وقعت كل من تركيا وأرمنيا على اتفاق تاريخي يفتح الابواب امام إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وفتح الحدود المشتركة بينهما. وقد تصافح الوزيران ادوارد نالبنديان واحمد داود اوغلو مطوّلاً بعد التوقيع وسط تصفيق الحضور ومن بينهم وفود من اوروبا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.

زوريخ: وقع وزيرا خارجية تركيا وارمينيامساء السبت في زوريخ (سويسرا) اتفاقات ثنائية تهدف الى تطبيع العلاقات بين الطرفين اللذين يعانيان من خلافات تاريخية اججتها المجازر التي وقع الارمن ضحيتها في مطلع القرن الماضي. وتصافح الوزيران ادوارد نالبنديان واحمد داود اوغلو مطولا بعد التوقيع الذي تأخر نحو ثلاث ساعات ونصف ساعة عن الموعد المحدد بسبب quot;اشكال ظهر في اللحظة الاخيرةquot; يتعلق بالكلمات التي يفترض ان تلقى.

في النهاية لم يلقَ اي من الطرفين كلمة حسب ما علم من مصدر دبلوماسي تركي.

وبدلاً من الساعة 17,00 (15,00 ت.غ) لم تبدأ حفلة التوقيع سوى الساعة 20,20 (18,20 ت.غ) في جامعة زوريخ اثر محادثات مكثفة بين الطرفين شارك فيها بقوة الطرف الاميركي.

وتعرضت تركيا التي تتطلع الى عضوية الاتحاد الاوروبي وأرمينيا الجمهورية السوفيتية السابقة لضغوط أميركية وأوروبية لتوقيع اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه بوساطة سويسرية والذي يضع جدولاً زمنيًا لإعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح الحدود بين البلدين.


كلينتون ارادت تجنب فشل الاتفاق التركي-الارمني

وقطعت تركيا العلاقات واغلقت حدودها مع ارمينيا في عام 1993 تأييدًا لاذربيجان التي خاضت انذاك معركة خاسرة ضد الانفصاليين الارمن في قرة باغ.

وتوترت العلاقات بين تركيا المسلمة وارمينيا المسيحية بسبب ما يصفه ارمن ومؤرخون غربيون كثيرون بالترحيل الجماعي والقتل المتعمد لما يصل الى 1.5 مليون ارمني على يد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الاولى.

وترفض تركيا تعبير الابادة الجماعية وتقول ان الارمن كانوا من بين الاف كثيرين قتلوا في الفوضى مع قتال الدولة العثمانية الجيوش الروسية والبريطانية والفرنسية واليونانية ومحاولة اخماد ثورة عربية قبل انهيارها في نهاية الامر.

وعلى الرغم من أن أرمينيا ستحقق مكاسب كبيرة من الاتفاق نتيجة لانفتاح اقتصادها للتجارة والاستثمار الا أن الرئيس سيرج سركسيان يواجه احتجاجات في الداخل ومن عدد كبير من الارمن في الشتات.

وخرج يوم الجمعة نحو عشرة الاف متظاهر في يريفان عاصمة أرمينيا احتجاجًا على الاتفاق.

وقال سركسيان في كلمة أذاعها التلفزيون يوم السبت قبل التوقيع على الاتفاق ان يريفان ستمضي قدما في المطالبة بالاعتراف بالابادة في اطار تنفيذ البروتوكولات الملحقة بالاتفاق.

وأضاف quot;لا يمكن لاي علاقات مع تركيا أن تثير شكوكا في أن ابادة جماعية ارتكبت في حق الشعب الارميني. يتعين على البشرية أن تعترف بهذه (الابادة) وتدينها.quot;

وستشكل تركيا وأرمينيا لجنة دولية من المؤرخين لدراسة الاحداث بموجب الاتفاق المقرر أن يوقعه في زوريخ في الساعة الخامسة بعد ظهر اليوم بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت جرينتش) أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا ونظيره الارميني ادوارد نالبانديان.


يريفان: الخطاب التركي كان السبب في تأخير احتفال التوقيع على الاتفاق
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الخارجية الارمينية في يريفان السبت ان quot;صيغًا غير مقبولةquot; في الخطاب الذي كان سيلقيه الطرف التركي كانت السبب في تأخير التوقيع على الاتفاق بين انقرة ويريفان لاكثر من ثلاث ساعات السبت في زوريخ (سويسرا).

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تيغران بالايان لوكالة نوفوستي-ارمينيا quot;كانت هناك صيغ غير مقبولة من الطرف الارميني في هذا الخطاب. وخلال المفاوضات تقرر عدم القاء اي خطاب في الاحتفالquot;.
ورفض بالايان الذي كان يتحدث في زوريخ، ان يحدد الاقسام المرفوضة في الخطاب التركي.

وكان دبلوماسي تركي قدأعلن للصحافيين في زوريخ ان تأخير الاحتفال جاء بسبب quot;صعوبات ظهرت في اللحظة الاخيرةquot; وقد اثارها الوفد الارميني وتتعلق بالخطاب الذي كان سيلقيه وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو.

واشنطن تعتبر الاتفاقات التركية-الارمنية quot;تاريخيةquot;
إلى ذلك اعتبر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية السبت ان الاتفاقات الموقعة بين تركيا وارمينيا من اجل تطبيع علاقاتهما هي اتفاقات quot;تاريخيةquot; وتضع حدا quot;لعقود من العداء والانقسامquot;.
وقال فيل غوردون، مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الاوروبية والشؤون الاوروبية الاسيوية quot;هذا المساء (السبت) شاركنا في حدث تاريخيquot;.

واضاف ان quot;وزيري خارجية تركيا وارمينيا وقعا بروتوكولات حول العلاقات الدبلوماسية وتطوير العلاقات الدبلوماسية وتخطي سنوات وحتى عقود من العداء والانقسامquot;.
ويرافق غوردون وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي وصلت مساء السبت الى لندن في اطار جولة لمدة خمسة ايام على ست مدن اوروبية.

وقبل وصولها الى لندن، شاركت كلينتون في زوريخ بسويسرا بحفل توقيع الاتفاقات التركية-الارمنية.
واتصل الرئيس الاميركي باراك اوباما هاتفيا بهيلاري كلينتون خلال توجهها الى مطار زوريخ بعد توقيع الاتفاقات.

ومن ناحيته، قال مسؤول اميركي كبير ان اوباما quot;متحمسquot; للاتفاق وهو يعتبره بانه quot;خطوة كبرى الى الامامquot;.

الارمن في الارجنتين يتظاهرون ضد الاتفاق

نددت الجالية الارمنية في الارجنتين بتوقيع اتفاقات تهدف الى تطبيع العلاقات بين ارمينيا وتركيا والتي تمثل كما قالوا quot;خطرًا على حقوق الانسانquot;.

وذكرت صحيفة quot;ديارو ارمينياquot; التابعة للجمعية الثقافية الارمنية في الارجنتين على موقعها الالكتروني ان quot;الاتفاقات المطروحة تشكل خطرًا على حقوق الانسان ويمكن ان تؤدي الى تبعية ارمينيا للدولة التركية المبيدة ولحلفائها الامبرياليينquot;.

وحسب الجالية الارمنية، فإن مئات من المتظاهرين احتجوا في بوينس ايرس على توقيع هذه الاتفاقات السبت في زوريخ.

وأوضحت الجالية الارمنية في كوردوبا (وسط) في بيان ان quot;ارمينيا تتخلى عن الحق غير القابل للتصرف لاجيالنا المستقبلية في الكفاح من اجل مطالبهاquot;. واضاف البيان quot;بالمقابل، نشكك بحقيقة الابادة الارمنية وهي مسألة مرتبطة بقوة بحقوق الانسانquot;.

كما اعتبر احد قادة المعارضة الارمنية ان ارمينيا تواجه quot;اخطارًا كبيرةquot; بعد اتفاقها مع تركيا.

وقال ستيبان سافاريان وهو احد قادة حزب جارانكوتيون quot;مع التوقيع على هذه البروتوكولات، دخلنا في مرحلة من الاخطار الكبيرة والفوضىquot;.

ويتهم معارضو الاتفاقات الحكومة الارمنية بتقديم تنازلات لتركيا خصوصا بقبولها تشكيل لجنة لدرس الخلافات التاريخية بين البلدين.

الاتحاد الاوروبي يرحب بالاتفاقية

رحب الاتحاد الاوروبي بتوقيع كل من تركيا وارمينيا على الاتفاق التاريخي المتعلق بتطبيع العلاقات فيما بينهما الذي تم في مدينة (زيورخ) السويسرية امس وسيتم بموجبه اقامة علاقات دبلوماسية وثنائية بين البلدين بالاضافة الى فتح الحدود المشتركة.

وشجع بيان صادر عن الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي الليلة الماضية كلا الجانبين على الالتزام بعملية التطبيع كما دعا تركيا وارمينا الى تصديق وتنفيذ ما تضمنته الاتفاقية باسرع وقت ممكن.

وفي بيان منفصل رحب الاتحاد الاوروبي بحرارة بالاتفاق الذي وقع من قبل وزيري خارجية البلدين الذي وصفه بانه quot;خطوة شجاعة وبعيدة النظر وانه يعتبر خطوة للامام quot; باتجاه تحقيق السلام والاستقرار في منطقة جنوب القوقازquot; وانه يعد بصدق قرارا تاريخيا يظهر مدى جاهزية واستعداد كلا الطرفين لتقديم تنازلاتquot;.

من جانبها ذكرت المفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر quot;ان توقيع هذا الاتفاق يظهر مدى رغبة الجانبين التركي والارميني في طي صفحة الماضي وبناء مستقبل جديدquot;.

واضافت quot;ان هذا الاتفاق يفتح منظورا جديدا لحل النزاعات لاسيما في النزاع الدائر بين ارمينيا واذربيجان حول اقليم (ناغورني كاراباخ) وفي هذا السياق ادعو ارمينيا واذربيجان الى تكثيف جهودهما داخل مجموعة (مينسك) التابعة لمنظمة الامن والتعاون من اجل ايجاد حل سلمي للقضايا العالقةquot;.

اذربيجان تحذر من زعزعة الاستقرار

من جهتها، نددت اذربيجان الاحد باتفاق التطبيع بين ارمينيا وتركيا وحذرت في الوقت نفسه من ان فتح الحدود الارمنية التركية قد يتسبب بزعزعة الاستقرار في جنوب القوقاز.

وقالت وزارة الخارجية الاذربيجانية في بيان quot;ان تطبيع العلاقات بين تركيا وارمينيا قبل انسحاب القوات الارمنية من المنطقة الاذربيجانية المحتلة يتناقض بشكل مباشر مع مصالح اذربيجان ويلقي بظلاله على العلاقات الاخوية بين اذربيجان وتركيا المبنية على جذور تاريخيةquot;.

واضافت quot;ان اذربيجان ترى ان فتح الحدود التركية الارمنية من جانب واحد قد يهدد السلام والاستقرار في المنطقةquot;.