بدأت ردود الفعل حول إصدار القضاء السوري لـ 33 مذكرة توقيف غيابية في حق لبنانيين وعرب وأجانب بينهم قضاة وضباط وسياسيون وإعلاميون تتواتر، ووصف سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; الخطوة السوريّة بـquot; الهجوم الصاعقquot;.

بيروت: أعلن المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء جميل السيد أن القضاء السوري اصدر الأحد quot;33 مذكرة توقيف غيابيةquot; في حق لبنانيين وعرب وأجانب بينهم قضاة وضباط وسياسيون وإعلاميون كان ادعى عليهم لتورطهم في قضية quot;شهود الزورquot; في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

وقال السيد في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه انه quot;تبلغ من محاميه في سوريا أن قاضي التحقيق الأول في دمشق اصدر ظهر اليوم ثلاثا وثلاثين مذكرة توقيف غيابية في حق قضاة وضباط وسياسيين وإعلاميين وأشخاص من جنسيات لبنانية وعربية واجنبيةquot;.

وأوضح البيان أن بين الذين صدرت في حقهم مذكرات التوقيف الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري quot;القاضي الألماني ديتليف ميليس ومساعده المحقق الألماني غيرهارد ليمانquot;.

وأضاف أن هذه المذكرات صدرت quot;اثر انتهاء المهلة القانونية للتبليغات في الدعوى المقدمة من اللواء السيد أمام القضاء السوري منذ حوالي السنة في مؤامرة شهود الزور وشركائهم خلال التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريريquot;.

وكان السيد ادعى في سوريا على عدد كبير من الشخصيات بتهمة المشاركة في quot;فبركة شهود زورquot; أدلوا بحسب قوله بإفادات كاذبة إمام لجنة التحقيق وتسببوا بسجنه لمدة أربع سنوات مع ثلاثة ضباط آخرين للاشتباه بتورطهم في عملية الاغتيال التي وقعت في شباط/فبراير 2005 في بيروت وتسببت بمقتل الحريري مع 22 شخصا آخرين.

وأفرج عن الضباط الأربعة في نيسان/ابريل 2009 لعدم وجود quot;عناصر إثبات كافيةquot; بقرار من المحكمة الخاصة بلبنان التي تنظر في الجريمة.

واتهم جميل السيد رئيس الوزراء سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بانه يرعى ويحمي quot;شهود الزورquot; الذين أدلوا بإفادات حول تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في عملية الاغتيال.

وبين الذين شملتهم دعوى السيد أمام القضاء السوري المدير العام لقوى الأمن الداخلي اشرف ريفي والمسؤول عن فرع المعلومات في قوى الأمن العميد وسام الحسن والنائب مروان حمادة والوزيران السابقان حسن السبع وشارل رزق والقضاة سعيد ميرزا وصقر صقر والياس عيد والصحافيان فارس خشان وعمر حرقوص ومستشار الحريري هاني حمود.

ولم يشر بيان السيد إلى أسماء اللبنانيين الذين شملتهم مذكرات التوقيف.

وفي هذا الإطار أكدت محطة الـquot;mtvquot; اللبنانية ان quot;مذكرات التوقيف الغيابية التي صدرت عن القضاء السوري جاءت كرد فعل على عدم رضوخ الرئيس سعد الحريري للضغوط السورية الاخيرة ومن بينها تغيير الحكومةquot;. وعلمت المحطة ان quot;الأسماء التي اصدرها القضاء السوري عممت على كافة المراكز الحدودية، وينتظر ان تعمم على مراكز الأنتربول في مهلة أقصاها الأربعاءquot;.

من جانبها أعلنت محطة quot;NBNquot; أن مذكرة التوقيف السورية شملت النائب مروان حمادة والقاضيين سعيد ميرزا وصقر صقر واللواء اشرف ريفي والعقيد وسام الحسن ووزراء سابقين وإعلاميين.

وكان القضاء السوري طلب في كانون الأول/ديسمبر 2009 من السلطات اللبنانية تبليغ المدعى عليهم اللبنانيين استنابات قضائية لاستجوابهم، إلا ان القضاء اللبناني رد طلب القضاء السوري quot;لعدم قانونيتهquot; وعلى اعتبار ان quot;الجرائم المدعى بها واقعة على الأراضي اللبنانيةquot;.

وصعد جميل السيد خلال الأسابيع الأخيرة حملته على الحريري متهما إياه بأنه quot;باع دم والدهquot;. وقال في احد المؤتمرات الصحافية التي عقدها الشهر الماضي quot;اقسم يا سعد الحريري اذا لم تعطني حقي سآخذ حقي بيديquot;، داعيا اللبنانيين الى quot;رفض الوضع القائم حتى ولو تطلب الأمر إسقاط الدولة بالقوة في الشارعquot;.

وتسبب له هذا الكلام باستدعاء قضائي للتحقيق معه في موضوع quot;تهديد امن الدولة ورئيس مجلس الوزراءquot;.

إلا ان السيد الذي تلقى دعما كاملا من حزب الله، لم يتبلغ حتى الآن الاستدعاء.

وأكد السيد أن فريق ديتليف ميليس عرض عليه خلال التحقيق معه صفقة للافراج عنه مقابل تبليغه رسالة الى المسؤولين السوريين لتقديم quot;كبش محرقةquot; في جريمة اغتيال الحريري لإسقاط الشبهة عنهم.

ونفت سوريا باستمرار أي علاقة لها باغتيال الحريري.

وبدأت ردود الفعل على الخطوة السوريّة تتالى، وقال رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع ليلا لصحيفة

quot;النهارquot; معلقا على الخطوة: quot;أولا ليس هكذا يكافأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس الحريري على كل الجهد الذي قاما به لإقامة علاقات سوية بين الدولتين اللبنانية والسورية. وإذا توقفنا عند الأسماء (الواردة في مذكرات التوقيف) ترتسم أمامنا صورة هجوم سوري صاعق على المؤسسات اللبنانية ومجموعة من الشخصيات.

ومعلوم أن القضاء السوري ليس صاحب صلاحية في هذا الأمر لأن الجرم المفترض حصل على أرض لبنانية والمستدعي لبناني والمدعى عليهم لبنانيون، بالإضافة إلى أن في تاريخ سوريا كله لم يدّع القضاء السوري على أي شخص من دولة أخرىquot;.

وأضاف جعجع: quot;إذا عرضنا الأسماء في مذكرات التوقيف ومع أن لا قيمة لها على المستوى اللبناني أو العربي أو الدولي، فإننا نرى أن سوريا تدعي على النيابة العامة التمييزية ومفوضية الحكومة لدى المحكمة العسكرية وعلى المدير العام للأمن الداخلي ومجموعة ضباط فاعلين في مكافحة الإرهاب وكذلك على نائب حالي هو من أبرز نوابنا ورمز وطني كبير عنيت به النائب مروان حماده، ووزراء سابقين ومستشارين لرئيس الحكومة وعبره رئاسة الحكومة نفسها بالإضافة الى صحافيين وإعلاميين. وهذا يعني انه هجوم سوري صاعقquot;.

وتساءل جعجع: quot;هل صدور هذه المذكرات أمس كان مصادفة عشية جلسة مجلس الوزراء المفترض ان يناقش آلية وضعها وزير العدل لمعالجة قضية شهود الزور جديا أم يفترض أن يبقى هذا الموضوع قميص عثمان لعرقلة الحلول الجدية التي تسعى إليها الحكومةquot;. وختم مؤكدا quot;للشخصيات اللبنانية ان هذه المذكرات كأنها لم تكن وهم مواطنون ومسؤولون في دولة تحميهم وتؤمن كرامتهم وبين مواطنين يحظون بتأييدهم وتعاطفهم ورفضهم لأي استهداف لهمquot;.

من جانبه وصف النائب عقاب صقر صدور مذكرات التوقيف السورية بحق مسؤولين سياسيّين وقضائيّين وأمنيّين وإعلاميّين لبنانيين بـquot;الخطوة المؤسفة الصادمة للعلاقات المؤسساتيّة والسياسيّة المتواصلة والمستمرة بين رئيس الحكومة سعد الحريري والقيادة السورية على طريق بناء الثقة الكاملة بين البلدينquot;.

وبحسب مقربين من رئيس الحكومة، فإن صقر تشاور مع الرئيس سعد الحريري قبل إصدار البيان، الذي دعا فيه quot;رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بوصفه المؤتمن على الدستور والحريات، إلى أن يضع يده على هذه القضية، وأن يكون لمجلس الوزراء ودولة الرئيس سعد الحريري موقف حازم وحاسم حيال هذا الموضوعquot;.

ودعا صقر الرئيس نبيه بري إلى عقد جلسة لمجلس النواب أو إنشاء لجنة برلمانية للتعامل مع مذكرة توقيف صادرة بحق نائب لبناني يحظى بتأييد الشعب اللبناني والحصانة البرلمانيةquot;.

كذلك رأى quot;ضرورة أن يتحرك مجلس القضاء الأعلى اللبناني قانونياً، باعتبار أن هناك قضاة وجّهت إليهم مذكرات توقيف في سابقة غير معهودة من الجانب السوريquot;، متمنياً أيضاً على وزير الداخلية quot;أن يتخذ موقفاً مناسباً حيال مذكرات توقيف صادرة بحق ضباط كبار في قوى الأمن الداخليquot;، وآملاً من نقابتي الصحافة والمحررين quot;عقد اجتماع مشترك واتخاذ الخطوات الآيلة إلى حماية الإعلاميين والحريات الإعلامية في لبنان، وكل ذلك بما ينسجم مع القوانين اللبنانية والأنظمة المرعية، ومع كل التقاليد والأعراف لإبعاد كأس التشنج والكيدية في التعاطي مع هذا الملف الحساس والمهم، لكي تبقى كلمة القانون هي العلياquot;.

وفي السياق ذاته، عبّر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل عن quot;الخشية من أن تكون هذه مذكرة توقيف للعلاقات السورية -اللبنانية أكثر من مذكرة توقيف للبنانيينquot;، مشيراً إلى أنها quot;لا تساعد إطلاقاً على تطوير العلاقات اللبنانية -السورية إيجاباً كما نتمناهاquot;.