دخلت أكاديميات quot;إسلامياتquot; خط المواجهة في صف رجال الدين السعوديين، معترضات على توصيات منتدى خديجة لتفعيل مشاركة المرأة، حيث ارتأين انه يدعو إلى تغريب الفتاة المسلمة، في وقت ترى فيه الكاتبة السعودية بدرية البشر أنه لا يوجد فقطأكاديميات معترضات على المنتدى،وإنّماهناك أضعافهن مَن يؤيدنه.


الرياض: لم يكن صدى منتدى خديجة بنت خويلد الذي أقيم بمدينة جدة تحت شعار quot;واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنيةquot; في أواخر الشهر الماضي اعتياديًا، بل شهد عودة السجال بين الرافضين والمؤيدين كعادة النقاشات السعودية بين تياراته خصوصًا في ما يتعلق بقضايا المرأة.

فمن مدينة جدة العتيقة التي غالبًا ما تتهم بحياكة مؤتمرات تغريبية وفق ما ذكره الناشط الإسلامي إبراهيم السكران، كان اللقاء المفصلي الذي حرك أقلام المناهضين للمنتدى وتوصياته بل تجاوز ذلك إلى نقد الصيغة الشكلية للحضور على الرغم من التواجد الرسمي من عدد من الوزراء في السعودية.

اعتراض أكاديمي نسائي

آخر الاعتراضات كانت من مجموعة من الأكاديميات السعوديات اللاتي اعترضن على كافة ما حمله المنتدى من أفكار معتبرات أن المنتدى لا يحمل أي تطلع أو طموح للمرأة السعودية المسلمة على وصفهن.

وجاء في البيان النسائي الذي حمل توقيع 37 أكاديمية سعودية وقد دوّنّ فيه أسماءهن وأسماء جامعاتهن، أن المنتدى حمل خروجًا واضحًا عن الشريعة الإسلامية، وطالبن فيه الجهات العليا بإيقافه وعدم إقامته بحكم دعمه لحركة تغريب على الفتيات السعوديات وفق تعبيرهن الاعتراضي.

البشر: خطاب التيار المحافظ تخويني

الكاتبة السعودية بدرية البشر ذكرت خلال حديثها quot;لإيلافquot; أن الاعتراضات هي أحد صور الحراك الاجتماعي، موضحة أن التيار المتشدد لم تعد قراءاته مقنعة بالنسبة إلى جيل المثقفين والشباب الحاليين، كونهم يحاولون أن يبحثوا عن عقلية منسجمة ذات هوية عصرية.

وعن الأكاديميات الـ(37) قالت بدرية البشر أن اعتراضهن هو شيء quot;طبيعيquot; وعلينا أن نحترمه، مشيرة أن مبررات هذا التيار المحافظ هي على الدوام مبررات تؤول وفق نظرهم إلى المؤامرات، معتبرة أن هذا ما يجعله تيار تخويني يشعرون النساء دائمًا بالرهبة.

وأبدت البشر رغبتها في أن يُتاح للأكاديميات اللاتي يوافقن على منتدى خديجة إبداء رأيهن بالقبول بهذه الرؤى التقدمية، معتبرة أن أحد أهم الأسباب التي تجعلهن يبتعدن عن الاجتماع على الرأي الواحد مثل ما يجتمع عليه التيار المحافظ، هو عدم وجود بيئة آمنة تتيح لهم إبداء آرائهن، معللة ذلك أنها إن فعلت فستواجه ضغوطًا من التيارات الدينية المحافظة.

المدونة الشرعية المكتوبة مطلوبة

وعن كيفية تذليل العقبات التي تقف أمام المرأة السعودية، قالت بدرية البشر إن التغيير الاجتماعي يحتاج إلى وقت طويل، معتبرة أن ذلك يعد أمرًا يستطيع المجتمع الصبر على تحقيقه، وأشارت البشر إلى أن الأمر الذي لا يحتمل هو عدم وجود quot;مدونة شرعية مكتوبة تحمي النساءquot; حيث تستطيع المرأة أن تمارس من خلالها حياتها وأسلوب معيشتها.

وتطرقت البشر إلى بعض من النساء اللواتي لا يستطعن إتمام أمورهن الخاصة من أعمال لأنها مرتبطة بكافة أعمالها بالمحرم، مطالبة من الدولة تشريع قوانين واضحة ومحمية من قبلها لحصول النساء على حقوقهن.

اعتراض رجال الدين على المنتدى

الأكاديميات السعوديات لم يكن أول من انتقد واعترض على المنتدى، بل كان لرجال الدين حضور بارز في وقت اعتاد فيه المجتمع أن يرى اعتراضاتهم خصوصًا في أغلب قضايا المرأة السعودية ومواضيعها.

حيث كان الاعتراض الأول من رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق صالح اللحيدان الذي رفض أن يحمل المنتدى مسمى زوجة النبي محمد خديجة، معتبرًا أن في ذلك إساءة إليها. وطالب اللحيدان بإغلاق المنتدى والمركز الذي ترؤسه ابنة الملك عبدالله الأميرة عادلة لما فيه من مخالفة للأمر الملكي بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء.

وفي كلماته التي ألقاها عبر درس ديني، وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي ينتقدها فيه رجل دين آخر من التيار نفسه، انتقد اللحيدان بشدة تواجد رئيس هيئة الأمر بالمعروف بمكة رجل الدين الذي أفتى بعدم حرمة الاختلاط بين الجنسين الدكتور أحمد الغامدي ضمن المتحدثين بالمنتدى النسائي.

ولم تكن لدائرة الاعتراض أن تكتمل دون رجل الدين المثير للجدل الآخر عبدالرحمن البراك الذي قال في بيان اعتراضه على منتدى خديجة، إن المنتدى يعد مخالفة شرعية، معتبرًا أن تسميته بخديجة هو ذنب أكبر مطالبًا بتسميته بمنتدى هدى شعراوي كونه يدعو إلى إفساد المرأة على حد وصفه.

وحملت بعض المنتديات الاليكترونية المعروفة دائمًا بوقوفها ضد كل ما يخص المرأة اعتراضًا ومهاجمة للقائمين على المنتدى الذي رأوا فيه انه مصدر للعلاقات المشبوهة بين الرجال والنساء، ومحاولة للإساءة إلى الإسلام عبر جلب أناس غير متخصصين في الأمور الشرعية.

وعلى الرغم من الأصوات المناهضة خصوصًا من رجال الدين، حفلت بعضا من أعمدة كتاب الرأي دفاعا عن المنتدى والقائمين عليه، معتبرين أنه بداية لتصحيح وضع المرأة والمطالبة بحقها وكرامتها وفق منظور ديني.

وكان المنتدى قد ناقش في ختام نشاطاته العديد من القضايا التي تحفز المرأة على المشاركة بفاعلية للتنمية الوطنية، حيث تحدث وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة ووزير العمل المهندس عادل فقيه، إضافة إلى نائبة وزير التربية والتعليم لتعليم البنات نورة الفايز. حيث أجمعوا على أن كسر العرف السائد بالتمييز ضد المرأة وأن لها الحق في العمل وممارسة الأنشطة مثل ما يمارسه الرجل.

وكان من أبرز توصيات المنتدى الذي حمل حضورًا نسائيًا لافتًا طيلة أيام إقامته، توصية بضرورة إنشاء هيئة عليا تعنى بشؤون المرأة في السعودية، إضافة إلى تفعيل مشاركتها في الغرف التجارية والهيئات المهنية الأخرى، وحملت التوصيات مطالبة بإنشاء لجنة نسائية خاصة لدى منظمة المؤتمر الإسلامي.