رغم انشغال اللبنانيين بوفاة العلامة محمد حسين فضل الله إلا أن الأحداث التي شهدها الجنوب في الأيام الأخيرة وما رافقها من صدامات بين اهالي البلدات وقوات اليونفيل تتسيّد الموقف،حيث تبدي اوساط سياسية مخاوفها من اتساع رقعة الخلاف بين وجهتي النظر اللبنانية والفرنسية حول صلاحيات القوات الدولية.

بيروت:لم تحل وفاة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله وانشغال المسؤولين والاوساط السياسية والشعبية بتقديم واجب العزاء والمشاركة في تشييع الراحل الكبير الى مثواه الأخير، دون الاهتمام بتداعيات الأحداث التي شهدها الجنوب في الايام القليلة الماضية وما رافقها من مواجهات وصدامات بين اهالي عدد من البلدات والقرى الجنوبية وبين قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) اثناء قيام الأخيرة بمناورة quot;تحاكي فيها احتمال حصول هجوم صاروخي من لبنان على اسرائيلquot; كما جاء في تفسيرها وما يشكله ذلك من حساسية لدى ابناء هذه المنطقة الذين ينظرون الى quot;اليونيفيلquot; كقوة حماية لهم من اعتداءات اسرائيلية عليهم.

واذا كانت مسارعة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى معالجة الموقف يوم الأحد الماضي رغم العطلة الأسبوعية وظهوره في القصر الجمهوري متخلياً عن ربطة العنق ومجتمعاً الى وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي ومن ثم الى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قد اعطت ثمارها بتخفيف حدة التوتر الناشئ بين قوات quot;اليونيفيلquot; وسكان قرى جنوبية اعترضوا طريقها وحالوا دون إتمامها المناورة المذكورة ومسارعة حزب الله الى انتقاد اداء هذه القوات خصوصاً الوحدة الفرنسية فيها ، فان زيارة قائد الجيش غير المعلنة الى الجنوب امس وعقده لقاء مطولاً مع قائد قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان الجنرال الاسباني ألبرتو أسارتا أعاد الأمور الى نصابها وجرى التركيز على مسألة واحدة عنوانها تفسير ما طالبت به هذه القوات أخيراً من quot;حرية في التحركquot; على حد قولها.

وذكرت أوساط مطلعة على أجواء الاجتماع بين قهوجي وأسارتا ان كلاً من القائدين العسكريين عرض وجهة نظره بصراحة وأكدا حرصهما على التعاون والتنسيق واعتمادهما اساساً لعمل هذه القوات المحدد بمؤازرة للجيش اللبناني كما جاء في القرار الأممي 1701.

وفيما وصف قهوجي وأسارتا ما حصل في الجنوب بأنه ليس أكثر من quot;إشكالات عابرة يتم تجاوزها ووضع حد لها ترسيخاً للهدوء والاستقرار في المنطقة وتعزيزاً للنشاطات الانمائية المشتركةquot; لفت كلام للأول خلال جولته على الوحدات العسكرية اللبنانية المنتشرة في الجنوب أكد فيه quot;إن القوات الدولية على تعدد جنسياتها انما ترتبط بالامم المتحدة بكل ما يتعلق بمهمتها ولا تنعكس عليها المواقف السياسية التي قد تصدر عن بعض الدول التي تنتمي اليهاquot;.

وفي رد غير مباشر على المطلب الفرنسي بحرية الحركة وما صدر عن الخارجية الفرنسية من مواقف ذهبت الى حد إجازة استخدام القوة أمام من يحاول منعها من اداء المهمة التي عهد اليها بها قال قهوجي quot;ان لبنان متمسك بالقرار 1701 مع المحافظة على قواعد العمل التي ينص عليهاquot;.

واذا كان التباين بدا واضحاً في قراءة كل من لبنان وفرنسا للقرار 1701 والصلاحيات التي يمنحها لقوات quot;اليونيفيلquot; في الجنوب حيث يرى الفرنسيون ان هناك حرية مطلقة لهذه القوات على الأرض، فيما يرفض الجانب اللبناني هذا المنطق بالتشديد على ضرورة التنسيق المسبق معه، تبدو الحكومة اللبنانية متجهة الى إيلاء هذا الموضوع عنايتها في الجلسة التي تعقدها بعد غد الخميس في قصر بعبدا حيث يتوقع ان تعلن موقفاً حاسماً بهذا الشأن.

هذا وتبدي اوساط سياسية متابعة مخاوفها من اتساع رقعة الخلاف بين وجهتي النظر اللبنانية والفرنسية بعد ان ادخلت باريس عاملاً جديداً اليه تمثل بربطها ما حدث في الجنوب أخيراً بما وصفه مصدر فرنسي لصحيفة quot;السفيرquot; اليوم بـ quot;الرياح الساخنة لاستحقاق المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي بدأت تهب على المنطقة بأكملهاquot; عازياً التوتر مع القوات الدولية في الجنوب اللبناني إلى أنه يمثل أحد منافذه الطبيعية.

ويأتي الكلام الفرنسي تتمة لتصريحات لبنانية اطلقت إثر وقوع الاحداث الأخيرة في الجنوب على لسان عدد من قيادات ونواب ينتمون الى قوى 14 آذار كان أخيرهم النائب انطوان زهرة عضو كتلة quot;القوات اللبنانيةquot; الذي ربط كل ما حصل في الجنوب باقتراب موعد صدور القرار الظني عن المحكمة الدولية حيث استعار العبارة المعروفة ليقول quot;انها المحكمة يا عزيزيquot;.

ووسط جو الحزن الذي يخيّم على لبنان إثر رحيل السيد محمد حسين فضل الله راح البعض يبحث في اقواله متوقفاً عند ما أدلى به الى quot;إيلافquot; في الحادي والثلاثين من يوليو ndash; تموز 2009 حيث أبدى تخوفه من quot;تسلل جهات وأدوات تختفي خلف محاور دولية الى مواقع قضائية دولية بغية اختلاق ملف جديد لإحداث فتنة بين السنة والشيعةquot;.

وقال فضل الله quot;أنا لا أثق بالمؤسسات الدولية التي تسيطر عليها الدول الكبرى لا سيما الولايات المتحدة الاميركية، ولا نستطيع ان نثق بوجود عدالة في المؤسسات التي يراد لها ان تحقق العدالة، لأنه من الممكن جداً ان تقحم المصالح الدولية داخلها.

كلام فضل الله هذا جاء بعد مرور أقل من شهرين على نشر المجلة الالمانية quot;ديرشبيغلquot; تقريراً تشير فيه الى دور لحزب الله في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.