حمّل 45% من قرّاء إيلاف الذين شاركوا في استفتاء الأسبوع الماضي الحكومات العربيّة تعاظم الصراعات الطائفية في العالم العربي، بسبب فشلها في تعزيز الهويّة الوطنيّة لمواطنيها، ممّا ساعد على تعاظم قدرات التيّارات الأصوليّة.
أمستردام: حمّل قراء إيلاف الذين شاركوا في استفتاء الأسبوع الماضي الحكومات العربية تعاظم الصراعات الطائفيّة في العالم العربي، بسبب فشلها في تعزيز الهوية الوطنية لمواطنيها.
وقد ساعد هذا الفشل في تعاظم قدرات التيارات الأصولية في العالم العربي وجواره، حيث وجدت هذه التيارات نفسها الأصلح والأقدر على تولي الحكم، مستهدفة مخالفيها في الطائفة والدين، ومبشرة بالدولة الدينية وحتى الطائفية، حيث سينظر مخالفوهم في الطائفة كمستهدفين في صراع متوقع؛ كما حدث في العراق العام 2003 حين تولت، وما زالت، الأحزاب الدينية الشيعية الحكم. الأمر الذي خلق مخاوف كبيرة لدى أبناء الطائفة السنية وبقية الاثنيات الدينية، وذلك لأن الحزب الديني لا ينظر بعين المساواة إلى مخالفيه.
فتتعامل هذه الأحزاب مع الآخر بشكل شمولي من حيث الرضا والسخط، على عكس الأحزاب العلمانية التي تنظر إلى الآخر بشكل فردي في تعالمها معه، ولا تعمم ما يقوم به الفرد على كل طائفته ودينه، حسب ما يرى المفكر المصري سيد القمني.
ويعيد المؤرخون الصراع الطائفي في العالم العربي الذي تعاظم في العقد الأخير من هذا القرن، إلى حقبة الخلافة الراشدية وخصوصًا بعد مقتل الخليفة الرابع الإمام علي بن أبي طالب، كما يعيده بعضهم لحادثة السقيفة عقب وفاة النبي، والتي شهدت نزاعًا على خلافته، مستدلين بذلك على انطلاق شرارة الطائفية بهذا الحجم الكبير، حيث كانت متقدة، بعيد تولي الأحزاب الشيعية في العراق للحكم ورد الفعل السني تجاهها.
وانتقلت هذه الشرارة إلى دول الجوار، خصوصًا في المناطق التي تحكمها أحزاب أصولية كقطاع غزة، والتي باتت حركة حماس التي تحكمها توصف من قبل فتح بين فترة وأخرى بأنها شيعية على الرغم من سنيتها وقربها من حركة الأخوان المسلمين التي خرجت من رحمها فكريًّا. وليس بعيدًا منها، حزب الله اللبناني الأصولي الذي يخشى منه منافسوه من أن يقوده فوز الأكثرية السكانية لو تم اعتماده دستوريًا في حكم البلاد.
فيخشى مخالفو حزب الله من العلمانيين من تكرار ما حدث في العراق من قتل على الهوية الطائفية في الأعوام 2005 و2006 و2007. ولا تزال هذه النار الطائفية تحت جمر الانتظار لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات العراقية المقبلة في السابع من شهر آذار.
كذلك ساعد تنامي حركة الأخوان المسلمين في مصر وغض نظر السلطات عن نشاطات أتباعها في شعور الأقباط بالخوف في بلدهم بعد حملات الأسلمة القسرية التي يقول الأقباط أنها تجري بعلم السلطة ومهاجمة الكنائس والأديرة.
وكان حادث مهاجمة عدد من الأقباط عقب خروجهم من قداس عيد الميلاد بصعيد مصر فجر السابع من شهر كانون الثاني الجاري قد تسبب بموجة غضب كبيرة داخل مصر وخارجها من الأقباط وبقية المسيحيين في العالم.
كذلك كان التدخل الأجنبي في الدول العربية عاملاً آخر في تنامي الصراعات الطائفية في العالم العربي ويمكن تقديم العراق كمثال نموذجي لأي حديث حول الطائفية. إذ يجري اتهام إيران بتدخل سافر في العراق ودعمها مقاربيها في الطائفة، فيما تتهم القوات الأميركية بدعم الشيعة أيضًا وعدم التدخل للحؤول دون تولي الأحزاب الأصولية الشيعية للحكم.
وهو ما مهّد لدخول تنظيم القاعدة للعراق منذ العام 2003، ولا يزال حتى الان، بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها من القوات الأميركية والعراقية والقبلية التي انضم لها عدد من أنصار القاعدة السابقين الذين فتنهم الخطاب القاعدي بعد العام 2001، عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول التي شهدتها الولايات المتحدة.
ولا يزال من هذا التنظيم يغري بعض الأنصار ويجندهم لقتل المخالفين في الدين والطائفة حتى في بلدانهم التي يرى 3573 من قراء إيلاف أي ما نسبتهم 45.11% أن الحكومات فيها فشلت في تعزيز الهوية الوطنية فمكنت القاعدة وغيرها من سحب هؤلاء لها.
فيما رأى ما نسبتهم 27.77% (2199) أن تعاظم قدرات التيارات الأصولية ساهم في الصراعات الطائفية وحمل التدخل الأجنبي 1757 (22.18) من القراء تنامي هذه الصراعات. وألقى ما نسبتهم 4.94% (394) من القراء على الأسباب الأخرى. وكان عدد المشاركين في الإجابة على سؤال الإستفتاء للأسبوع الماضي 7920.
التعليقات