدوا فعل الزيدي ضد الرئيس بوش، حد تلقيه عدة تهديدات باتت الشرطة الفرنسية تتابعها، حسب ما أبلغنا به الخياط.

وقد أوضح لإيلاف سبب إقدامه على رشق منتظر الزيدي بالحذاء وكيف حصل ذلك.

يقول الخياط: إن الاجابة تمضي في عدة إتجاهات منها إن ما قام به الزيدي في بغداد إساءة الى العمل الصحافي وأجوائه التي نريدها أن تكون مهنية بعد أن تعطل العمل الصحافي في العراقي مدة تقارب الثلاثين عامًا هي زمن حكم الدكتاتور العراقي السابق صدام حسين. وتحول الوسط الصحافي فيه الى بوق دعائي يمجد الرئيس ويسوق أعماله على أنها انتصارات وبطولات. كما أن كافة الصحف التي كانت تصدر تمثل نشرات دعائية تفتقر الحد الادنى من الحرفية، وما كان يفترض بالصحافي الحقيقي أن يكسر قلمه ويرفع حذاءه كبديل لجوهر عمله وهو الحصول على المعلومات ونشرها.

وللقضية اوجه وأبعاد أخرى تتجاوز حدود المؤتمر الصحافي الذي عقد بين رئيس الوزراء المالكي والرئيس بوش. المسألة تقف خلف كل ثقافة الاستبداد والدكتاتورية في عملها المضاد الذي شهدناه لمواجهة مشروع الديمقراطية والسلام في الشرق الاوسط (التغيير) في العراق الذي ازعج اشقاء صدام حسين في المنطقة. وبات يهدد مصيرهم سواء بالسيناريو ذاته او بغيره.

وكلما تطور التغيير في العراق كلما ازدادت حدة الهجمات والطعنات وهذا يكشف لنا طبيعة العراقيل والالغام الذي يسير عليها العراق خلال سنواته السبع من عمر التغيير فالحال برمتها هي اختصار لحرب ليست بين أميركا وتنظيم القاعدة فحسب او اميركا وبقايا النظام السابق، وانما حرب الديمقراطية في مواجهة انظمة الاستبداد العربي وغير العربي المتربعة في محيط الشرق الاوسط حتى يخيل للناظر انها منطقة يحكمها الشيطان، وتجند هذه الحرب القذرة اعوانًا كثيرين لها تبدأ من اجهزة مخابرات دول الممانعة حتى منظمات المجتمع المدني وشركات ووسائل اعلام، والا فما هي مبررات شخص مثل عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة القدس العربي التي تنشر فقط الاخبار السوداء عن العراق الجديد. وهو يعلم تمامًا ان نتائج هذا التغيير تصب في صالح الشعب العراقي والمنطقة وكذلك قناة الجزيرة وعدد اخر من وسائل الاعلام وهذا ما يدفع الى تحليل ظاهرة العداء للغرب المختزل (بالديمقراطية والحرية والعقلنة ومصالح الناس ورفاههم والمعرفة) والذي يتخذ اشكالاً عنفية دموية ارهابية مثل افعال القاعدة او تعبوية تثقيفية (تسقيطية) تقود الى رفض كل محاولات التغيير وهذا ما يفسر ضخامة المواجهة. فهي ليست حربًا مع تنظيم القاعدة وعناصره الهاربة في الجبال، وانما حرب مع مؤسسات ودول جميعها متفقة على عداء الديمقراطية ومحاربتها، دول وحكومات عربية واحدة ذات رسالة استبدادية لا تنتهي ولا تكل من نشرها في العالم.

المقاومة في العراق لا تملك آليات عمل غير القتل

لكن هناك من يرى أن من حق الشعوب مواجهة الإحتلال؟

أي احتلال نتحدث عنه، هذه الجزائر نموذج. فبعد عقود من ثورة المليون شهيد خرج الجزائريون يقولون quot;متى يرحل هذا الاستقلال البغيض عن بلدناquot;. بل وذهبوا الى أبعد من ذلك وصارت أحلام الجزائري الهروب من الجزائر والوصول إلى بلد المستعمر السابق ولو بأي ثمن كان.

أما قصة ألف ليلة الفلسطينية فهي أكبر مسرحية ساخرة قدمها النضال القومي العربي إلى العالم حتى اللحظة، وكل من يرفع شعارات التحرر ومواجهة الاحتلال يرتد على البلاغات الخطابية ليوجه سلاحه على أبناء شعبه والقضية الفلسطينية نموذجًا, وان كل حاكم عربي رفع شعار تحرير فلسطين ارتد يقتل ابناء وطنه فتحولت القضية الفلسطينية الى quot;درع بشري لحماية استبداد الانظمة العربيةquot; كما يقول استاذي المفكر المصري، أمين المهدي، وايضا شعار عروبة العراق ووحدته تحولا إلى إبادة جماعية للعراقيين بمفخخات الأنظمة العربية

ففي العراق تقول الاحصائيات ان ثلاثة آلاف جندي أميركيين قتلوا خلال السنوات الماضية، في حين قتل ما يقرب مليون عراقي. وبهذه المعادلة الرياضية نكتشف ان جماعات القتل الاسود التي تسمي نفسها مقاومة تستهدف المواطنين العراقيين، وليس جنود الولايات المتحدة، وحتى اللحظة لا تزال هذه المقاومة عبارة عن اسماء رمزية واشكال متخفية غير واضحة ولا تمتلك اي مشروع سياسي بل لا تمتلك اليات عمل غير القتل والخطف والمطالبه بالفديات وتفجير المدارس وترويع السكان

وكل مشاريع تحرير الجغرافيات السياسية العروبية تحولت إلى أعتى أشكال الاستبداد والديكتاتورية ولنا في الجزائر وليبيا وسوريا والعراق وفلسطين نماذج شاهدة، فالنظام العربي يتفق دائما وأبدا على عرقلة أي مشروع ديمقراطي في المنطقة العربية ومنذ تجربة الحرب الأهلية في لبنان والنظام العربي يكشف عن وجهه في مواجهة المشروع الديمقراطي بكل السبل، ثم تعال نتحدث وفق القوانين والشرعية الدولية عندما اطلق الرئيس بوش العمليات العسكرية لاسقاط صدام حسين كان عنوانها هو quot;عملية حرية العراق Operation Iraqi Freedomquot;

والاسم والمعنى لا يحملان اي دلالات سيئة على الاطلاق وكان العراقيون يتمنون من قبل ازالة صدام باي شكل كان وراح بعضهم يقول لياتي الشيطان ويحكمنا حتى نتخلص من صدام حسين ومن ثم اعتبر مجلس الامن ان الولايات المتحدة وشركاءها العالميين قوات احتلال وفق القرار quot;1483quot; ولكن وهنا يجب ان نتعامل مع المتغير بعد مرور عام اصدر مجلس الامن ذاته قرار نسخ بموجبه قرار الاحتلال وتم نقل السلطة والسيادة الى العراقيين في 30 يونيو2004 وتم تصنيف القوات الاميركية وشركائهم تحت عنوان (القوات المتعددة الجنسية) وهي موجودة بطلب من الحكومة العراقية المنتخبة ومن ثم كان الرئيس بوش في العراق عندما حصل المؤتمر الصحافي المهزلة لتوقيع اتفاقية سحب القوات الاميركية والذي تقرر مع العام 2011، فأي احتلال اميركي هذا والرئيس الأميركي جاء ليسحب جنوده، العراق اليوم لديه سيادة على كافة قراراته السياسية والعسكرية والمالية والجغرافية ولديه سفارات في غالبية عواصم العالم ولديه ممثله في الامم المتحدة والجامعة العربية ومؤتمر الدول الاسلامية، والعراقيون اليوم هم وحدهم من يقرر شكل وطبيعة الحاكم والنظام السياسي عبر ممثليهم في البرلمان المنتخبين بصورة مباشرة..

فاين هو الاحتلال؟ من زعم ذلك، بعض تجار الدم والعواطف واصحاب مشاريع الربح السريع على الطريقة السياسية؟!،

آخر هذه المشاريع أو الدكاكين، مشروع مؤسسة الزيدي التي يحاول منتظر جمع الاموال لها تحت عنوان مساعدة ضحايا الاحتلال بمساعدة بعض المحترفين في السوق القذرة هذه.

سائلاً الزيدي: كيف تعتبر يوم سقوط صدام يوم احتلال

هل خططت للعملية أم كانت رد فعل آني؟ وهل ساعدك أحد؟

أبداً لم أخطط لشيء فقط دعيت الى المؤتمر المنعقد في نادي الصحافة العربي بصفتي صحافياً مقيماً في باريس، كحال بقية الزملاء وعلمت أن منتظر الزيدي هو المتحدث. وبعد فترة من حديث الزيدي اتضح لي أن الاجواء المرافقة لهذا المؤتمر تم ترتيبها من قبل شخص يدعى سعد المسعودي وهو يعمل لصالح قناة العربية. وأيضًا يقدم برنامجًا فنيًّا في إذاعة مونتي كارلو. وهو معادي للتغيير في العراق.
ومن طرائف الأمور أن المسعودي وعقب انتهاء المؤتمر ذهب ليتحدث الى صحيفة اتجاهات حرة الالكترونية العراقية وكذب الحادثة برمتها وقال ان الزيدي لم يضرب بالحذاء. ظنًّا منه أن وسائل الإعلام التي غطت المؤتمر لن تنشر هذا الخبر.

وهذا يعيدنا الى موضوع الصحافة والصحافيين غير المهنيين الذين يعملون لصالح اجندة سياسية بحتة.

فالخلايا القومية العروبية الموجودة في أوروبا جعلت من الإعلام الأوروبي الناطق بالعربية في ذيل وسائل الإعلام العربية فمثال قناة البي بي سي البريطانية واضح للعيان فبفضل جحافل البعثيين فيها وفي إذاعة مونتي كارلو وقناة فرنسا 24 تحولتا بفضلهم إلى أشبه بإذاعة عبد الناصر صوت العرب من القاهرة.

في هذا المؤتمر استمعت الى الزيدي وكيف يحرض على إفشال تجربة التغيير وكان جل كلامه يتطابق مع الذين يدعون أنفسهم مقاومة. وعندها طلبت الكلام وتوجيه الاسئلة. وقلت بوضوح وباسئلة صحفية بحتة كيف تعتبر يوم سقوط دكتاتورية صدام حسين في العراق يوم احتلال..؟ ولماذا تعتبر أعمال الجماعات الارهابية في العراق مقاومة وهم يقتلون العراقيين الابرياء المدنيين في الاسواق والشوارع.. ؟! وهل من المهنية أن نقول نحن الصحافيون إن العراق محتل في الوقت الذي تقول فيها جميع الأعراف السياسية والقوانين الدولية أن العراق دولة ذات سيادة.. ؟! أليس على الصحافي أن يسمي الأشياء باسمائها.. ؟

وقلت له كيف تسمح لنفسك بمصافحة وزير إعلام بلد ديكتاتوري حال مغادرتك من السجن واستقباله لك رسمياً وأنت تدعي أنك من مناصري الحرية والعدل وأنت تعرف أن وزير الاعلام هذا جزء من حكومة لم تساهم على الأقل في منع تسرب الارهابيين الى بلدك لقتل شعبك. وزملاؤك من الصحافيين من عدة دول كتونس وسوريا في غياهب السجون بسبب آرائهم. وفي اليوم ذاته أيضاً الذي رشقت به الفتى منتظر بالحذاء كنت قد علمت بان الحكومة السورية اعتقلت الزميل الصحافي معن عاقل الكاتب في جريدة الثورة الحكومية السورية.

وعند حدود هذا الكلام تمت مقاطعتي وطلب سحب المايكرفون من يدي في سابقة غير معهودة في المؤتمرات. حيث من حق الصحافي أن يكمل أسئلته، واكتشفت أن لا لغة هنا الا الأحذية فقلت له بالحرف الواحد أن كنت لا تفهم غير هذه اللغة وغير هذا السلوك فخذ هذا الحذاء من الصحافيين العراقيين الأحرار.

حذائي عراقي الصنع
وماذا حل بحذائك؟

لقد كان حذاءً عراقي الصنع سبق وأن قدمت به الى باريس منذ عام استخدمه في بعض الأحيان وشاءت الصدف أن أرتديه في ذلك اليوم ايضًا.

ما هي حكاية عروض شراء حذائك؟

قُدِّمت لي عروض بهذا الخصوص وكانت إجابتي واضحة تماما؛ هي من أراد حذائي فليبحث عنه في مزابل باريس ربما احتفظ به الداعون للحفل ليخفوا أي دليل على ضرب منتظر الزيدي.

وصفي بالبطولة مسخرة

هناك من وصف فعلك بالبطولي مقابل أعداد كبيرة عارضت ماقمت به؟

دعني أقول لك بصراحة أن من يكون بطلاً بالحذاء يسقط بالحذاء ومنتظر الزيدي نموذجاً. وأنا قد رددت على كل الذين وصفوني بالبطولة بأن هذه مسخرة. فلن أقبل لنفسي أن أكون بهذا الموقع اطلاقا. لكن هذا مدخل مهم لفهم طرائق التفكير لدى البعض، أن حالة الفشل التي تمر به شعوب جنوب المتوسط جعلها كحال الغريق الذي يبحث عن قشة تنقذه من لجة البحر أو أي وسيلة تميز ترفعه الى أن يكون حاضرًا على المستوى الدولي

هذه الشعوب غير قادرة على إنتاج علاج لصداع الراس او صناعة ازرار قميص من الطبيعي ان تجد نفسها تفتخر برماة الأحذية وحتى بماسحيها من جيوش المخبرين وجنرالاتهم، مع التأكيد أن الأميركيين غير مكترثين بهذا الفعل كونه امر غير معيب او مؤثر في ثقافتهم وشاهدنا جميعا ردة فعل الرئيس الاميركي وهذا ايضا يقودنا الى استنتاج مفاده اننا شعوب غير قادرة على الانتصار اطلاقًا لاننا نفتقد الى ابسط مجسات المعرفة بالعدو وماهيات ثقافتهم هذا اذا اعتبرنا ان الولايات المتحدة عدواً.

أميركا هي العالم الجديد والحريات فيها تجاوزت الحدود

فكيف تنظر إلى الولايات المتحدة الأميركية؟

الولايات المتحدة بوتقة عظيمة وحاضنة كبيرة لكل شعوب العالم وكما وصفت سابقاً بانها العالم الجديد. ما زالت تؤكد أنها تنتج الحديث والجديد دائما وفي كل شيء، الحريات والديمقراطية والمؤسسات في أميركا تجاوزت كل الحدود.

عندما فاز باراك حسين أوباما في الانتخابات ذلك الرجل الاسود ذو الاصول الافريقية ومن عائلة مسلمة يتولى رئاسة أميركا، تاكد لي متانة أميركا وصلابتها وقوة إيمان شعبها بمادئ الحرية. ولست اخفيك سراً أنني تمنيت أن يحصل ذلك مسبقا في فرنسا التي أحبها كونها الأعرق في مجال الديمقراطية والمواطنة. وأن يتم انتخاب رئيس من أصل جزائري أو مغربي أو لبناني أو أفريقي أسود أو من غوادلوب.

لكن أميركا تجاوزت كل الارث العظيم في فرنسا واوروبا بسرعة ضوئية ادهشت الجميع، كيف يمكن اعتبار إميركا عدوا وهي تقدم الى العالم كل ما هو حديث في مجال الاختراعات والتكنولوجيا والعمران والفن والدراسات الفكرية ومراكز مساعداتها موجودة حتى في أوروبا وهي الوحيدة التي لا تعتمد تقاليد استعمارية.

بوش فعل الاعاجيب في تحرير الدول

وصفك بعضهم بأنك انتصرت لبوش في ضرب الزيدي؟

أعتمد خطًا رسمته لحياتي هو أن لا أخفي رأسي تحت التراب كالنعام، وأن أقول افكاري بصوت عال. ومن شاء أن يشتم أو يصم أذنيه فليفعل ذلك ومن اراد ان يرتدي اقنعة متلونة ومتعددة فذاك مذهبه اما انا فاقتنع بما اتوصل اليه من افكار وفق قراءات وتحليلات وبحث منهجي وموضوعي، ولهذا اقول انا لم انتصر لبوش بقدر دفاعي عن مشروع الحرية في العراق وذلك لسبب واحد هو ان بوش لديه من القدرات على الانتصار لنفسه ما تفوق قدراتي وقدرة العراقيين جميعا هذا اذا اعتبرنا ان بوش انزعج من هذا الفعل الصبياني والاهم من ذلك انه لو فسر هذا الامر بهذه الطريقة على انه انتصار لبوش فلست اتجنب الرد بصراحه عليه واقول (نعم) ان بوش يستحق منا كل التقدير والاحترام، ودعني ادعو جميع من في العالم معي الى استقراء التاريخ كله من دون استثناء فصل واحد واطلب البحث عن زعيم وقائد ورئيس له فعل مشابه لفعل الرئيس بوش في تحرير الشعوب، فقد فعل هذا الرجل الاعاجيب حين حرر الشعب اللبناني من الاحتلال السوري تحت ضغط انتفاضة الارز.

اما مشهد الحرية الذي لا يفارق ذاكرة الناس هو ذلك المشهد الذي نقلته شاشة الجزيرة في حرب طالبان افغانستان حين خرج احد الشباب ليحلق لحيته في الشارع وكانت شفرة الحلاقة تجرح وجهه لانه لاول مرة كان يحلق لحيته.

وايضا للمرة الأولى تخرج المرأة من تحت خيمتها التي وضعتها منذ الولادة وأيضا لا احد في العالم يستطيع ان يتحمل دقائق تحت حكم طالبان الارهابي. واما نعمة الحرية في العراق فهذه لها سطور وسطور من العرفان تقدم الى الرئيس بوش الذي خلص شعبا باكمله من عصابة صدام حسين التي احالت العراق الى ارض سواد حقيقي.

الرئيس بوش عندما أعلن ساعة الصفر وهو وقت بدء العمليات العسكرية ضد صدام حسين قال أن الله قد الهمني ذلك، رغم تقاطعي مع وجهة النظر الميتافيزيقية تلك الا ان وقائع الامور وحساباتها تفيد بان قرار بوش كان ذو بعد اخلاقي فعلا في اسقاط نظام صدام حسين وتخليص العراقيين منه والا فان حجم الفائدة اكبر اقتصاديا وسياسيا التي تجنيها الولايات المتحدة الاميركية من الابقاء على نظام صدام حسين كدكتاتورية صديقة حالها كحال بقية الانظمة المستبدة التي تقدم كل ما لديها من اجل كسب ود القوى العظمى الاولى في العالم، وفعلا كان صدام يتوسط لدى الفرنسيين عبر جاك شيراك وغيره من اجل الابقاء عليه وعلى ولديه لقاء تأجير العراق ارضًا وسماءً للمصالح الاميركية.

تعرضت للتخوين لوقوفي ضد الحرب على العراق

أنت هنا تتعارض مع موقف جميع القوى المناهضة للحرب؟

بالتأكيد ودعني أقول لك شيئاً مهما هو أنني أحد النشطاء ضد الحرب. ومن الذين عملوا ضد عملية حرية العراق العام 2003 وساهمت بكل ما استطيع ضد ذلك. وكدت أتعرض للتخوين من قبل المعارضة العراقية التي ظنت انني أدافع عن صدام حسين بمعارضة حرب إسقاطه وواجهة مشروع تطويع العراقيين ضمن برنامج جيش تحرير العراق الذي بدأ في عام 2001 وكنت حينها ضمن صفوف المعارضة العراقية في كردستان، شمال العراق.

كل هذا كان نتيجة العقل المنغلق والمعرفة النصية التي تلقيناها ونحن صغار وبحكم كوني من عائلة يسارية فكان لا بد ان اقف بوجه الامبريالية كما تعلمت ولكن اكتشفت بعد ذلك خطأ مواقفي بمجرد ان تركت خلايا عقلي تعمل ووضعت الارث في قارورة الاختبار واجريت تنقية فاكتشفت ان نظام مثل صدام حسين لا يمكن اسقاطه الا بمساعدة اميركا لانه تغلغل في ارواح الناس وصار كابوسا يرعبهم حتى في منامهم، اما احلام المراهقين التي ينادي بها البعض حول ما يسمى بالتغيير من الداخل فلن تحصل ابدا واطلاقا في عالمنا العربي الحديث وان جرت فهي ستقود الى خسائر دموية كارثية، لو تفحصنا الشأن الليبي مثلا فسنتوصل الى معادلة واحدة هي ان الرئيس معمر القذافي سوف لن يزول حتى تزول الشمس ولن تستطيع اي قوى ليبية معارضة تغييره لانه صار شبحا، وكذلك الحال مع المصريين وليس اخرهم النظام السوري.
انتمائي يصب في مصلحة الدكتاتورية

هذا يعني انك تنتقد اليسار وتقف ضده؟

نعم بالتاكيد وهذا الأمر بحاجة الى توضيح أيضا حتى يفهم اصحاب العقول المنغلقة ذوو الثقافة النقلية ما اقصد. انا من عائلة شيوعية من الاعمام والاخوال على حد سواء. وكان جدي لابي من أعضاء الخلايا الاولى للحزب الشيوعي العراقي في عشرينات القرن المنصرم. وكان من مؤسسيه عام 1934. وبالتالي نهلت منهم كل مواقف اليسار.

ولكن منحت نفسي فرصة للتأمل فقط واكتشفت أن انتمائي لليسار يصب في خدمة الدكتاتورية. وهنا ليست دكتاتورية صدام فقط وانما النسق الدكتاتوري برمته. ووجدت أن كل ثورات اليسار جلبت دكتاتوريات بما فيها الثورة الفرنسية العظيمة فقد جلبت اعتى عتاة الدكتاتورية في تاريخ فرنسا.

أما تاريخ اليسار في العراق فمعروف للجميع بكل ثوراته وانقلاباته ودكتاتورياته العسكرية والمدنية التي اعاقت نمو الدولة المدنية الليبرالية منذ تاسيسها كمملكة العام 1921 وكذلك بقية دول المنطقة والعالم، واكتشفت ان تيار اليمين هو وحدة من اسس للديمقراطيات ونفذها على ارض الواقع وهو الوحيد المدافع عن الحريات الفردية والعامة.

ربما هذه القراءة تحتاج الى المزيد من الأدلة؟

الأدلة كثيرة، ان فكرة اليمين واليسار اقتصادية في النهاية على عكس بدايتها حين اصطف أنصار الملكية في اليمين والمطالبين بالإصلاحات في يسار مجلس الأعيان الفرنسي، اليسار ما زال مصرا على مركزية الاقتصاد او تقنينه وان اي مركزية تقود بالتالي الى الاستبداد بغض النظر عن العناوين الانسانية التي ترفع، في حين يسعى اليمين الى السوق الحرة وحرية الاستثمار والاسواق العالمية المفتوحة والشركات المتعددة الجنسية وهذه كلها مرتبطة بطبيعة النظم السياسية وصناعة القرارات فكلما وجدت اليمين وجدنا معه سلة تضم الحريات الشخصية والتنمية وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام ووسائل الاتصال والنقل ووسائل الترفيه والصناعات الاستهلاكية، لان اليمين باختصار يعتبر ما موجود في هذه السلة مادة استثمارية مربحة وهذا بالنتيجة هو ما تطلبه الشعوب فلو توفرت لدينا محتويات السلة لكنا اصبحنا في مستوى الدول الاسكندنافية واوروبا الغربية لان هذه السلة سوف توفر فرص العمل والدخول العالية والقدرة الشرائية وحرية التعبير والقانون والرفاه والصحة والتعليم والصراع من اجل الاختراعات والتطور وغيرها..

وبالتالي توصلنا الى الاستقرار وهذا ما يجري الان في بعض دول الخليج في ادارتها لعملية الاقتصاد التي ستقود بالتالي الى تطور مخملي وناعم للحريات الشخصية، اما حراك اليسار وحتى اليوم ما زال غوغائيا غير مسؤول نلحظ ضجيجه بين فترة واخرى وهو يحاول ان يتصيد في الماء العكر كلما سنحت الفرصة لذلك واخرها مؤتمر المناخ والاحتباس الحراري الذي اظهر فيه اليسار سلوكا معاديا لكل منجزات التطور بحجة خوفه على مستقبل الكون من المصانع الثقيلة والماكنة التكنولوجية الكبيرة التي تسبب تلوث الحياة وبالتالي يريدوننا ان نعود الى زمن الانارة بالمشاعل والتنقل باستخدام عربات الخيول والحمير، هذا ما اختصره في حقيقة الصراع بين اليسار واليمين وليس كما يشاع من عنصريات وتمييز قومي وديني يقوده اليمين وليس كما يعتقد البعض ان اليسار وراء منجزات حقوق الانسان والثقافة والفن فهذه كلها مغالطات رومانسية لا أساس لها من الصحة واستطيع ان اضرب لكم مثلا واحدًا للحكم على ما ذكرت فقد يستطيع اي شخص ان يجرب الفرق بين الحالتين الاولى تجربة العيش في كوبا في ظل قيادة كاسترو زعيم اليسار المتطرف وبين تجربة العيش في لندن عاصمة الامبريالية كما يصفها اليسار وعندها سوف تكتشفون الفرق.

عند رشق الزيدي لم افكر بالتدعيات

نعود لقصة ضربك الزيدي بالحذاء هل كنت تتوقع رد فعل مدوٍ على الحادث؟

في الحقيقة لم أكن أفكر بتداعياته لانني لم أفكر بضربه لكن الحادث فعلا كان مدوياً. ولم تستطع وسيلة إعلام واحدة تجنبه سواء بتمريره بطريقة مهنية كخبر وحدث وقع، أو استخدامه بطريقة سياسية. لكن الجميع تحدث عنه لانه كشف زيف البطولة وكذب المقاومة. خصوصا عندما اتضح أن منتظر الزيدي يجري جولة في أوروبا بمساعدة بعض ازلام نظام صدام حسين لتحشيد الرأي العام ضد التغيير في العراق من جانب. ومن جانب آخر كشف حجم المتاجرة بدماء العراقيين الأبرياء حين ذهب يستجدي مؤسسات المجتمع المدني الاوروبي لتقديم مبالغ ماليه له.

علمنا أنك تعرضت لتهديدات بسبب رشقك الزيدي بالحذاء؟

هذه التهديدات تعودت عليها منذ سنوات عندما عارضت نظام صدام حسين واستمرت معي في العراق من قبل الجماعات الارهابية وعصابات الجريمة المنظمة وكل ميليشيات الاستبداد. وآخرها جماعات البعث الفاشل من مناصري منتظر. فقد قاموا بارسال عدة تهديدات تحت اسم الفدائيين والمقصود بهم فدائيي صدام. توعدوا فيها بالاقتصاص مني كما يقولون.

وكم اثارت ضحكي هذه العبارات الفارغة. مثل عبارات صدام حسين عندما صرح قبل الحرب بان اسوار بغداد ستكون مقبرة للغزاة واتضح في نهاية الامر انه مختبئ في حفرة كالأفاعي في سباتها الشتوي، أنا بدوري والتزاما بالامن العام في فرنسا وتطبيقا للقانون أودعت شكوى رسمية لدى السلطات المختصة وتركت الأمر لهم في تتبع هذه العناصر.

قبيلة الزيدي أيدت رشقي له بالحذاء

ما هي قراءتك لردود الفعل وهل اتصل بك مسؤولون عراقيون؟

لاحظ أنني أعمل في الصحافة منذ 14 عامًا. قسم كبير منها كان في الصحافة الاجنبية. وكنت معارضًا لنظام صدام حسين. وأصدرت أول كتاب سياسي عن العراق الجديد من بغداد كان بعنوان quot;كيف حكموا العراق... أوراق من دهاليز مجلس الحكمquot; واصدرت كتابًا ثانيًا في القاهرة عن دار مدبولي كان بعنوان quot;العقدة والعقيدة...

قصة الشيعة في العراقquot; وعملت في الاعلام العراقي المقروء والمسموع والمرئي بعد التغيير، وبالتالي بحكم الموقف السياسي وايضًا الحياة العملية تربطني علاقات متينة مع غالبية السياسيين العراقيين والمسؤولين الحكوميين، ومن الطبيعي ان اتلقى اتصالات منهم سواء بغرض الاطمئنان او الاستفهام عن الحكاية وكذلك تلقيت اتصالات من زملاء صحافيين واشخاص عاديين، لكن بشكل عام استطيع ان اشخص حالة مهمة ان ردود الفعل انقسمت بين العراقيين والمواطنين العرب من كافة الدول...

فغالبية العراقيين كانوا مؤيدين لهذا الفعل بما فيهم قبيلة الزيدي لانهم ايضا تعرضوا للظلم ابان حكم نظام صدام حسين وفقدوا الكثير من ابنائهم في غياهب سجون الامن واخرين راحوا ضحية حروب صدام العبثية وغير المبررة ويعتقدون بأن التغيير في العراق بكل ما يرافقه من مطبات يصب بالنتيجه في صالح العراقيين وإن المرحلة الحالية هي مرحلة مخاض وايضًا يعتقد ابناء قبيلة الزيدي وكبارهم ان فعل منتظر يصب في خدمة جماعات الاستبداد والارهاب وشراذم صدام حسين وانهم الان ضحايا اعمال العنف والقتل المجاني والارهاب المجرم الذي يعصف بالعراق والذي لا يميز بين زيدي واخر من قبيلة ثانية، أؤكد ان غالبية اراء العراقيين كانت ضد منتظر بكافة الاتجاهات حتى التيار الاسلامي بشقيه السني والشيعي لعدة اعتبارات منها ان الاساءة لبوش تتقاطع وثقافة الضيافة العربية وايضًا ان بوش جاء ليوقع اتفاقية سحب القوات

وان ما جرى من اخفاقات وقصور من الجانب الاميركي خاضع لاختلاف وجهات النظر وليس على اساس القصد والعمد وايضًا ان ما حصل من جرائم على يد الجنود الامريكان كحال سجن ابو غريب الشهير الذي كان من اقسى سجون صدام حسين وشهد قتل مئات الالاف من العراقيين في زمنه فجميع المقصرين فيه من الجنود تمت معاقبتهم ومحاكمتهم وان العدالة الاميركية لن تقف متفرجه على اخطاء جنودها فهي اكثر استقلالاً ونزاهة من عدالة الدول العربية مجتمعة بأضعاف مضاعفة هذا إن وجدت عدالة.

وعلى المستوى العربي كيف تقيم ردود الأفعال؟

قرأت لكتاب عرب ليبراليين كانوا مؤيدين لما فعلت لكن آخرين اعترضوا وعلى رأسهم الذين كانوا يتقاضون كوبونات النفط من صدام حسين والذين عاشوا على هبات السفارات العراقية وبعضهم من مناصري الاستبداد، لكن بشكل عام كانت الصدمة سيدة الموقف لدى الشعوب العربية التي كانت تنظر لمنتظر على انه البطل شاهدوه جميعًا وقد سقط سيفه وتهرئ درعه وبات عاطلاً عن العمل يستجدي الناس عواطفهم لالقاء بعض السنتات في صندوق التبرعات الذي يحمله.

هل كنت تعرف منتظر الزيدي سابقا؟

بالتأكيد لا تربطني به علاقة. فهو ما زال يحبو في عالم الصحافة ودخلها أول مرة مع قناة البغدادية التي تاسست قبل اعوام قليلة. وعرف أول ما عرف بحادثة ضرب الرئيس بوش. ولم يكن له نشاط سابق في عالم الصحافة ولم يؤلف كتبا ولم يكتب مقالا ولم يعمل على تحقيق له تاثير مباشر على مجريات الامور وليس له نشاط في مجال الحريات الصحفية ولم يكن فاعلاً في الوسط الصحافي.. كل هذه الامور تجعل منه شخصًا مغمورًا فكيف لي أن أعرفه.

لو كنت كرديًّا فذلكلا يمنعني من أكون عراقيًّا أصيلاً

لقد اتهمك أنصار الزيدي بانك من أصول غير عربيّة؟

واذا ما كنت كرديا فيليا هل هذا معناه انني غير عراقي؟ هذا دليل آخر على ان ثقافة الزيدي وانصاره هي ثقافة الشوفينية البعثية المتطرفة، ان اكراد العراق هم مثل دجلة والفرات بدونهم لن يكون العراق عراقا نعرفه وعشنا فيه، لقد حاول البعث على مدار عقود تخريب هوية العراق القائمة على اساس التعدد والتنوع وهذه الافكار فعلا بحاجة الى علاج واستئصال وان اكثر ما يشدني في العراق تنوع شعبه بين العرب والكرد والتركمان والاشوريين والكلدان والايزيديين والصابئة المندائيين وكل فسيفسائه الجميل.

ولست أخفي أحدًا حجم شعوري بالزهو والافتخار عندما يكون بلدي بهذا التنوع الضخم وبهذه الالوان المتعددة، فان قمة الابداع تاتي من التنوع وهذا مدخل تم عزله في التاريخ وفق قراءات عنصرية بحته تجاهلت مصدر تفوق العرب الذي كان سببه الفتوحات الاسلامية التي جعلت العرب في تمازج واحتكاك مع ثقافات وشعوب مختلفة ازدهرت بسببها كل المنتجات الادبية والثقافية والفكرية والعلمية، وان اعمدة الحضارة الاسلامية غالبيتهم اكراد وفرس وترك وبربر بل حتى علماء الدين وحفظة الحديث النبوي وكبار الشعراء وفطاحل اللغة وفصحائها،

وهذا ما يفسر سر تفوق بعض العرب الان ايضا في اوربا وامريكا عندما ادركوا ان الاختلاف والتنوع مصدر قوة ودافع حقيقي للابداع، ان نكران وجود شعوب أخرى على يد الولاة العثمانيين اسقط الخلافة الاسلامية واليوم اسقطت قوة الدول في الشرق الاوسط وعنفوانها بفعل طروحات البعث الفاشي، في الوقت الذي يستقبل العالم الحديث في اميركا واوربا جميع الانتماءات القومية والدينية والعرقية ويمنحهم كافة حقوق المواطنة بدون قيود ويفتح جميع ابواب النجاح امامهم وهم شعوب هجينة لديهم ونحن نرتد لنقتل التنوع الاصيل والمتجذر بدعاوي ثبت فشلها منذ ان نطق بها جمال عبد الناصر وحتى اليوم، مشاريع العروبة السياسية من ميشيل عفلق مرورا بأبو الهزائم جمال عبد الناصر ووصولا إلى أبنائه الميامين من القذافي إلى حافظ الأسد هي مشاريع إلغاء كامل للعرب وتغييب لهم وإحلال فكرة الاستبداد محل فكرة الهوية العربية ذي المحتوى الثقافي فأولا وأخيرا العروبة فكرة ثقافية تعود إلى تراكمات التاريخ الإسلامي ثقافيا من الرسول ومرورا بأبن رشد وابن خلدون ووو حتى نصر حامد أبو زيد

وجودي بباريس مرتبط بعدم استقرار الاوضاع الامنية

لماذا انت في باريس اذا كنت مؤمن بالتغيير في العراق؟

كثيراً ما سمعت هذا السؤال وأقول لك بصراحه أنا هنا لست هاربًا من الحكومة العراقية كما كان يحصل في السابق. ففي العراق اليوم قانون ومؤسسات حقوقية وباستطاعة اي شخص رفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء أو أي وزير. وانما أنا هنا بسبب الوضع الامني غير المستقر بسبب الارهاب وجماعات القتل بدم بارد من البعثيين وغيرهم من أنصار الاستبداد.

كما هي استراحة محارب بعد سنوات طويلة من النضال ضد الدكتاتورية وهي تجربة مهمة بالنسبة لي ان اعيش الحرية وليس فقط القراءة عنها، كما انني تعرضت لمحاولة اغتيال في عام 2008 كانت كافية لجعلي اكثر حرصا على حياتي، احيانا اشعر ان الجغرافيات ليست متباعدة في ظل عولمة الاتصالات وبالتالي اتواصل بشكل جيد مع العراق واتابع شؤونه اولا باول حتى مواضيعه السياسية الخاصة التي لا تظهر للاعلام.

اتصال المالكي لن يؤثر على رأيي من الزيدي

هل اتصل أحد من الحكومة العراقية لعرض الحماية أو الشكر؟

بفضل الانترنيت يستطيع أي شخص معرفة الحقيقة بمجرد الذهاب الى موقع الامام جوجل رضي الله عنه، ولمن أراد أن يتأكد فعليه البحث عن اسمي، أقولها وبكل فخر أنا أول المنتقدين في مقالات الراي لبعض سياسات الحكومة العراقية الحالية بقيادة السيد نوري المالكي منذ عام 2005. ومواقفي واضحة من ذلك لكنها تاتي من باب الحرص على العراق والعملية السياسية واضع نفسي في موقع الحاضن والراعي لهذا المتغير المهم في العراق.

ولا اتردد في الكتابة النقدية ضد أي شخص في العراق لانني لا اؤمن بالمقدس بكافة اشكاله باستثناء حياة الانسان، ولهذا يظهر اسمي على راس قائمة المنتقدين لحكومة الرئيس المالكي منذ البداية وليس كما يجري الان في ظل مزاد الانتخابات وسوق شراء ذمم الصحفيين حيث خرجت الاقلام من كل حدب وصوب لا هم لها سوى البحث عن كل صغيرة وكبيرة حتى لو كانت ايجابية للنيل من رئيس الوزراء العراقي المنتخب، قدمت هذه المقدمة لاقول أن الرئيس نوري المالكي لم يتصل بي وأن فعل فهذا أمر ليس ذا أهمية عالية في موقفي تجاه الزيدي. لأنني من النوع الذي يأتمر بعقله وبتفكيره وبقراره السياسي الخاص.

ولا أستلم أي املاءات من أي جهة كانت. واتضح الامر في النهاية أن غالبية العراقيين وليس الرئيس المالكي مؤيدين لما فعلت. علمًا أنني لا أعرف موقف الرئيس المالكي مما فعلت حتى اللحظة.

بعثت رسالة تقدير لبوش

وأخيراً فإني أشكر الرئيس جورج بوش على ما فعله لشعبي وبلدي حين أزال تلك الصخرة الكبيرة عن صدره وأقصد صدام حسين ونظامه. وأتذكر أنني قابلت منذ أشهر في مؤتمر عن السلام في الشرق الأوسط عقد في سويسرا أحد الشخصيات الدبلوماسية الرفيعة الاميركية المحسوبة على الحزب الديمقراطي والقريب من الرئيس باراك أوباما. وقلت له إذا التقيت الرئيس جورج بوش فارجو أن تقول له أن مواطنا عراقيا يقدم لك الشكر والامتنان.

وأيضا أقدم شكري لجميع الجنود الاميركيين الذين ساهموا في هذه الحرب. واضع قبلات حارة على صروح قبور الجنود الشهداء الذين سقطوا في العراق من أجل حريتنا. لست أخفيك، لم يتوفر لدى الرجل أي رد فعل. هذا فقط ما أردت أن اقوله لانني تعلمت أن أشكر من يحسن الي. كما انني لا ارتبط بعلاقات مع الامريكان خارج حدود العمل الصحفي في العراق. والذي يتمثل بحضور المؤتمرات الصحفية وإجراء اللقاءات مع القادة السياسيين والعسكريين. و لم أعمل يوما مع أي وسيلة إعلام أميركية وكنت على الدوام أنتقد أخطائهم لكن في نفس الوقت أسجل لهم ذلك المنجز العظيم الذي حصل في العراق.

ولادة العراق عسيرة ولكنه على الطريق الصحيح

كيف ترى واقع العملية السياسية في العراق وما يجري فيه؟

العراق على الطريق الصحيح فقد ازيلت الصخرة التي تعترض جريان نهره وهو الان يسير في ممر ضيق ووعر ولكن في النتيجة سوف تنتعش أراضيه وسكانه، لو اجرينا مقارنة بين احاديث وامال العراقيين في زمن حكم صدام حسين وبين احاديثهم اليوم وامالهم لاكتشفنا أننا نتحدث عن شعبين مختلفين كالحديث عن سكان العراق وسكان المريخ فالعراقيين اليوم يتحدثون عن الدستور والحريات والاستثمار والانتخابات وتشريع القوانين

وهذه المفردات لم يكن لها اي معنى ادبي او اصطلاحي او لغوي لدى العراقيين في السابق وكان جل همهم ينصب على مراعاة حركة الشفاه وتحديد مسارات الصوت حتى لا ينطق الفم بكلمة غير صدام حسين قائد عظيم، هذا كان حال العراق، واؤكد ان الديمقراطية والحرية هي وحدها مصدر تطور الشعوب واعتقد ان العراقيين قد تمكنوا منها اخيرا والان يوجد شارع سياسي قوي ومتفاعل ومتصارع في مواجهة انحسار كبير للانتماءات الاثنية والطائفية وبالتالي قافلة العراق الجديد تسير إلى الأمام وما حوادث القتل والإرهاب إلا طلقات المخاض، الولادة عسيرة ولكن تلك هي سنة الحياة فالجنة لا تسبق الموت .