هدم لمنشأت في منطقة الأغوار

ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة الإعتداءات على المساجد في الضّفّة الغربيّة، وقد طالت عمليّات الهدم مسجدًا في الأغوار إلى جانب عشرات المنازل لمواطنين فلسطينيّين، ويأتي ذلك في وقت تفاوض الولاياتالمتّحدةالحكومة الإسرائيليّة من أجل وقف الإستيطان لاستئنافعملية السلام.


بيت لحم: شهدت الضفة الغربية أخيرًا العديد من الإعتداءات على المساجد سواء من قبل القوات الإسرائيلية أو المستوطنين، فقد هدم الجيش الإسرائيلي المسجد الوحيد في قرية يرزا، بمنطقة الأغوار الشمالية شرق مدينة طوباس، شمال الضفة الغربية، بإدعاء أن المبنى شيد دون ترخيص، رغم ما يملكه سكان البلدة من أوراق رسمية تثبت وجود هذا الصرح الديني منذ عام 1967.

وأوضح أهالي البلدة لـquot;إيلافquot; أن 120 جنديًا معززين بآليات عسكرية مدعومة بجرافات، اقتحموا القرية، معلنين إياها منطقة عسكرية مغلقة، ومُنع سكانها من التجوال، في حين شرعوا بهدم المسجد. وذلك بعد قيام أهالي البلدة بتوسيع مساحة المسجد، وبناء غرفتين إضافيتين ليتمكن المصلون من الصلاة بداخله بعد ما ضاقت المساحة القديمة بهم.

الهدم يطال الأغوار

وأدان مروان الطوباسي محافظ طوباس والأغوار، عمليات الإعتداء على المواطنين ومساكنهم ووسائل عيشهم في الأغوار الفلسطينية، رافضا في حديث مع quot;إيلافquot; quot;ذرائع الإحتلال بأن الهدم يأتي لكون هذه الأماكن غير مرخصةquot;، موضحًا أن مناطق الأغوار الفلسطينية تتعرض منذ سنوات لعدد من العمليات العسكرية الإسرائيلية فهناك أكثر من 130 مسكنًا هدموا منذ أواخر العام الماضي في المنطقة الشمالية والجنوبية من الأغوار، بهدف تهويد المنطقة وإخلائها من السكان.

وأكد الطوباسي أن 70% من عمليات الهدم الإسرائيلية التي طالت الضفة الغربية منذ سنوات عدة حصلت في منطقة الأغوار، قائلاَquot; نحن نعمل على بناء كل ما يهدمه الإحتلال، وفتح العديد من المشاريع في المناطق المدمرة بفعل المحتلquot;.

وأخطرت السلطات الإسرائيلية عشرات الموطنين في الأغوار بهدم منازلهم وبيوت الشعر، كما صعّدت القوات الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية من ملاحقتها للمزارعين الفلسطينيين بحجة التدريبات العسكرية.

تشويه المنطقة

يقول مراقبون إن السِّياسات الإسرائيلية لم تكتف بهدم المنشآت السكنية، فالتدريبات العسكرية في منطقة الأغوار تحولها إلى معسكرات للجنود، كما أن هدم الصروح الدينية الإسلامية والمسيحية يأتي بهدف تحويلها إلى مكان مشوه فكريًا وثقافيًا ودينيًا، مما يضيق الخناق على الفلسطينيين أكثر وأكثر، ويدفعهم إلى هجرة ثالثة.

مخطط فصل الأغوار

كما رأى الطوباسي في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; في الضفة الغربية، أن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية وخصوصًا في الأعوام الأخيرة، يهدف إلى فصل الأغوار، وباقي مدن الضفة الغربية عن بعضها البعض، وتحويلها إلى كنتونات عسكرية محدودة التواصل، مما يمنع ويحد من قيام الدولة الفلسطينية، وهو يرى أن quot;منطقة الأغوار تعد الموقع الأكثر استراتيجية في الضفة الغربية لإسرائيل، والتي ستشكل أو من المتفترض أن تشكل في المستقبل حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية مع الأردن (الضفة الشرقية)quot;.

تشكل منطقة الأغوار ثلث مساحة الضفة الغربية أي 28,5% منها، وهي سلة الغذاء الزراعية والبوابة الشرقية لفلسطين ومنطقة استراتيجية تنتهي على طول ضفاف نهر الأردن، التي احتلتها اسرئيل عام 1976، في حين يفرض الفلسطينيون سيطرتهم على 13% من مساحتها للأغراض الزراعية فقط، وهذا ما يثبت التفتت الحاصل بين المدن الفلسطينية بشكل عام وداخل المدينة الواحدة بشكل خاص.

وتسيطر إسرائيل من خلال المستوطنات والمعسكرات والنقاط العسكرية على معظم هذه الأراضي وأهمها مصادر المياه، وترفض التفاوض عليها مع الجانب الفلسطيني، بما في ذلك مفاوضات الحل الدائم.

إحراق مسجد في بيت فجار

وأقدمت مجموعة من المستوطنين اليهود على اقتحام قرية بيت فجار، جنوب مدينة بيت لحم (جنوب الضفة الغربية)، وإحراق quot;مسجد الأنبياءquot; فيها، قبل أسبوعين مما ألحق أضراراَ في المسجد وأرضيته وعددا كبيرا من المصاحف الكريمة الموجودة بداخله. كما قام أفراد المجموعة البالغ عددهم ستة بكتابة شعارات نابية باللغة العربية على جدران المسجد.

وكان هذا الإعتداء محلّ إدانة ورفض من قبل سكان القرية الفلسطينيين، quot;فالإعتداء هذه المرة أصاب ممتلكاتنا الدينيةquot; كما علق أحد أفراد القرية quot;لإيلافquot;.

ونقلا عن مصادر فلسطينية، فقد دنس المستوطنون عدة مساجد أخرى في الضفة الغربية من جنوبها وحتى شمالها، خلال الأشهر الماضية، مما وصف بسلسلة من التحديات القمعية التي تستهدف الأماكن المقدسة، وذلك تعديًا على المجتمع العربي المتدين.

تقرير أممي يرصد عمليات الهدم

وأكد تقرير صادرعن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ''أوتشا''، في القدس قبل يومين، أن إسرائيل كثفت من نشاطها في عمليات الهدم بالضفة الغربية خلال الأسبوعين الماضيين.

ووفق التقرير، الذي وصلت quot;ايلافquot; نسخة منه، فقد هدمت إسرائيل 43 مبنى مملوكًا لفلسطينيين في المنطقة ''ج''، بحجة عدم حصولهم على ترخيص للبناء وهذا ما نتج عنه تهجير 40 شخصًا، وتأثر ما لا يقل عن 180 آخرين، وذلك خلال الفترة من 28 يوليو إلى العاشر من نوفمبر.

يذكر أن أكثر من نصف المباني (22مبنى) كانت خياما نصبتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطة الفلسطينية في مجمع الفارسية في شمال غور الأردن شرق الضفة الغربية، وذلك في أعقاب عمليات الهدم المكثفة التي وقعت قبل أسبوعين، حيث تم هدم 79 مبنى، إضافة إلى خيام اللجنة الدولية.

وهدمت السلطات الإسرائيلية أيضًا عشرة مبان أخرى تتألف من خيام سكنية ومطابخ في منطقة الفارسية، ونتج عن ذلك تهجير 22 شخصا بينهم 11 طفلا. وأشار التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية صنفت هذه المنطقة التي يقع فيها المجمع على أنها منطقة عسكرية مغلقة لأغراض التدريب العسكري، وتمنع الفلسطينيين من البناء عليها وينطبق هذا الوضع على 18% من الضفة الغربية يقع معظمها في غور الأردن.

وأوضح التقرير أن المباني الباقية التي هدمت تقع في مواقع مختلفة وتتضمن خيمتين سكنيتين وحظيرة للماشية وورشة حدادة وثلاث آبار للمياه وسقيفتين زارعيتين، وكشكا لبيع الفاكهة.

كما لفت التقرير إلى صدور ما لا يقل عن 41 أمرا بوقف البناء ضد مبان تقع في مناطق مختلفة في المنطقة ''ج'' بالضفة الغربية، فضلاً عن صدور أوامر إخلاء ضد ستة مبان في منطقة عين الحلوة بطوباس ومدينة الخليل بحجة أنها تقع في مناطق عسكرية. وتسلم 15 مزارعًا فلسطينيًّا يعملون في قطعة أرض زراعية بالقرب من قرية اسكاكا بمحافظة سلفيت أوامر طرد بحجة أن هذه الأراضي مصنفة على أنها ''أراضي دولة''.

إذإنّ الحكومة الاسرائيلية اليوم، تتبع سياسية جديدة تندرج ضمن قائمة ما يخدم أهدافها الرامية إلى إخلاء الأرض من الشعب وتهجير الفلسطينيين، فهي لم تكتفِ بهدم البيوت والمنشآت السكنية، بل هي عازمة حاليًّا على إخلاء التجمعات السّكنية من معالم وأماكن دينية إسلامية أو مسيحية، فالقدس أولاً وغزة ثانيًا والضفة الغربية ثالثًا.