Photo

تواجه محاولة من جانب تركيا وأرمينيا لوأد قرن من العداء وفتح حدودهما احتمال الانهيار تحت ضغط صراع محتدم على أراض لا يستطيع أي من الجانبين تجاهله.

تفليس، أنقرة: بعد ثلاثة اشهر فقط من توقيع الاتفاقيات بتأييد من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا تتبادل يريفان وأنقرة الاتهامات بمحاولة اعادة صياغة النصوص.

وسيدر الاتفاق مكاسب اقتصادية كبيرة على ارمينيا الفقيرة التي لا تطل على بحار وسيصقل مسوغات تركيا كدولة يحتمل انضمامها للاتحاد الاوروبي ويعزز نفوذها بجنوب القوقاز وهي منطقة تتقاطع فيها خطوط الانابيب التي تحمل النفط والغاز للغرب.

لكن تركيا طالبت بانسحاب القوات الارمينية العرقية من على الخطوط الامامية لمنطقة ناجورنو قرة باغ الجبلية المتنازع عليها كشرط للتصديق على اتفاق السلام. وأثار هذا معارضة عنيفة في أرمينيا.

ويهدف الشرط التركي الى استرضاء اذربيجان الحليفة المسلمة الوثيقة لانقرة وهي مصدرة للنفط والغاز فقدت السيطرة على قرة باغ حين انشق أشخاص من أصول أرمينية بدعم من أرمينيا عند انهيار الاتحاد السوفيتي.

ونددت اذربيجان باتفاق السلام الذي ينطوي على اعادة فتح تركيا حدودها مع أرمينيا مستغلة احتياطيات الطاقة التي تطمع فيها روسيا والغرب كمصدر للنفوذ.

وكانت أنقرة قد أغلقت الحدود عام 1993 تضامنا مع اذربيجان خلال حرب قرة باغ.

وقال هيو بوب من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات quot;تركيا رهنت سياستها الخارجية لاذربيجان.

quot;سوقت اتفاقات تركيا-ارمينيا كجزء من سياسة (انهاء المشاكل مع دول الجوار) لكن جماعات الضغط في اذربيجان ونحو بضع مئات من الملايين من الدولارات من النفط تتحدى كل هذا الخطاب.quot;

وقال دبلوماسي غربي بارز انه يساوره quot;قلق شديدquot; بشأن مصير عملية السلام. وأضاف لرويترز quot;من الواضح أننا في وضع أسوأ مما كنا عليه حتى منذ فترة قصيرة مضت.quot;
ويمثل هذا الاتفاق اكبر محاولة من الجانبين اقتربا فيها من التغلب على تركة من القتل الجماعي للارمن على يد الاتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الاولى وهي أحد العناصر المحددة للهوية الوطنية للارمن وشوكة مستمرة في جانب تركيا الحديثة.

وبموجب الاتفاقات اتفقت أرمينيا وتركيا على اقامة علاقات دبلوماسية وفتح حدودهما المشتركة في غضون شهرين من موافقة البرلمان التي لم تتم بعد.

لكن الاتفاقات لم تذكر قرة باغ. والتزمت ارمينيا وتركيا بلجنة تاريخية للتحقيق في مذابح الحرب العالمية الاولى التي تقول أرمينيا مدعومة من عدة دول أوروبية والكثير من المؤرخين المستقلين انها كانت ابادة جماعية.

وترفض تركيا بشدة هذا التعبير قائلة ان الكثير من المسلمين والمسيحيين على حد سواء لاقوا حتفهم في قتال فصائلي.

لكن رد الفعل الذي صدر عن أذربيجان التي يعتبرها الكثير من الاتراك دولة شقيقة لبلادهم عمق الانقسامات السياسية في أنقرة.

وبدأت اذربيجان تبيع الغاز لروسيا وايران وتسعى الى رفع سعر الامدادات لتركيا. وسيكون غاز اذربيجان ضروريا اذا بني خط أنابيب نابوكو المدعوم من الاتحاد الاوروبي لخفض اعتماد أوروبا على استيراد الطاقة من روسيا.

وبعد رد فعل اذربيجان الغاضب على اتفاق السلام تراجعت تركيا قائلة انها لن تصدق على الاتفاق الا اذا انسحب الارمن من المناطق الاذرية التي تمت السيطرة عليها خلال الحرب كممر بري بين قرة باغ وأرمينيا.

وفي ظل تزايد الاستياء من تركيا بالفعل بين القوميين الارمن وأرمن الشتات الاقوياء يقول محللون ان الرئيس الارميني سيرج سركسيان يمكن أن يواجه محاولة للاطاحة به اذا جارى أنقرة في مطالبها.

وقاوم صراع قرة باغ الذي أسفر عن سقوط نحو 30 الف قتيل اكثر من 15 عاما من الوساطة التي سارت بوتيرة بطيئة.
وقال سفانتي كورنيل من معهد آسيا الوسطى-القوقاز quot;كان من الممكن التكهن بالازمة تماما وهي نتيجة للاهمال التام للصراع بين أرمينيا واذربيجان ومحاولة الامل على عكس القناعة السائدة بأنك تستطيع فصل العلاقة بين تركيا وأرمينيا عن صراع قرة باغ.quot;

ومما يزيد من تعقيد الامور اتهمت تركيا الاسبوع الماضي أرمينيا بمحاولة اعادة صياغة الاتفاق من خلال حكم محكمة يؤكد مجددا التزام الدولة الدستوري بالسعي الى الاعتراف بأن المذابح ابادة جماعية.

ويقول محللون ان الضغط قد يتصاعد مع اقتراب الذكرى السنوية الخامسة والتسعين في ابريل نيسان حين يضغط الارمن مجددا على الرئيس الامريكي باراك أوباما للوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه اثناء الحملة الانتخابية بوصف جرائم القتل بأنها ابادة جماعية.

ويضغط وسطاء من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا في صراع قرة باغ من أجل الاتفاق على مباديء اتفاق للسلام يرضي تركيا.

لكن تبين أن هذا ضرب من المستحيل ولم يعط أحدث اجتماع بين سركسيان ورئيس اذربيجان الهام علييف في مدينة سوتشي الروسية يوم الاثنين مدعاة تذكر للامل.

وقال بوب quot;ربط تركيا بين الاتفاقات وقرة باغ سيصعب من العملية للغاية لانه قد يستغرق عقودا من الزمنquot;.