تعقد غدا في لاهاي جلسة علنية للبت في طلب اللواء الركن جميل السيد المدير العام السابق للأمن العام في لبنان الحصول على الوثائق والمستندات المتعلقة بشهود الزور الذين اتخذ رئيس المحكمة الأول القاضي الالماني ديتلف ميليس من اقوالهم وإفاداتهم ذريعة لتوقيف السيد ورفاقه الضباط الثلاثة الذين أوقفوا ثلاث سنوات وتسعة أشهر في سجن رومية.

تتجه أنظار اللبنانيين غداً الى مقر المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لاهاي، حيث تعقد جلسة علنية عند الساعة الثالثة بتوقيت بيروت للبت في طلب اللواء الركن جميل السيد المدير العام السابق للأمن العام في لبنان الحصول على الوثائق والمستندات المتعلقة بشهود الزور الذين اتخذ رئيس المحكمة الأول القاضي الالماني ديتلف ميليس من اقوالهم وإفاداتهم ذريعة لتوقيف السيد ورفاقه الضباط الثلاثة الآخرين اللواء الركن علي الحاج المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي، والعميد ريمون عازار المدير السابق لمديرية المخابرات، والعميد مصطفى حمدان القائد السابق للواء الحرس الجمهوري. وكان هؤلاء الضباط امضوا ثلاث سنوات وتسعة أشهر قيد التوقيف في سجن رومية الى ان اطلق سراحهم في شهر مايو ndash; أيار العام الماضي في الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة الدولية بعد تشكيلها في لاهاي واعلنت خلالها براءة الضباط من كل ما نسب اليهم من اتهامات وافتراءات.

وتأتي الجلسة العلنية الثانية التي تعقدها المحكمة غداً لتشكل منعطفاً مهماً في خط سير هذه المحكمة والذي سيتبين من خلالها المنحى الذي سيتخذه التحقيق في جريمة الاغتيال وسط أنباء ومعلومات تتردد عن وجود اتجاه لديها بإصدار قرارها الظني في الخريف المقبل متضمناً اتهامات لعناصر من quot;حزب اللهquot; بالمشاركة في الجريمة في وقت ينفي فيه الحزب وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله أي علاقة له بالجريمة المذكورة محذراً من إقحامه فيها وتبعات ما قد ينتج من ذلك، علماً انه أبدى تجاوباً مع طلبها الاستماع الى افراد في الحزب كشهود معبراً في ذلك عن رغبته في التعاون معها شرط الا تنحرف في عملها عن الأصول التي عليها اعتمادها والتي تجعل منها محكمة حرة ونزيهة وعادلة، لا ان تتحول الى اداة ضغط في يد جهات دولية معينة لتشويه الحقائق وتزويرها لهدف الضغط على هذا الطرف أو ذاك كما حصل طيلة السنوات السابقة حيث وجهت اصابع الاتهام الى سوريا ثم عدلت عن ذلك فيما بعد.

هذا ويعد انعقاد جلسة المحكمة الدولية غداً انتصاراً أولياً للواء السيد بعد محاولاته الحثيثة لاقامة الدعوى في لبنان واخفاقه في ذلك نتيجة اعلان السلطات القضائية في بيروت عدم صلاحيتها النظر في هذه القضية بعد ان انتقل الملف برمته الى لاهاي. وكان السيد قد حمل بعنف اكثر من مرة على عدد من كبار المراجع القضائية في لبنان مطالباً بمحاكمتهم متهماً اياهم بالحؤول دون اطلاق سراحه رغم تلقيهم تقارير من رئيس المحكمة الدولية السابق البلجيكي سيرج برامرتز وخلفه القاضي دانيال بيلمار تفيد بصلاحية الجانب اللبناني النظر في قضية الضباط الأربعة ورفع اي تحفظ من قبلها على ابقائهم قيد التوقيف.

وقد أدى الرفض اللبناني لطلب السيد الى لجوء الأخير الى فرنسا أولاً ثم الى سوريا قبل الوصول الى لاهاي أخيراً.
ففي باريس تمكن السيد من جعل القضاء الفرنسي يصدرمذكرات لاستجواب كل من المدير السابق للمخابرات اللبنانية العقيد جوني عبدو، والقاضي ديتليف ميليس ومساعده غيرهار ليمان بتهمة المشاركة في فبركة شهود الزور. وفي دمشق وانطلاقاً من الاتفاق القضائي المبرم بين لبنان وسوريا والمعدل في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري رفع السيد دعوى امام المحقق الأول فيها متهماً كلا من نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام وشهود الزور السوريين الثلاثة زهير الصديق الملقب بـ quot;الشاهد الملكquot; وهسام هسام وإبراهيم جرجورة الادلاء بشهادات مزورة ضده وتضمنت الدعوى اسماء عدد من الشخصيات اللبنانية بينهم وزيران سابقان ونائب حالي وقيادات أمنية وعسكرية وقضائية ومستشارون واعلاميون. وقد بعث القضاء السوري الى نظيره اللبناني باستنابات يطلب فيها حضور الاشخاص الواردة اسماؤهم في الدعوى للاستماع الى افاداتهم الا ان بيروت ردت هذه الاستنابات الى مصدرها الذي اعاد ارسالها من جديد مؤكداً طلبه الأول وملوحاً بمحاكمة المدعى عليهم غيابياً بعد ابلاغهم لصقاً على ابواب قصر العدل في سوريا.

واذا كانت دعويا السيد في باريس ودمشق تسيران ببطء فان ما حققه أخيراً في لاهاي يعد انتصاراً بكل ما تحمله الكلمة من معنى في مجريات القضية معرض البحث. فبعد مراسلات عدة استمرت أشهراً بين السيد والقاضي بيلمار المعترض على طلب الأول الحصول على المستندات الخاصة بشهود الزور قرر قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين عقد جلسة خاصة للمحكمة بعد ظهر غد للفصل بين طلب السيد واعتراض بيلمار، حيث من المقرر ان يدلي كل واحد منهما بمطالعة لا تتعدى الوقت المخصص لها وهو ثلاثون دقيقة، وفي تصريح ادلى به اللواء السيد لـ quot;إيلافquot; قبل توجهه الى لاهاي قال ان عدم استجابة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري لمناشدته لهما عرض شكواه أمام المحاكم اللبنانية خدمه وجعله يتوجه الى لاهاي خصوصاً بعد قول الحريري quot;ان على من يود البحث في قضايا تخص المحكمة الدولية ان يدق رأسه في لاهايquot;. وأكد السيد انه يعمل بنصيحة الحريري لافتاً الى ان حصوله على الوثائق الخاصة بشهود الزور من شأنه ان يغير الكثير من مجريات الأمور في لبنان بما في ذلك ادانة طاقم سياسي بأكمله.

وإذا ما اخفق في ذلك فهذا دليل على ان التسيس يتحكم في عمل هذه المحكمة التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها في وضع محرج سواء تجاوبت مع طلبه أو رفضته.