لم تستبعد أوساط سياسية لبنانية أن يكون السبب في تغيير رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري موقفه بشأن قضية شهود الزور له علاقة باللقاء الذي جمع الحريري مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق الأسبوع الماضي.

حتى قبل ساعات قليلة من إقرار رئيس الحكومة سعد الحريري ، وللمرة الاولى ، عبر حديث أدلى به الى صحيفة quot;الشرق الاوسطquot; اليوم ، بوجود شهود زور قاموا بتضليل التحقيق في جريمة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري كان الوزير السابق النائب الدكتور أحمد فتفت ممثل كتلة المستقبل النيابية في المكتب السياسي لتيار المستقبل وأحد ابرز القريبين من الرئيس الحريري يتحدث في مقابلة تلفزيونية اجرتها معه محطة quot;نيو.تي.فيquot; معلناً ان موضوع شهود الزور لا يمكن الاقرار به طالما ان القرار الظني لم يصدر بعد حيث يتبين عندئذ ما اذا كان هناك مثل هؤلاء الشهود أم لا .

وما قاله فتفت ردده كثيرون قبله سواء من نواب ومسؤولين في quot;تيار المستقبلquot; ام من نظرائهم الذين ينتمون الى فريق 14 آذار . وهم فعلوا ذلك على مدى سنوات اثر اغتيال الرئيس الحريري وواجهوا في نظريتهم هذه الحملة التي قادها أخيراً حزب الله وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله مطالباً القضاء اللبناني بوضع يده على هذا الملف لمعرفة من صنع وفبرك وموّل هؤلاء الشهود من منطلق ان اماطة اللثام عن هذه القضية يؤدي حتماً الى معرفة من قتل الرئيس رفيق الحريري . وقد وفق الحزب عبر وزيريه في الحكومة محمد فنيش وحسين الحاج حسن مدعوماً من وزراء المعارضة بتكليف مجلس الوزراء وزير العدل ابراهيم نجار لإعداد مطالعة بهذا الخصوص حتى يبنى على الشيء مقتضاه .

كلام الحريري هذا جاء quot;مدوياًquot; على حد وصف وزير بارز في المعارضة الذي توقع ان يبدل الكثير في المشهد السياسي الحالي خصوصاً بعد احداث quot;برج ابي حيدرquot; وما رافقها من سجال حاد بين quot;تيار المستقبلquot; وحزب الله شارك فيه الحريري ونصر الله قبل ان يوفق سعاة الخير وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ، بتشجيع ومتابعة من الجانبين السوري والسعودي ، في تهدئة الخواطر والنفوس بين الرجلين تمهيداً للقاء يعقد بينهما يعيد وصل ما انقطع ويؤسس لمرحلة جديدة بعد quot;التحول المفاجئquot; الذي طرأ على موقف الحريري من شهود الزور ، وهو الموقف الذي ترى فيه اوساط سياسية متابعة بأنه شكل إرباكاً وخلط أوراقا لا داخل تيار المستقبل فحسب بل لفريق 14 آذار مجتمعاً .

وفيما تسعى الاوساط السياسية المتابعة لكشف quot;اللغزquot; الذي حدا بالحريري الى quot;الانقلابquot; على مواقفه السابقة والمتعلقة بشهود الزور ، وهو الذي سبق له ان رد على المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد الساعي لمحاكمة شهود الزور بأن quot;يدق رأسه في لاهايquot; لتحقيق هذه الغاية ، فانها بالتالي لا تستبعد ان يكون للسحور الدمشقي الذي جمعه مع الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي تأثيره في هذا الموضوع خصوصاً ان لدمشق quot;ثأراً خاصاًquot; من شهود الزور الذين وضعوها في دائرة الاتهام في جريمة اغتيال الحريري على مدى السنوات الأربع الماضية قبل ان تبرأ ساحتها نتيجة لاكتشاف حقيقة هؤلاء الشهود وهذا ما اعترف به الرئيس الحريري في حديثه الصحافي بقوله quot;حكي الكثير عن موضوع شهود الزور . هناك اشخاص ضللوا التحقيق وهؤلاء ألحقوا الأذى بسوريا ولبنان . وشهود الزور هؤلاء خربوا العلاقة بين البلدين وسيسوا الاغتيالquot; .

وبعبارات بالغة الدلالة وتعبر عن عملية نقد ذاتي وشجاعة الاعتراف بالخطأ قال الحريري ان quot;على المرء ان يكون واقعياً في هذه العلاقة (السورية اللبنانية) لبنائها على اسس متينة . كما عليه ان يقيّم السنوات الماضية حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة . ومن هنا نحن أجرينا تقييمنا لأخطاء حصلت من قبلنا مع سوريا ، ومست بالشعب السوري ، وبالعلاقة بين البلدين (..) نحن في مكان ما ارتكبنا أخطاء ففي مرحلة ما اتهمنا سوريا باغتيال الرئيس الشهيد وهذا كان اتهاماً سياسياًquot; .

على وقع هذه الكلمات الصريحة والجريئة تترقب الاوساط السياسية المتابعة ما سيصدر عن quot;حزب اللهquot; بشأنها في وقت يعمل الأخير على طي صفحة أحداث quot;برج أبي حيدرquot; وما خلفته من تداعيات اليمة ليركز جل اهتمامه على قضية شهود الزور التي منحها الحريري كما ترى الاوساط المذكورة دفعاً لم يكن في الحسبان وان كان اعلن من قبل انه وحده يختار التوقيت الذي يراه مناسباً لقول ما يريده سواء في ما يتعلق بالمحكمة الدولية او في غيرها من الأمور والشؤون التي تعني الوطن ...