وجه المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني انتقادات حادة لتشكيلة الحكومة العراقية الجديدة وقال انها لم تكن بمستوى طموح الشعب العراقي وجاءت ترضية لقادة الكتل السياسية مما سيترك آثاراً سلبية على مقدرة الوزارات في أداء مهامها في هذه المرحلة الحساسة الحالية التي يمر بها الشعب العراقي ودعا السياسيين الى التحلي بالروح الوطنية والابتعاد عن المصالح الشخصية والقومية والطائفية الضيقة.


اكد الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم ان الحكومة الجديدة التي نالت ثقة البرلمان الثلاثاء الماضي والتي اعتمدت من قبل الكتل السياسية لترشيح ممثليهم لشغل الوزارات quot;لم تكن بالمستوى المأمول ولا بمستوى طموح الشعب العراقي بل انه لم يكن متوقعاً بعد أن كانت جميع الكتل السياسية تؤكدّ على ضرورة اعتماد معايير الكفاءة والخبرة والقدرة على الأداء للمهام الوزارية بما يحقق طموحات الشعب العراقي في تقديم الخدمات والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين .. ان نجد إن المعيار الذي اعتمد هو الحرص على إرضاء قياديي هذه الكتل حيث إن عدداً معتداً به من الوزارات قد شغله هؤلاء القياديين فمعيار ومبدأ الإرضاء لقياديي الكتل هو الذي اعتُمِد بدلا ً من المعيار الصحيح الذي ينادي به الجميعquot;.

وقال الكربلائي quot; لاحظنا كثرة وزارات الدولة فهناك عشرة وزراء دولة وهناك 42 وزارة وهي اكبر وزارة عراقية لحد الآن من حيث عدد الوزراء وهذا الأمر سيحمّل الدولة تكاليف باهظة كان يمكن استثمارها لمصالح المواطنين في حين إن بعض الدول المتقدمة لايتعدى عدد وزاراتها 15 وبعضها في أقصى حد 25 وزارة .. وكل هذا العدد الكبير لم يكن له سبب إلا لإرضاء هذه الكتل السياسية على حساب مصالح المواطنينquot; كما نقل عنه موقع quot;نونquot; المقرب من المرجعية من كربلاء. وحذر من ان هذا الأمر سيترك آثاراً سلبية واضحة على مدى قدرة هذه الوزارات على أداء مهامها في المرحلة الحساسة الحالية التي يمر بها الشعب العراقي مما يجعل هذه الحكومة أضعف من الحكومة السابقة ولو إن هذا المبدأ ستعتمده الكتل السياسية أيضاً في تعيين وكلاء الوزارات والمدراء العامين ورؤساء المؤسسات فان ذلك سيفقد بصيص الأمل في إمكانية معالجة هذا الخلل الحاصل في عدم صحة الاختيار والترشيحquot;.

وطالب السياسيين بتجريد انفسهم من quot;ألاناquot; والعمل وفق المصالح الشخصية والحزبية والقومية والطائفية الضيقة على حساب مصالح عامة الشعب العراقي . وشدد على انه من الضروري quot; أن يعمل الجميع من اجل خدمة الجميع دون تمييز لمذهب أو طائفة أو قومية وان نحب للآخرين ما نحب لأنفسنا ونكره لهم ما نكره لأنفسناquot;. وقال انه لكي لا يصاب المواطن العراقي بالإحباط واليأس فأنه يمكن اختيار مستشارين أكفاء ووكلاء وزارة مؤهلين وأصحاب اختصاص وخبرة ومدراء عامين كذلك ووضع مناهج وزارية واقعية يحاسب على ضوئها الوزير ومسؤولي وزارته .. وقال quot;لابد من اعتماد الحزم في محاسبة الوزارات المقصّرة واتخاذ الإجراءات لمعالجة موضوع الرشوة والفساد المالي والإداري الذي ينخر أجهزة الدولة وتوفير فرص الاستثمار والتأكيد على قدسية العمل وأداء المهام والواجبات على أفضل وجه ووضع حدّ للإجراءات الروتينية المعقدة والبيروقراطية المتفشية في كثير من دوائر الدولةquot;.

الاهتمام بالمدن المقدسة

في سياق آخر وفيما يتعلق بتصاميم التوسعة للمدن المقدسة والأماكن الأثرية في العاصمة بغداد والكاظمية والنجف الاشرف وكربلاء أوضح الشيخ الكربلائي أن المرجعية الدينية العليا تؤكد على ضرورة المحافظة على الطابع التراثي لهذه المدن والأماكن وتوسيعها من اجل توفير الخدمات المطلوبة للزائرين وأداء المهام والنشاطات الفكرية والثقافية والخدمية ومن دون ان يكون ذلك على حساب المحافظة على الطابع التراثي لهذه المدن.

وقال إن المدن القديمة مثل النجف وكربلاء اوالكاظمية والاخرى المقدسة تضم حولها مناطق قديمة تشتمل على أبنية تراثية هي في طبيعة أزقتها وشكل التصميم لأبنيتها تحمل بصمات تراثية فلابد من المحافظة عليها وان يكون توسيعها ضمن حدود الضرورة فقط وبحيث يحافظ على الطابع التراثي . واوضح ان الكثير من أمثال هذه المناطق في جميع دول العالم تعتبر من المحميات التراثية التي لا ترضى تلك الدول بتغيير معالمها التراثية لأنها تحمل تراثاً معمارياً وهندسياً وتؤشر لحضارة تمتد في أعماق التاريخ لذلك البلد وذلك الشعب وكذلك لمدننا المقدسة بمواقعها القديمة تراث هائل من الحضارة والفكر والثقافة quot;فهذه المناطق القديمة تشتمل على أبنية
مدارس دينية وبيوت تحمل بصمات معمارية حضارية وأزقة ذات طابع تراثي تاريخي يذكّر بأحداث تاريخية بهم، فلابد من المحافظة عليها ضمن خطة التوسعة والتجديدquot;.

ودعا الحكومة الى تخصيص الموارد المالية التي تمكن من توفير الخدمات وإنشاء المشاريع التي تصب في تلبية الاحتياجات المختلفة لزائري هذه المدن المقدسة وهم بالملايين وقال quot;نأمل من أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب وأعضاء المجلس أن يعيدوا النظر في التخصيصات الممنوحة في هذا المجال لأنها لا تفي بالحد الأدنى من متطلبات الخدمة والاعمار لهذه العتبات المقدسة . وشدد على ضرورة إنعاش السياحة الدينية بقوله quot;مما لاشك فيه إن الموارد التي يحصل عليها أبناء الشعب العراقي من هذه السياحة الدينية وكذلك الدولة العراقية فيما لو توفرت الخدمات المطلوبة سيكون لها بالغ الأثر في زيادة دخل الشعب وازدهار البلد وتطوره وتقدمه في المجالات كافةquot;.