يوظف الاتحاد الأوروبي الكثير من الأعمال في الأراضي الفلسطينية في محاولة لخلق واقع إعلامي مختلف وقادر على مراقبة أداء القضاء الفلسطيني، وذلك من خلال مؤسسات حقوقية وإعلامية فلسطينية محلية تقوم بتنفيذ العديد من البرامج التدريبية لتأهيل الإعلاميين الفلسطينيين في مجالة مراقبة أركان العدل.جانب من إحدى الدورات الممولة من دول أوروبية quot;عدسة إيلافquot;
رغم غياب التخصصية في الإعلام الفلسطيني في بعض الجوانب المهمة؛ إلا أن مؤسسات أهلية وإعلامية وحقوقية بالتعاون مع مؤسسات رسمية خطت نحو تغيير الواقع القائم من خلال تنفيذ دورات متخصصة للاعلاميين، لاسيما في موضوع الاعلام والقضاء والمحاكم، بغية الوصول إلى جيل إعلامي قادر على تطبيق الرقابة المنتظمة على أداء أركان العدل.
في هذا الاطار أكد عدد من الاعلاميين الفلسطينيين المشاركين في هذه الدورات المتخصصة التي عقدت خلال الفترة الماضية، أن التوجه الجديد الذي نفذته مؤسسات اهلية وإعلامية وحقوقية بالتعاون مع بعض المؤسسات الرسمية ساهم في صقل قدراتهم وعزز امكاناتهم في معالجة قضايا الامن والقضاء والمحاكم، وهو الموضوع الذي لطالما غيب عن الساحة الفلسطينية، لانشغال الاعلاميين بتغطية ونقاش مواضيع أخرى تتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
الاعلامي سامر الرويشد من راديو العالم في محافظة الخليل، أكد أن الدورات التي نفذها المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء بالتعاون مع شبكة امين الاعلامية ووزارة العدل ضمن اطار تنمية قدرات الصحافيين في الرقابة المنتظمة على اداء اركان العدالة بدعم من الممثلية النروجية، ساهمت بتعزيز قدراته في مجال معرفة حقوقه وواجباته كمواطن فلسطيني اولا كما فتحت له آفاقا جديدة في مجال العمل الاعلامي من خلال التطرق إلى مواضيع حساسة جدا تتمثل بالقضاء والمحاكم والأمن الفلسطيني بعيدا عن ممارسات القوات الاسرائيلية.
الصحافي والمصور جمال ريان من شبكة الراية برس الفلسطينية في محافظة نابلس، أكد أن مشاركته في هذه الدورات المتخصصة ساهمت بتوضيح الحقوق المشروعة للصحافيين وحقهم في الحصول على المعلومات المتعلقة بالقضاء والمحاكم، كما شكلت فرصة مهمة بالنسبة له لجسر الفجوات بين الجهات الرسمية والاعلام.
الصحافية حسناء الرنتيسي من محافظة رام الله، أكدت أن مشاركتها في هذه الدورات ساهمت بفتح ملف جديد امامها في العمل الصحافي يتمثل بطرق ابواب المحاكم والقضاء ومتابعة القضايا التي كانت في السابق طي الكتمان، ونشر تفاصيل اكثر للعموم بعد أن أصبحت الأبواب مفتوحة أمام الاعلاميين للتطرق إلى مثل هذه المواضيع بفضل هذه المؤسسات.
أما الاعلامية رحمة حجة من محافظة جنين، فقد اشادت بالمؤسسات المنظمة لمثل هذه الدورات، كونها استطاعت فتح مجالات اعلامية جديدة متخصصة للاعلاميين الفلسطينيين تتمثل بفتح مواضيع ذات علاقة بالامن والقضاء والمحاكم، طالما اعتبرها بعض الاعلاميين بأنها من المواضيع التي لا يمكن الخوض فيها خاصة في وضعنا الفلسطيني.
وحول الأسباب التي دفعت هذه المؤسسات إلى مثل هذا التوجه، قال المحامي ابراهيم البرغوثي، الرئيس التنفيذي للمركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء quot;مساواةquot;، خلال لقائه مع quot;ايلافquot;، إن خلق جيل صحافي واع لتغطية أخبار المحاكم والقضاء كان الدافع الأساسي وراء تنظيم مثل هذه الدورات والورش التدريبية. المحامي ابراهيم البرغوثي على يسار الصورة، يتحدث لمراسل إيلاف
وأكد البرغوثي أن مركز مساواة يعد هيئة رقابية أهلية مستقلة ترقب أداء مختلف اركان منظومة العدالة في فلسطين من خلال إصدار نشرات رقابية متعددة، هي دورية quot;عين على العدالةquot; وquot;العدالة والقانونquot; وquot;المرصد القانونيquot;.
وأضاف البرغوثي أن أهداف المركز تتمثل في ثلاثة محاور أساسية، المحور الاول هو الحد من انتهاك حكم القانون عن طريق رصد وتوثيق ومتابعة ومعالجة كافة العوائق السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والادارية التي تحول دون التطبيق السليم لهذا القانون.
ولفت إلى أن المحور الثاني يتمثل بتوحيد وتطور التشريعات الفلسطينية، وادماج الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تضمن مبدأ سيادة القانون وفصل السلطات، وذلك عن طريق مراقبة العملية التشريعية ومشاريع القوانين، ودراسة القوانين السارية، واقتراح مشاريع قوانين معدلة او ملغية للتشريعات الفلسطينية. وأضاف البرغوثي أن المحور الثالث يهدف إلى رفع الوعي المجتمعي القانوني، وتمكين مختلف الشرائح من معرفة الحقوق والواجبات، وذلك من خلال معرفة القانون وآلية تطبيق بنوده، وتستهدف اساسا الشباب والمرأة.
وقال إن دور الاعلام مهم جدا في الرقابة على منظومة العدالة، وعلى هذا الاساس نعمل على تطوير قدرات الاعلاميين الفلسطينيين لغياب التخصصية في الجامعات والمعاهد من خلال اقامة دورات متخصصة في هذا المجال، لافتا إلى أن القصور في مجال تغطية أخبار المحاكم نابع من قصور عند المؤسسات الاعلامية والصحافيين لوجود تخوف من موضوع استقلالية القضاء، وتخلف التشريعات، وعدم ايلاء هذه المواضيع اولوية في ظل الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن هذه الدورات تصب أساسا في تطوير قدرات الاعلاميين لنقل رسالة اعلامية هادفة، تتمكن من نشر معلومة قضائية دقيقة لأكبر شريحة من المجتمع، والتعرف إلى الحقوق الخاصة بالصحافيين، خاصة حق الحصول على المعلومة ونشرها.
ونوه بأن من بين الاهداف الأساسية المرجوة للدورات المنظمة، تنمية الوعي القانوني للحقوق والواجبات، وتلك الناظمة لعلاقة الاعلام بمختلف السلطات المكونة للنظام السياسي الفلسطيني، وحق المواطن في الحصول على المعلومات المتصلة بأداء سلطاته، وحقه في التعرف إلى مواطن الاداء السلبي والايجابي، ما يمكنه من استخدام قدراته وصوته باتجاه دفع مختلف أصحاب القرار على احترام ارادة الشعب وحقوقه.
بدوره، أكد خالد أبو عكر، المدير التنفيذي لشبكة امين الاعلامية، أن الشبكة نفذت مؤخرا مشروع quot;جسر الفجوات: الأجهزة الأمنية وحقوق الصحافيينquot; الذي كان بدعم من الاتحاد الاوروبي، وهدف إلى تعزيز قدرات الاعلاميين في مجال تغطية اخبار الامن والقضاء.
وقال استطعنا من خلال هذا المشروع أن نخلق جيلا صحافيا قادرا على تسليط الضوء على قطاعات مهمة غيبت عن الاعلام الفلسطيني سابقا، وتشكيل جهة رقابية، بحيث يكون فعلا سلطة رابعة يلعب دورا مهما في الرقابة على قطاع العدالة، وتصبح للاعلام كلمة في فرض العدالة السليمة، وليست المحسوبيات التي تسود هنا وهناك.
وأشار إلى أن مركز المعلومات العدلية التابع لوزارة العدل الفلسطينية، والذي نشأ حديثا يعد أمرا مهما، حيث أصبح هذا المركز مصدرا للمعلومات العدلية التي كانت مغيبة في السابق، والآن أصبحت الدورات المتخصصة في مجال الاعلام القضائي نقطة تحول في العمل الصحافي الفلسطيني، بحيث أصبح هناك صحافيون قادرون على مراقبة العمل في قطاع العدالة، وليس الاكتفاء بنشر المعلومات كما هي، اضافة إلى بناء مجتمع يستند إلى حرية المعلومات وقطاع عدالة يستند إلى تعاون المؤسسات للوصول إلى الهدف المنشود.
وتحدث أبو عكر عن النجاح الذي حققه مشروع جسر الفجوات، وهي التمكن من فتح أبواب السجون والمحاكم المدنية والمحاكم العسكرية أمام الصحافيين، وإعداد quot;دليل الصحافي لتغطية اخبار المحاكم وقضايا الامن والنظام العام، وتشكيل مجموعات صحافية قادرة على تسليط الضوء على الخلل في قطاع العدالة.
من ناحيته، قال ماجد العاروري، مدير مركز المعلومات العدلي التابع لوزارة العدل، إن الاطلاع على المعلومات العدلية حق للمواطن، ومن حق وسائل الاعلام نقل هذه المعلومات وايصالها للمواطن. وأشاد بالتعاون القائم ما بين مؤسسات أهلية وحقوقية وإعلامية ورسمية، بغرض تأهيل مجموعة من الصحافيين لتغطية اخبار القضاء والمحاكم والامن، منوها بضرورة أن يكون الاطلاع على المعلومات العدلية واسعا، وذلك ليكون الاعلام اداة رقابية فاعلة تهدف إلى تصحيح الأخطاء الموجودة في المؤسسات العدلية.
وشدد على ضرورة التركيز على هذا المجال من خلال بذل المزيد من الجهد لتعزيز قدرات الاعلاميين في الاراضي الفلسطينية، ليكونوا قادرين على ممارسة الدور الرقابي على القطاع العدلي، والقيام بمساءلة هذا القطاع.
المحامي حسين أبو هنود، أحد العاملين على مشروع دعم قطاع العدالة مع النيابة العامة والشرطة التحقيقية، أكد أهمية التركيز على هذه الدورات في الاراضي الفلسطينية، بهدف توظيف المعرفة القانونية في الرسائل الاعلامية.
واستعرض جهود المؤسسات الأهلية والحقوقية والاعلامية في اصدار دليل الصحافي لتغطية اخبار المحاكم وقضايا الامن والنظام العام، الذي يشمل المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالمحاكم والعناصر الرئيسة التي يجب مراعاتها عند تغطية اخبار الامن والمحاكم ومعلومات عامة حول أجهزة الأمن الفلسطينية، وفقا للتشريعات القانونية المعمول بها، والضوابط القانونية في العمل الاعلامي في فلسطين، والقيود المتعلقة بنشر المعلومات في فلسطين.
التعليقات