الحديث الأكثر تداولاً بين مختلف الأقطاب اللبنانيّة يتمحور هذه الأيّام حول ما بات يعرف محليًّا بقضيّة quot;شهود الزورquot;. القضيّة التي عنونت مؤتمرًا صحافيًّا عقده النائب عقاب صقر حضرت أيضًا في مؤتمرين الأوّل لرئيس حزب الكتائب أمين الجميل والثاني للنائب طلال أرسلان، كما احتلّت حيزًا من المناقشات حول تقرير أعده وزير العدل، ولم تغب كذلك عن تصريحات النائب محمد رعد.

إبراهيم عوض من بيروت: اشتعلت في بيروت اليوم، حرب التصريحات والبيانات والمؤتمرات الصحافية التي تتناول موضوعاً واحداً عنوانه ما يسمى بـ quot;شهود الزورquot;، الذين ينظر إليهم كل من فريقي الأكثرية والمعارضة من زاويته الخاصة، التي تعزز موقفه في مواجهة الآخر.

ففيما تعتبر المعارضة، أن محاكمة هؤلاء الشهود لمعرفة من فبركهم وحماهم وموّلهم، تقود إلى معرفة حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري، وتسبّب بـquot;نسفquot; العلاقات اللبنانية ـ السورية على مدى أربع سنوات، ترى الأكثرية أنه لا يمكن تحديد quot;شهود الزورquot; ما لم يصدر القرار الظني عن المحكمة الدولية الناظرة بجريمة اغتيال الحريري، رافضة توجيه الاتهام إلى بعض أقطابها بالوقوف وراء هؤلاء الشهود أو بالتستّر عليهم، وفي مقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تجاهر المعارضة بإيرادها لائحة بأسماء شخصيات سياسية وأمنية وقضائية وإعلامية محسوبة على رئيس الحكومة والإدعاء بمشاركتهم في صناعة quot;شهود الزورquot;.

في هذا الإطار، عقد عضو كتلة quot;المستقبلquot; النيابية النائب عقاب صقر قبل ظهر اليوم، مؤتمراً صحافياً في مقر أمانة قوى الرابع عشر من آذار، أراد من خلاله quot;تعطيلquot; الحملة التي تشنّها قوى المعارضة على الرئيس سعد الحريري وحلفائه، وعلى المحكمة الدولية متسلحة بملف quot;شهود الزورquot;، وذلك عبر إطلاق حملة مضادة تدحض اتهامات أصحاب الحملة الأولى بالتركيز على وقائع

صقر يعرض أدلة بشأن quot;شهود الزورquot;: لننتظر المحكمة الدوليّة
وكالات

ووثائق ومستندات تتناول محطات وفصولاً جرت بعد وقوع الجريمة، أبرزها محاولة تحميل المدعو quot;أبو عدسquot; مسؤولية تفجير موكب الرئيس الحريري، واصفاً إياه بـ quot;المزور الأولquot;، والتساؤل عن سبب إقدام اللواء الركن جميل السيد على الاتصال بمحطات إعلامية لعرض الفيلم الذي يعلن فيه quot;أبو عدسquot; أنه الانتحاري الذي يقف وراء التفجير المذكور.

كما تناول صقر مسألة العبث بمسرح الجريمة في منطقة quot;السان جورجquot; وما ذكره سائقو جرافات تولوا تنفيذ هذه العملية عن أن اللواء الركن علي الحاج هو من أمر بإزالة السيارات. وتطرّق إلى أسماء شهود الزور المتداولة من قبل المعارضة، وفي عدادهم هسام هسام وأكرم شكيب مراد ومحمد زهير الصديق وإبراهيم جرجورة، مبيناً عدم صحة ما روي عنهم، من دون أن يغفل الحديث عن الحجاج الأستراليين الستة، ومجموعة الـ 13 الأصولية التي دلّت على quot;أبو عدسquot;.

هذا ويأتي المؤتمر الصحافي لصقر، الذي يتوقع أن يلقى ردوداً متتالية من قبل المعارضة بدءاً من مساء اليوم، في وقت يبرز فيه الخلاف حول رؤية كل من الأكثرية والمعارضة إلى التقرير الذي أعده وزير العدل إبراهيم نجار المتعلق بـquot;شهود الزورquot;، حيث تبدي الأولى ارتياحها لما ورد في التقرير، فيما تستغرب الثانية استبعاده إحالة القضية على المجلس العدلي والقول بعدم قانونيتها، وتنظر بارتياب إلى إعلان نجار صلاحية القضاء قبول حق الإدعاء بهذه القضية أو الانتظار لحين صدور القرار الظني عن المحكمة الدولية.

وخلافاً للمعلومات المتداولة عن ترؤس رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً لوزراء المعارضة، يعقد مساء اليوم في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، أبلغت مصادر قريبة من بري quot;إيلافquot; أن هذا الاجتماع سيقتصر على وزراء المعارضة فقط، من دون مشاركة الرئيس بري، موضحة أن هؤلاء الوزراء الذين يعقدون اجتماعاتهم التنسيقية في مكتب زميل لهم عادة، إرتأوا هذه المرة أن يلتقوا في quot;كنفquot; كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها الرئيس بري، فكان الاتفاق على المجيء إلى عين التينة. وإذا كانت المصادر المذكورة آثرت عدم استباق ما سيطلع به المجتمعون اليوم، فإن quot;المكتوب يقرأ من عنوانهquot;، وقد كشف عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) النائب محمد رعد إثر زيارته رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص، حيث شدد على ضرورة إحالة ملف quot;شهود الزورquot; إلى المجلس العدلي، كما يطالب الرئيس بري، معلناً أن ذلك هو الحد الأدنى الذي على مجلس الوزراء الأخذ به، مشبهاً تقرير نجار بأنه quot;لا عود أخضر ولا يابس ولا أعوج ولا جالسquot;. قائلاً إن البلد سيبقى في حيرة من أمره، حتى تفرض الأمور نفسها.

من جهته، ردّ اللواء السيد بإسهاب على تقرير نجار مكرراً هجومه على النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا متهماً القضاء اللبناني بالتقصير في قضية quot;شهود الزورquot;. أما رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان الذي عقد هو الآخر مؤتمراً صحفياً بالتزامن مع مؤتمر النائب صقر، فقال إن quot;القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي يحمل بصمات رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي، هو قرار إشكينازي بامتيازquot;، معرباً عن أسفه quot;لانقسام اللبنانيين حول كلام اشكينازي وحول شهود الزورquot;.

وذكر أرسلان أن quot;أشكينازي بادر إلى القول إن القرار الظني سيصدر وسيتهم المقاومة وتتدفق شلالات الدماءquot;، مستغرباً quot;كيف أننا كلبنانيين ننقسم حول كلام أشكينازي، وأن ننقسم في ما بيننا حول زهير الصديقquot;. وأشار أرسلان إلى أنه quot;على الرغم من التصريح التاريخي للرئيس سعد الحريري إلى صحيفة quot;الشرق الأوسطquot;. فهناك من يسيء للحريريquot;.

من جهته، كرر رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل القول quot;لن نقبل بإلغاء المحكمة، ولكن حتى لو تمّت محاكمة ما يسمى بشهود الزور، وشكّلت أي محكمة ثانية، فقناعتي أن الوضع سيبقى على حاله لأن الانقلاب مستمر على كل مؤسسات الدولة، وعلى النظام اللبناني. والأخطر من كل ذلك، أن هذا المأزق اللبناني المفتعل يتم في وضع تغلي فيه المنطقة كلها وهي تمر في مرحلة إعادة النظر في الكياناتquot;. كلام الجميل جاء في مؤتمر صحافي عقده هو الآخر ظهر اليوم في مقر الحزب في الصيفي في وسط بيروت.