عكست زيارة امير قطر للندن انطباعات ايجابية،إذ وصفت لندن الدوحة بالتطلع لمراكز قياديةدولية.


لندن: مع انتهاء زيارة الدولة التي قام بها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبريطانيا في الأيام 26 إلى 28 من الشهر الحالي، سلطت أضواء إعلامية ساطعة على طموحات بلاده العالمية.

وقالت صحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo; في مطلع مقال لها :quot;إن الأمير يبدو في لندن وكأنه في داره الثانية، ولأسباب تتجاوز التاريخية التي تربط بريطانيا بمنطقة الخليج عموما، فهو يملك بعض أهم معالم العاصمة البريطانية، مثل متجر laquo;هارودزraquo;، والمجمع السكني الفاخر العروف باسم laquo;1 هايد باركraquo;، وثكنات تشيلسي، وقسم من الكناري وورف، ومبنى السفارة الأميركية في غروفنر سكوير، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.

وأشارت الصحيفة الى روابط أخرى تجمع الشيخ حمد بالمؤسسة البريطانية، منها أنه نفسه تلقى شهادة كلية ساندهيرست العسكرية المعروفة عالميا، وأن ابنه تعلم في مدرسة شيربون، وأن للأسرة دارا ريفية في دورسيت، حيث توجد المدرسة التي أحبها الأمير، لدرجة انه اسس لها فرعا في قطر.

لكن موضوع الصحيفة يتخذ من الشيخ حمد منطَلقا الى طموحات بلاده - على صغرها - الى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية ضاربة. ولتقريب الصورة، فقد أوردت الصحيفة ان قطر أغنى من المملكة العربية السعودية على الأقل، عند النظر الى مستوى دخل الفرد السنوي.

وليس هذا فحسب بل أن قطر تنافس لوكسومبورغ الآن على المركز الأول في قائمة الدول صاحبة أعلى معدلات دخل للفرد. ومع أن قطر تستمد ثراءها من الثروة النفطية والغاز، مثل بقية دول المنطقة، فالفارق بينها وبين هذه الدول هو الاستثمارات التي وفرت لها سيولة نقدية تقارب 100 مليار دولار.

ويأتي هذا امتدادا لتقرير كانت مجلة laquo;ايكونوميستraquo; قد قالت فيه إن اقتصاد قطر laquo;يجعل اقتصاد الصين نفسه وكأنه يحبوraquo;. فبنهاية العام الحالي يتوقع أن يكون اقتصادها، تبعا لأحد التقديرات، قد نما بنسبة لا تقل عن 23 في المائة وقد تزيد عنها. وهذا بعدما نما العام الماضي بواقع 10 في المائة والعام سابقه بـ13 في المائة.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن إجمالي الناتج المحلي للفرد ارتفع خلال السنة المنصرمة في قطر الى 84 ألف دولار. ويتجاوز هذا كثيرا الرقم الأميركي وهو 46 ألف دولار، اي قرابة ضعفه، والبريطاني وهو 35 ألفا، أي أكثر كثيرا من ضعفه. كما انه يقزّم نظيراته وسط الدول العربية بما فيها الثرية مثل الكويت في المركز الثاني (38 ألف دولار) والمملكة العربية السعودية (23 ألفا). وقارن هذا بذيل قائمة صندوق النقد المؤلف من زمبابوي والكونغو بواقع 355 دولارا و332 دولارا فقط للفرد على التوالي.

وبالنظر الى أن القطريين أنفسهم لا يتعدون 300 ألف نسمة من بين 1.7 مليون هم سكان البلاد، فإن هذه قصة نجاح لا مراء فيها، وتقف خلفها أربعة أسباب هي: أولا، قطر هي أكبر منتج ومصدّر للغاز الطبيعي المُسال. ثانيا، الطاقة الهائلة التي يتمتع بها أمير البلاد حمد بن خليفة آل ثان وعقيلته الشيخة موزة. ثالثا، سياسة البلاد الخارجية المستقلة ونشاطها الدبلوماسي الذي يجعل منها دينامو محركا للأحداث في الشرق الأوسط. وأخيرا فضائية laquo;الجزيرةraquo;.

وتبعا لديلي تليغراف فقد فتحت laquo;الجزيرةraquo;، وهي أكبر الفضائيات والقنوات نفوذا وتأثيرا في العالم العربي، آفاقا جديدة لإعلام المنطقة المقيد بالرقابة. وأشارت الى سوابق أخرى تميزت بها قطر مثل تقاربها مع ايران الذي أثار جدلا مشابها لذلك الذي صاحب سماحها لإسرائيل بفتح مكتب تجاري لها على أراضيها مع انع أقفل بعد اجتياحها غزة العام الماضي. وربما كانت هذه الخطوات الجريئة هي التي هيأت لقطر مكانتها كمنبر اقليمي بارز للرأي والحوار أثمر، بين أشياء أخرى، اتفاق وقف إطلاق النار في دارفور العام الماضي ايضا.

وبالطبع فإن الصحيفة لا تهمل الحديث عن عقيلة الأمير، الشيخة موزة، وجهودها الريادية، محليا ودوليا، في مجال تحرير المرأة العربية عبر التعليم وفي المجال الثقافي عموما. وأشارت الى أنها تزوجت الشيخ حمد عندما كانت طالبة جامعية، وأنها لا تمانع في تسليط الأضواء الإعلامية على زياراتها الخارجية في تباين واضح مع سيدات المنطقة الأوليات الأخريات.