تؤكد سوريا ان إلتزامها الصمت حول الوضع اللبناني يرجع لحرصها على المضي في جهود إنهاء حال التوتر بين جميع الأطراف.
في حديثه التلفزيوني الذي أدلى به الى محطة quot;ال.بي.سيquot; مساء الخميس الماضي قال الوزير السابق رئيس quot;تيار المردةquot; النائب سليمان فرنجية في معرض تناوله لموضوع ما يسمى بـ quot;شهود الزورquot; واستياء قوى 14 آذار بصورة عامة و quot;تيار المستقبلquot; بشكل خاص من تهديدات المدير العام السابق للأمن العام جميل السيد لرئيس الحكومة سعد الحريري، بأن الرئيس السوري بشار الأسد مدين للضباط اللبنانيين الأربعة وهم الى السيد المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي علي الحاج ومدير المخابرات السابق في الجيش اللبناني ريمون عازار ورئيس الحرس الجمهوري السابق مصطفى حمدان الذين أودعوا السجن اربع سنوات بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل ان تطلق المحكمة الدولية الناظرة في هذه الجريمة سراحهم بعد ثبوت براءتهم والتأكيد على انهم كانوا ضحية شهادات كاذبة ادلى بها quot;شهود زورquot;.
واوضح فرنجية ان هؤلاء الضباط وفي مقدمهم السيّد رفضوا الاذعان لاغراءات لجنة التحقيق الدولية التي عرضت عليهم الاقرار بضلوع سوريا في عملية الاغتيال المذكورة مقابل الافراج عنهم وتأمين حمايتهم، في وقت كانت فيه دمشق تتعرض لعملية حصار سياسي دولي وعربي يهدف الى اضعافها وعزلها. لذلك فان الأسد لن ينسى لهؤلاء الضباط الشهامة التي تحلوا بها وآثروا البقاء خلف القضبان مع ما يعني ذلك من اذى كبير معنوي وجسدي لحق بهم وبعائلاتهم، على الادلاء بافادة كاذبة يدينون فيها سوريا. كما ذكر فرنجية انه بقدر ما يفي الرئيس الحريري بهذا الدين بقدر ما يريح الرئيس السوري.
كلام فرنجية عن quot;الدينquot; هذا جاء في معرض رده على سؤال محاوره مرسيل غانم ما اذا كانت لمواقف السيّد quot;الهجوميةquot; التي ادلى بها في مطار رفيق الحريري الدولي علاقة باستقبال الرئيس السوري له قبل توجهه الى فرنسا لمعرفة رد المحكمة الدولية على طلبه الحصول على المستندات الموجودة لديها المتعلقة بـ quot;شهود الزورquot; والذي ابلغته فيه صلاحيتها النظر في هذه المسألة واستعدادها للتجاوب مع طلبه.
واذا كان فرنجية ابدى اعتراضه على ما جرى في المطار الا انه وفي موضوع المحكمة ذهب الى حد المطالبة بالغائها من منطلق ان استمرارها قد يؤدي الى حرب داخلية سلاحها الفتنة السنية ndash; الشيعية، وبدا في موقفه هذا متقدماً على رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي كان أحد أبرز المطالبين بالمحكمة الدولية والعاملين لها يوم كان يتقدم صفوف 14 آذار، فاذ به وبعد quot;الاستدارة quot; المعروفة يقترح quot;الاتفاق الجماعيquot; شرطاً للتعامل معها وغض النظر عنها اذا اقتضى الأمر، وصولاً الى قوله أمس quot;ليتها لم تكنquot; وذلك في سياق خطابه الذي القاه بمناسبة تكريمه السفير الروسي لدى لبنان سيرغي بوكين وحذر فيه من ان القرار الظني سيؤدي بالباحثين عن العدالة والمقاومة الى الأزقة والزواريب الضيقة.
ما قاله فرنجية عن الغاء المحكمة كان محل متابعة دقيقة من قبل اوساط حكومية وسياسية، خصوصاً ان صاحب هذا القول كان بدوره في ضيافة الأسد قبل ايام برفقة نجله طوني هذه المرة. وثمة من ربط بين هذه الزيارة والموقف السوري من المحكمة الا ان قياديين في 14 آذار استبعدوا ذلك كما فعل منسق الأمانة العامة لهذه القوى النائب السابق فارس سعيد بقوله في حديث تلفزيوني صباح أمس ان سوريا، خلافاً لحزب الله، تعترف بالمحكمة والدليل اعلان قيادتها اكثر من مرة انه في حال ثبوت اتهام احد المواطنين السوريين بجريمة اغتيال الرئيس الحريري فانها ستتعامل معه على اساس ارتكابه الخيانة العظمى. الا ان سعيد وفي جانب آخر من الحديث قال ان وحده العالم بالغيب بامكانه معرفة حقيقة الموقف السوري من المحكمة وحزب الله وحكومة الحريري.
وبغية الحصول على صورة اكثر وضوحاً للتوجه السوري بشأن المحكمة وما يثار في لبنان حول قضية quot;شهود الزورquot; راحت الاوساط الرسمية والسياسية تترقب ما سيصدر عن رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون بعد الزيارة العائلية التي قام بها هو الآخر الى دمشق اول من امس بدعوة من الرئيس الأسد فجاءهم الجواب على لسان quot;الجنرالquot; الذي كرر، امس لدى زيارته منطقة جزين، تمسكه بمحاكمة شهود الزور والتشكيك بعدالة المحكمة والمجتمع الدولي الذي لفق رواية حيازة العراق لاسلحة الدمار الشامل ليبرر احتلاله له على حد قوله، ليلاقي بهذا الطرح المخاوف التي اعرب عنها جنبلاط في حضور السفير الروسي من دخول المحكمة الدولية في لعبة الامم.
لكن ورغم ما صرح به فرنجية وعون وقبلهما اللواء السيد القادمون حديثاً من العاصمة السورية هل يمكن الجزم بأن ما عبر عنه هؤلاء يترجم ما يجول في خاطر المسؤولين السوريين ازاء quot;مواضيع الساعةquot; المطروحة في لبنان والتي هي موضع خلاف واسع بين فريقي الأكثرية والمعارضة وفي طليعتها مسألة المحكمة الدولية وتوابعها..؟
أوساط سورية متابعة تجيب عن هذا السؤال موضحة ان التزام دمشق الصمت مرده حرصها على عدم quot;صب الزيت على النارquot; والمضي في الجهود المبذلة لانهاء حال التوتر بين جميع الاطراف بما يضمن امن لبنان واستقراره ويعزز مسيرة الوفاق بين ابناء الشعب اللبناني كما جاء في البيان السوري المقتضب الذي صدر إثر استقبال الرئيس الأسد للعاد عون والوزير جبران باسيل. الا ان هذه الاوساط وفي معرض حديثها عن المحكمة الدولية التي اعلنت دمشق منذ انشائها ان لا شأن لها بها واعتبرتها مسألة تخص اللبنانيين، أكدت ان هذا لا يعني عدم متابعتها لما يثار حولها خصوصاً قضية quot;شهود الزورquot; الذين ضللوا التحقيق ووجهوا أصابع الاتهام بافتراءاتهم نحو سوريا التي كانت على مدى سنوات الأكثر تضرراً من هذا العمل.
وترى هذه الاوساط ان هذا الموضوع يعني دمشق بقدر ما يعني بيروت ان لم يكن أكثر، لذلك من الضروري المضي به حتى النهاية لمعرفة من يقف وراءهم ومحاكمتهم علهم يظهرون طرف الخيط الذي يؤدي الى حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري.
وفي معرض تعليقها على كلام النائب فرنجية عن quot;دينquot; الأسد للضباط الأربعة ذكرت هذه الاوساط ان القيادة السورية معروف عنها الوفاء وتقدير كل من يؤازرها خصوصاً في اوقات الشدة وهذا ما فعله الضباط الأربعة رغم المعاناة الكبيرة التي مروا بها.
وفي هذا الاطار استعادت اوساط لبنانية مطلعة ما سمعته من مراجع سورية عن ان اللواء الركن رستم غزالي الذي تعرض لأعنف الحملات من قبل فريق الأكثرية في لبنان إثر اغتيال الرئيس الحريري واتهم مع الضباط الأربعة بارتكاب هذه الجريمة تلقى بدوره عرضاً quot;مغرياًquot; من احد المحققين الدولين خلال مثوله امامه في فيينا العام 2006 يقضي بتسهيل لجوئه الى سويسرا واسكانه وعائلته في quot;فيلاquot; فسيحة وتأمين سبل العيش الرغيد له، الا ان غزالي نهر صاحب العرض قائلاً quot;ان كنوز الدنيا كلها لا تعوض ذرة تراب من بلديquot;.
وتلفت الاوساط اللبنانية المطلعة ان عبارات غزالي هذه وصلت اصداؤها الى مسامع الرئيس الاسد الذي رد التحية بأحسن منها فرقي قائلها وهو من شغل رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية اثناء وجودها في لبنان من رتبة عميد الى رتبة لواء وأوكلت اليه رئاسة جهاز الأمن في دمشق وريف دمشق.
التعليقات