استطلعت إيلاف آراء عدد من النشطاء السياسيين حول اقتراح القانون، الذي قدمه 22 نائبا من التيار الإسلامي والسلفي إلى المجلس التشريعي والذي يقضي بوضع ضوابط وشروط على ضيوف الكويت، فأكدوا إساءته لسمعة الكويت ودعوا لعدم تمريره .



الكويت: في ردة فعل نيابية سريعة وضمن تداعيات منع الداعية السعودي الدكتور محمد العريفي من دخول الكويت خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت قاعة عبدالله السالم في مجلس الأمة تقديم 22 نائبا من التيار الإسلامي والسلفي وغيرهم اقتراحا مفاده وضع ضوابط وشروط لضيوف الكويت، وقد تقدموا به الأسبوع الماضي إلى لجنة الإقتراحات والشكاوى في المجلس، ومن بين الضوابط والشروط التي يتضمنها هذا الإقتراح quot;هي عدم التعدي على الذات الآلهية، وعدم التعدي على النبي محمد وآله وبيته وأزواجه وأمهات المؤمنين، وعدم التعرض للصحابة وكذلك عدم التعدي على الذات الأميرية وأيضا على رموز البلاد، إضافة إلى عدم التعرض بسوء للكويت وشعبهاquot;.

وقد لاقى هذا المقترح رفضا فى جوهره وفكرته بين النشطاء السياسيين ومؤسسات المجتمع المدني والنفع العام، وظهر ذلك من خلال الإستطلاع التالي الذي قامت به quot;إيلافquot;، حيث تمنى المستطلعون ألا يخرج لحيز التنفيذ وشددوا على أنه يسيء إلى سمعة الكويت خارجيا وداخليا وأنه قد يصل بها إلى حد العزلة عربيا وإسلاميا ودوليا.


في البداية، قال الكاتب الليبرالي سامي النصف: quot; إنه من الواضح في كثير من الأحيان أن ردود الفعل التشريعية سريعة، وإن كان الهدف منها خير لكن لا حكمة فيها لأسباب عدة منها: أولا، إن كثيرا من هذه التجاوزات ممنوعة والسلطة التنفيذية مناط بها مثل هذه الأمور، ثانيا، التوسع في هذا الأمر يعني أن نضع نوابا وقضاة على الحدود يبحثون في تاريخ رجال الدين عمّا قالوه عبر السنوات الطوال من تصريحات، وبالطبع ما سيرضي نائبا لن يرضي نائبا آخر، وبالتالي سندخل في قضية شائكة جدا، علما بأن هذا الأمر غير معمول به في أي ديمقراطية أخرى، لأن الأمر يترك للجهة التنفيذية السيادية وهي التي تقر كما حدث في إنكلترا عندما تم منع النائب الهولندي المتطرف فليدرز من قبل وزير الداخلية البريطاني دون تدخل من نواب مجلس العموم البريطانيquot;.

مراقبة نيابية
واعتبر النصف أنه وحتى لو تم تمرير مثل هذا المقترح فإن تطبيق القانون مراقب من قبل النواب ويأتي نائب باتجاه الوزير التنفيذي ويصنع أزمة سياسية، ومن الممكن أن أحد الضيوف من رجال دين أو سياسيين أومثقفين قد ذكر مقولة من خلال محاضرة فيتذكرونها له، وكما تعلم أن المراجع الدينية من الشيعة والسنة والدروز والطوائف الإسلامية الأخرى أو من أديان أخرى قد لا يرضى بعض النواب المتشددين عن أقوالهم فسيحاسبون الوزراء عن دخول هؤلاء.

وأضاف quot;أن على المؤسسة التشريعية ألا تستعجل في إصدار التشريعات أو أنها تصدر تشريعات بناء على ردود فعل وقتية، ولكن لننتظر فترة من الزمن ثم ننظر بهدوء إلى الحلول لهذا الإشكال في حال ما إذا كان هناك إشكال من الأساس، والتشريعات لا تأتي بهذا الشكل ونتيجة لردة فعل ولا نحاول وضع مسطرة خصيصا في المقابل بوضع مسطرة أخرى ستنتهي بإشكال أن ما يرضي فريقا من النواب لا يعجب نظيره الآخرquot;.

غير جائز وغير مقبول
ومن جانبه، قال محمد حمود الهاجري رئيس جمعية المحاسبين الكويتيين: quot;لاشك أن مثل هذه المقترحات أو القوانين التي تأتي كنوع من رد الفعل لأمور تحدث فترة وتختفي بين فترة وأخرى وهو مقترح غير جائز وغير مقبول، فهناك قوانين تحكم البلد داخليا وبالتالي ما هو موجود من قوانين وضوابط كاف وأكثر، أما أن طرح مثل هذه التعسفات ليس في صالح الكويت كدولة خارجيا وداخليا أيضا، ونحن مع الثوابت الدينية لكن ما تجيزه فئة تمنعه فئة أخرى، وبهذه الطريقة لن يدخل أحد من الضيوف الكويت ونحن في الوضع الحالي نعاني ونئن بأن البلد مغلقة فهل نحن بحاجة لمثل هذه المقترحات التي تعيق البلد إقتصاديا وثقافيا وإجتماعيا، وأعتقد أن هذا المقترح غير جيدquot;.

فقدان دوره الرقابي
وتابع: quot;وبرأيي الشخصي أن مجلس الأمة فقد دوره الرقابي نتيجة تدمير الأدوات الدستورية مثل السؤال البرلماني والإستجواب، لدرجة أنه لم يعد له أي تأثير أو تصليح للأوضاع التي كان ينادي بها، واليوم للأسف دخلنا في مرحلة أكثر سوءا وهي تدمير الدور التشريعي لمجلس الأمة حيث هناك قوانين غير دقيقة وقابلة للتطبيق وغير مصاغة بالصياغة القانونية الجيدة وبالأساس تخالف مواد الدستور، ومثل هذه المقترحات يجب أن يراعى فيها مثل هذه الأمور وعلى الأخص عدم مخالفتها للدستور الذي نكن له كل تقدير وإحترام ولمن صاغه في ذلك التاريخ ومن أقره وإعتمده، والمفترض أن نلتزم به وهناك من يدافع عن الدستور، لكن ليس هناك من يدعو إلى إحترام الدستور ونحن ندعو إلى إحترامه لأنه ملاذنا الأخيرquot;.

وأضاف: أننا لو شاهدنا أكثر الدول رقيا ووعيا سنجد أن الإثراء الفكري والثقافي هو الأساس، ونحن كبلد يتطور فالمفروض أن تنفتح أبوابنا وعقولنا لدخول هذه الأفكار ولنقارع الحجة بالحجة، بل هي فرصة لمن يدعي أو يتطاول على ثوابتنا الدينية أن نرد عليه بالحجة فى عقر دارنا وليس بالحديث من خلال القنوات الفضائية أو خلافه.

تضييق
ومن جهته أكد أنور الرشيد أمين عام مظلة العمل الكويتي quot;معكquot;: أن هذا المقترح يأتي في سياق التحركات للتضييق على حرية الرأي والتعبير بالكويت بشكل عام، وأيضا يعد مقترحا بتعديل المرئي والمسموع المقدم من وزارة الإعلام والذي ضيق التعديلات التي نرجو ألا تُقر، كما أرجو ألا يرى هذا المقترح النور وألا يعمل به لأنه غير معقول أن يتم أخذ رأي أي جهة رسمية كانت في حالة إستضافة ضيف وهذا تدخل من السلطات الرسمية في عمل مؤسسات المجتمع المدني التي تستضيف ضيوفا من الخارج.

مخالف للدستور
وتابع أن هذا المقترح مطاط في مفهومه وقد نرى أن الجهات الرسمية قد تسمح لهذا وتمنع ذاك وفق رؤيتها وماتراه مناسبا لها، وأعتقد أن هذا المقترح مخالف للدستور في المادة التي تنص على أن quot;حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميعquot;، لذلك فمن الممكن أن يتطبق هذا المقترح على أي ضيف يأتي للكويت إن لم يكن يعجب الجهات المسؤولة، وبالتالي ستمنعه من إبداء رأيه وسماع وجهات نظره، وأرجو ألا يتم تمرير هذا المقترح وألا يقر بالمجلس حتى لايصبح قانونا ويطبق على أناس و لا يطبّق على آخرين.

عزل الكويت
أما ناصر الشليمي نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني فقال: quot;لست مع هذا المقترح لأنه لا يجوز تحديد مواصفات أي ضيف للكويت، لأن الأصل في الأمور الإباحة ولذلك مثل هذه المقترحات ربما تكون إستهلاكية أكثر منها عملية، وإذا كان هناك ملاحظات على أي ضيف فيمكن منعه من إقامة محاضرات أو المشاركة في ندوات، لكن لايجوز منعه من دخول البلاد لأن في ذلك خطأ كبيرا ويضر بسمعة الكويت، فضلا عن أنه ربما يؤدي إلى عزلها عربيا وإسلاميا ودوليا فلذلك لن يأتي أحد من الضيوف اليها.

خطأ كبير
ورأى أنه لا يجوز لبلد ديمقراطي أن يضع مثل هذه المعايير والضوابط والسلطة التنفيذية منوط بها، لكن في بعض الأحيان ترضخ للضغوط وهذا خطأ كبير ويجب على السلطة التنفيذية إحترام ضيوف الكويت وعدم الإنجرار لأي ملاحظات لأي نائب أو شخص تجاه أي ضيف، quot;ولا أتوقع أن يلقى هذا المقترح القبول من جانب أغلبية نواب الأمة وقد يكون هذا نتيجة ردة فعل على منع دخول الدكتور الشيخ محمد العريفي خلال الأسبوعين الماضيينquot;.